أميركا تواجه واقعاََ جديداََ في الشرق فأصبحَت لا حول ولا قُوَّة
اسماعيل النجار | كاتب وباحث لبناني
ثلاثون عامٍ من الأُحاديَة والغطرَسَة الأميركية كانت كافية لتظهر حقيقة ديمقراطيتهُم وحمايتهم لحقوق الإنسان،
وكانت كافية للأعمى لكي يَرَىَ وللأطرش كي يسمَع وللمجنون كي يَعقَل.
(أميركا هذه) أكبر دولَة كاذبة وإستبدادية ومجرمة بكل ما للكلمة من معنىَ، فهيَ لا تحترم عهودها ولا المواثيق محترمة عندها وتَرَىَ العالم كلهُ مختصراً في مصالحها وفي الكيان الصهيوني الغاصب لفلسطين ولا قيمة لأحد غير ذلك.
خَرَجَت من الإتفاق النووي مع إيران كما يخرج رئيسها من الحمام ولَم تحترم تعهداتها وتوقيعها أو الدُوَل الراعية له ضاربةً بعرض الحائط عَظَمَة الدُوَل ألتي رعَتهُ لإثني عشر عام قبل إقراره رسمياً والتوقيع عليه،
واليوم تشترط على الجمهورية الإسلامية العودَة والإلتزام بهِ قبل أن تُحَرِّك أقدامها بإتجاهه،
لكن المفاجئة كانت عندما أدرَكَ الرئيس بايدن أن دخول الحمَّام لا يشبه الخروج منه، وأن العودة إلى الأتفاق مُثقَلة بشروط فارسية قاسية، وعليه دفع التعويضات لإيران في أقل تقدير؟
وكانَ قد سبقَ الرفض الإيراني هذا إزدياد حركة التطوير داخل مفاعلات آراك وفَردو وزيادة عدد أجهزة الطرد المركزي ومنذ أكثر من عام،
بالإضافة إلى توقيع إتفاقية إستراتيجية مع الصين طويلَة الأمَد وسط تصفيق روسي وكوري شمالي والبعض من دوَل العالم.
العالم يسير بإتجاه بعيد عن بوصلة جو بايدن وهو داخل البيت الأبيض يدور حول نفسه كما تدور الشمس، فهوَ لا عاد إلى الإتفاق النووي،
ولا أتخذَ قراراً مصيرياً بالنسبة لحرب اليَمَن الذي إنتصرَ فيها ألحوثي وقلب المعادلَة وأصبحت كل تفاصيل الميدان لصالحهِ،
[ولا حققَ أي تقدم على المسار الفلسطيني،
ولا يعرف ماذا سيفعل في سوريا بعد الإنسحاب من أفغانستان،
وخصوصاََ بعدما سيطر جيش الرئيس الأسد على أكثر من تسعين في المئة من أراضي بلاده وضمها إلى حُضن الشرعيَة،
روسيا بدورها تفاوض واشنطن في هلسنكي
وقضايا دولية عِدَّة موضوعه على الطاولة تحتاج الى نقاش، لكن الموضوع اليمني يشكل طربونة اللقاءآت، وقضية الأكراد في سوريا تأتي في المرتبة الثانية،
أما الصين الهادئة جداََ بتعاملها مع الولايات المتحدة، لا تستفزها التصريحات الأميركية ولا التهديدات، أو أي خطوات عقابية على الأرض،
التنين الصيني الذي أصبحَ الإمساك بهِ او لجمه من المستحيلات يمتلك اليوم القدرة والأرضية للرَد على واشنطن في كل الميادين.
من هنا يخرج سؤال وجيه على الشفاه كيفَ يريد بايدن أن يطفئ كل النيران التي أشعلتها إدارات أسلافه السابقة؟
وماذا إستفادت أميركا من كل تلك النزاعات السياسية التي صنعوها؟
[ المراقبون السياسيون بدأوا يلحظون تخبطاً أميركياً وعدم إستقرار نمطي في العمل السياسي وإتخاذ القرارات وهذا أمر يشير إلى رغبتها في التخريب أكثر من البناء لأن طبيعة هذه الدولة تآمري إجرامي فلن يتغيَّر.
**أيضاََ نستطيع القَول أن واشنطن أصبحت اليوم على شفير ألهاوية والإنحدار السياسي، وأن إدارتها غير قابلة للتأقلُم مع المتغيرات الجذرية في غرب ووسط آسيا ولا ترغب بأن تغير من سلوكها العدواني إتجاه الشعوب لتمسكها بسياسة الرغبة الإسرائيلية،
الجمهورية الإسلامية الإيرانية أصبَحت رغم أنف الولايات المتحدة الأميركية سيدة ضِفَتَي الخليج،
واليَمَن سيصبح كرباج المنطقة، وسوريا عبرت الخطر وتجاوزت الإمتحان، ولبنان أوقفَ عدُوَته على قدمٍ واحدة، وبلاد الرافدين تتعافى.
فماذا تستطيع أن تفعل أميركا وإسرائيل بعدما قُطِعَ الأمل لديهما من ترويض لبنان وكسر سوريا وتمزيق العراق واحتلال اليمن؟
بقيَ الحل الوحيد هو الإنسحاب من المنطقة، وعلى ربيبتها إسرائيل أن تُدَبِر رأسها لأن مواجهة التمدد الصيني هيَ الأهم والأولَىَ.