أين ذهب تعهد بايدن بإسقاط أردوغان .. وهل تم توريط الأخير في كابول؟
هلال عون | كاتب واديب سوري
قبل وصوله إلى سدّة الرئاسة في أمريكا بوقت قليل، تعهد الرئيس الأميركي الحالي جو بايدن، ( في حال فوزه بالرئاسة )، بإسقاط الرئيس التركي رجب طيب أردوغان..
ففي حوار أجرته معه صحيفة “نيويورك تايمز” في شهر آب من العام 2020 وصفه بالمستبد، وتوعد بدعم معارضته حتى يتم إسقاطه، واتهم بايدن نظام أردوغان بتأسيس تنظيم داعش، معربا عن قلقه من وجود 50 رأسا نوويا أميركيا في تركيا، كما تعهد بالعمل مع حلفاء أميركا في المنطقة لعزله
الآن .. وبعد مرور عشرة أشهر فقط على تصريحه السابق ، أي في الشهر السادس من عام 2021 ، وبعد أن أصبح رئيسا للولايات المتحدة الامريكية اجتمع بايدن بأردوغان في بروكسل ، على هامش قمة حلف الناتو ، ووصف اجتماعهما بأنه كان “جيدا للغاية” !!.
فما المستجد في سياسة بايدن .. ولماذا غير رأيه تجاه أردوغان ؟
للإجابة على هذا التساؤل يبدو مفيدا الاستئناس بتصريح لمساعد وزير الخارجية الأمريكية السابق لشؤون الشرق الأوسط، “ديفيد ماك” ،حيث يقول :
” تحتاج أمريكا إلى موقف تركي قوي لمقاومة الضغوط الروسية في أوكرانيا والبحر الأسود والقوقاز” .
وكذلك من المفيد الاطلاع على رأي أستاذ الدراسات الأمنية بجامعة الدفاع الوطني التابعة للبنتاغون “ديفيد دي روش” حول هذا الموضوع ، حيث يقول :
من المرجح أن تلعب تركيا دورا كبيرا في العمليات المستقبلية بأفغانستان مع انسحاب الولايات المتحدة”.
مما سبق يمكن الملاحظة بسهولة أن بايدن غيّر سياسته تجاه مَنْ وصفه ب (راعي الإرهاب والمستبد ) ، ولحس وعده ب (الإطاحة به) ، وذلك مقابل خدمات التزم أردوغان بتنفيذها ، وهي (مقاومة الضغوط الروسية في أوكرانيا والبحر الأسود والقوقاز) .
وكذلك مقابل خدمات تعهّد أردوغان ، من تلقاء نفسه، بتقديمها لأمريكا ، تتعلق بدور تركيا المقبل في “العمليات المستقبلية بأفغانستان مع انسحاب الولايات المتحدة من ذلك البلد “.
وكانت وكالات الأنباء ووسائل الاعلام العالمية ذكرت أن اردوغان وعد بايدن خلال لقاء بروكسل بإرسال قوات تركية لحماية مطار كابول .
وهنا لا بد من التوقف أمام السؤال التالي :
لماذا مطار العاصمة كابول تحديدا .. وما الأهداف غير المعلنة مما اصطُلح على تسميته (حماية مطار كابول بقوات تركية ) ؟!
لا تبدو الإجابة على هذا السؤال صعبةً بعد الاطلاع على تصريحات نقلها موقع “الميادين نت” عن مصادر سورية ، وُصفتْ بالمطلعة، جاء فيها : “أن اجتماعاً عُقد داخل الأراضي التركية بين الجيش التركي والفصائل المسلّحة التابعة له في سورية ، حيث تم الطلب من الفصائل تأمين 2000 عنصر للبدء بتدريبهم تمهيداً لنقلهم إلى أفغانستان، بمرتب شهري يصل إلى 1200 دولار أميركي .. و أن تركيا بدأت كذلك بفتح قنوات مع قوات الإيغور الموجودين في إدلب للعمل على نقلهم ليكونوا تحت إمرتها في أفغانستان” .
ويصبح الهدف الأمريكي التركي أكثر وضوحا مع ملاحظة الدول التي لها حدود مع أفغانستان ( باكستان – إيران – تركمانستان – أوزبكستان -طاجيكستان والصين) .
فإيران والصين مستهدفتان من قبل أمريكا أمنيا واقتصاديا ، وكذلك الدول الملاصقة لروسيا والتي كانت جزءا من الاتحاد السوفييتي بهدف محاصرة روسيا اقتصاديا ، وخلخلة أمنها انطلاقا من الدول المجاورة لها .
لا شك أن روسيا تتابع بدقة ما يحدث في أفغانستان وتعلم الأهداف الخبيثة لأمريكا ، والدور القذر الموكل لتركيا ، ولذلك حذرت روسيا حركةَ طالبان أكثر من مرة خلال الأيام القليلة الماضية ، من تجاوز حدود أفغانستان بعد سيطرة الحركة على مناطق قرب الحدود بين أفغانستان وجمهوريات الاتحاد السوفيتي السابقة.
وفي هذا السياق يأتي كلام مبعوث الرئيس الروسي إلى أفغانستان، زامير كابولوف، الاسبوع الماضي : “إن أي محاولات من جانب طالبان للإضرار بأمن حلفائنا في آسيا الوسطى سيكون ثمنه غاليا”.
كابولوف ، قال ذلك رغم أن “حركة طالبان أعطت موسكو ضمانات بأن أفغانستان لن تتحول إلى قاعدة للهجوم على دول أخرى”.
وقد وعدت الحركة بذلك أثناء زيارة وفد رفيع منها إلى موسكو، يومَي ( 8 و 9 ) من الشهر الجاري.
الصين المستهدَفة امريكيا وتركياً، تتابع التطورات، و تتعاون مع روسيا بقوة، فهي تخشى انضمام الإرهابيين مع منطقة الإيغور، ذاتية الحكم في إقليم شينغيانغ غرب الصين، والتي تطالب منظمات فيها بالانفصال عن الصين رافعة شعارات دينية.
ومن المهم الاشارة إلى ان هناك علاقات عسكرية بين الصين وطالبان ، بالاضافة الى استثمارات لأكثر من مائة شركة صينية بافغانستان .
و الصين تعتبر أفغانستان بلدا مهما لإكمال مشروعها العالمي “حزام واحد طريق واحد”.
وقد طمأنتها طالبان بأنها ” لن تتدخل في قضية الايغور “.
ولكن هل تعتد الصين وروسيا بوعود طالبان ؟!
اعتقد ان الركون إلى تلك الوعود ممكن فقط في حال كانت الحركة قد غيرت او تخلّتْ عن عقيدتها الجهادية.
أما إيران فتتأهب بدورها لتقليص تداعيات الانسحاب والمخططات الامريكية التركية ..
ولهذه الأسباب التقى وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف وفدا من حركة طالبان في طهران ، بدعوة رسمية من الحكومة الإيرانية، حيث تم التأكيد على أهمية الحوار والتفاوض للوصول إلى حل سياسي بين طالبان والحكومة الأفغانية عوضا عن الصراع .
تجدر الاشارة أخيرا إلى أن حركة طالبان حذّرت تركيا من ارسال قواتها إلى كابول ، واعلنت انها ستعتبرها قوات احتلال وستتعامل معها على هذا الأساس .
والسؤال : هل تورط أردوغان بوعده بايدن بإرسال قواته لحماية مطار كابول ، وهل ستنفذ طالبان تهديداتها ضد قوات ، في حال إرسالها .. وهل ستفي طالبان بوعودها لروسيا والصين وإيران ..
والسؤال الأهم هل غيّرت طالبان عقيدتها الجهادية التوسعية ؟