كاتب مصري: الأسد لم يدافع عن سورية فقط بل عن شرف وكرامة الامة العربية
تقوم الدول العربية وخاصة مصر والعراق بالتنسيق لعودة سورية إلى مقعدها في الجامعة العربية، فيما لا يبدو واضحا بأن تتغير مواقف بعض الدول العربية وخاصة الخليجية تجاه دمشق.
في ذات الوقت نشهد تطورا ملحوظا بالعلاقات المصرية السورية، وهي علاقات لم تنقطع على مدار الحرب السورية خلال عشر سنوات، لكنها كانت محدودة او ربما علاقات بعيدة عن الأضواء الدبلوماسية.
فهل نشهد تغيرا بمواقف بعض الدول العربية في الفترة القادمة تجاه سورية؟
وهل تعود العلاقات الدبلوماسية ما بين سورية و مصر إلى سابق عهدها ويتم فيما بينهما التبادل والتمثيل الدبلوماسي؟
ولا سيما أن مصر قبلت مؤخرا مبادرة تركية لإعادة الاتصالات معها، فيما تعتبر تركيا داعم أساسي للإرهاب في سورية, إلى جانب الولايات الامريكية المتحدة، فهل تقبل مصر بعودة العلاقات مع تركيا إلى سابق عهدها؟
ولماذا في هذا التوقيت الذي تمعن فيه واشنطن بمواصلة إرهابها في سورية وسرقة ثرواتها وسيطرتها على محاصيلها في الشرق، بمحاولة ضغط كبير على الشعب السوري، بتجويعه وحرمانه من ثرواته المهمة ” النفط والغاز” والتي تعد عصب الحياة.
سورية دولة صمدت بوجه مؤامرة دولية كبيرة، وتمكنت من تحقيق النصر سواء عسكريا او سياسيا ودبلوماسيا فكيف ستتعامل سورية مع هذا الضغط الاقتصادي الأمريكي، المتمثل بقانون قيصر عدا عن السيطرة على مواطن الثروات والمحاصيل في الشرق؟
وهل سيكون لهذه التصرفات الامريكية دورا مؤثرا على الاستحقاق السوري القادم خلال أيام؟
خاص المراقب – حوار حسين المير
يستضيف موقع المراقب الدكتور محمد سيد احمد – كاتب وباحث مصري، للإجابة عن هذه التساؤلات كلها وشرح مضامينها و إيضاحها، بما توحيه ظروف هذه المرحلة الدقيقة التي تمر فيها سورية، التي أعلنت انتصاراتها العسكرية والسياسية فضلا عن الصمود بوجه العقوبات الاقتصادية الكبيرة المفروضة عليها والتي أضرت بكامل الشعب السوري.
الدكتور محمد سيد احمد قال أن جهودا عربية كبيرة تبذل لعودة سوريا إلى مقعدها في جامعة الدول العربية، وهو امر مهم لكن الأهم منه هو عودة الجامعة العربية لدورها العروبي الذي افتقدته سوريا وغيرها من الدول العربية التي تعاني ويلات الحرب والشقاق والتدخل الأجنبي بشؤونها الداخلية.
هل تتغير مواقف الدول العربية بعودة سوريا إلى الجامعة العربية
انتصرت سورية بحربها الكونية التي تخوضها دفاعا عنها وعن عروبة العرب جميعا، وانكشفت المؤامرة المحاكة ضدها.
كما انكشفت الأطراف المشاركة فيها، والتي نجد بينها طرفا عربيا انغمس في المؤامرة، وهو الدول الخليجية التي مولت الحرب الإرهابية الكونية على سوريا، وهو دور قامت به كلا من ” السعودية والإمارات, قطر”، وكانت أدوار هذه الدول تنفيذا لأوامر الأمريكي والصهيوني.
بالنسبة لعودة سورية إلى مقعدها في الجامعة العربية، فلا أرى أن هذا هو المهم، المهم هو عودة الجامعة العربية إلى عروبتها وقيامها بدورها العروبي، الذي تريده سوريا منها، سورية التي تعتبر أخر معاقل العروبة العربية، وأخر حصن يتحصن به الشعب العربي في مواجهة الاطماع الاستعمارية الغربية.
المهم هو أن تعود الجامعة العربية للقيام بدورها الحقيقي في القضايا العربية, وقضايا الدفاع العربي المشترك, والدفاع عن القضايا العربية وحل المشكلات والأزمات العربية، لا أن تقف متفرجة.
اليوم نرى أن الجامعة العربية قد تورطت في سورية، كما تورطت في ليبيا واليمن، تورطت بمواقفها وبالتالي حتى لو عادت سورية إلى مقعدها في الجامعة قريبا، فإن هذا لن يغير مواقف بعض الدول العربية تغيير جذري وخاصة الخليجية التي مولت الإرهاب في سوريا.
والدليل هو تصريحات وزيري خارجية الإمارات والسعودية قبل أيام حين تحدثا عن عودة سوريا إلى الجامعة العربية، ورأينا كيف ربطا عودة سورية إلى الجامعة بــ رفع العقوبات الاقتصادية المتمثلة بقانون قيصر، أي أنهما لابد أن يأخذوا إشارة عودة سوريا من سيدهم الأمريكي.
هذه هي المشكلة في عودة سوريا إلى الجامعة، وارى أن الجامعة العربية لم يعد لها دور حقيقي، بالعكس هي تقوم بدور مناقض لميثاق الجامعة وعكس الهدف الذي أنشئت من اجله.
هل ستعود العلاقات المصرية السورية الدبلوماسية؟
العلاقات المصرية السورية لم تنقطع يوما، منذ بداية الاحداث في مصر وسوريا مطلع 2011، و كان التنسيق الأمني على أعلى مستوى وكلا القيادتين تعلمان حجم المؤامرة على كل دولة منهما.
لذلك كان هنالك أعذار لدى القيادتين، فتمت إدارة الملفات المشتركة بينهما بشكل سري بعيدا عن الرأي العام، وبعيدا عن المواقف المعلنة.
وهذا الكلام اكيد لأني شخصيا و منذ اليوم الأول للأحداث في سوريا, كنت متواجدا فيها من خلال زيارات شبه شهرية، وأتذكر أن أول لقاء مع الرئيس السوري بشار الأسد في مطلع 2012 عندما كان المجلس العسكري هو الذي يحكم في مصر بتلك الفترة
حينها سالت سؤالا مباشرا للرئيس الأسد هل هناك علاقات مع قيادة المجلس العسكري في مصر؟
فأكد الأسد لي أمام الوفد المصري انه يوجد علاقات مباشرة وتنسيق أمني مع قيادات المجلس العسكري حينها، وكان هذا مؤشر حقيقي أن العلاقات موجودة عكس ما يبدو ظاهريا.
كما انني في أواخر عام 2013 و بعد الإطاحة بالإخوان المسلمين و محمد مرسي من سدة الحكم في مصر, و الذي اعلن قطع العلاقات مع سوريا حينها، وخلال زيارة إلى دمشق أعدت السؤال على الرئيس بشار الأسد عن العلاقات المصرية السورية ولاحظ الاسد اني أكرر نفس السؤال فابتسم وقال ردا على السؤال بالفعل يوجد قنوات اتصال مع القيادة السياسية في مصر.
وسالته هل هناك علاقات مع الفريق أول وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي ؟
فأكد الاسد انه يوجد قنوات اتصال مع مصر وقال أن وفدا أمنيا مصريا رفيع المستوى يزور دمشق الآن بالتزامن مع زيارتنا إلى دمشق.
وهذا يؤكد ان التنسيق السياسي والأمني لم ينقطع بين سوريا ومصر، لكنه بقي بعيدا عن الرأي العام، و عن القوى الغربية التي خططت للشرق الأوسط الجديد.
ونحن نعلم ان الضغوط العربية والغربية على مصر كانت كبيرة جدا وسوريا بقيادتها السياسية قدرت هذه الضغوط، واستمرت العلاقات بين البلدين بشكل غير معلن حتى عام 2016، حيث بدأ الإعلان عن الزيارات مثل زيارة علي مملوك إلى مصر، وهذا يؤكد أيضا أن العلاقات المصرية السورية كانت و مازالت وستبقى مستمرة، مع تطلعاتنا لعودة الوحدة واحلامها.
العلاقات المصرية التركية لن تعود
عودة العلاقات المصرية التركية صعبة للغاية ، نحن نعلم أن تركيا كانت يدا بيد بالمشروع الامبريالي الغربي، والمشروع الصهيوني الأمريكي، لتفتيت الوطن العربي وتقسيمه، وتركيا استهدفت مصر بشكل كبير، بتطبيق نموذجها الإخواني الإرهابي فيها، وذلك من خلال مساعدة واشنطن بدعهما للإخوان المسلمين الإرهابيين في مصر، وخاصة في عهد محمد مرسي.
ثم شاهدنا التحول الدراماتيكي في العلاقات المصرية التركية بعد الإطاحة بحكم الإخوان، تركيا لم تعترف بالثورة الشعبية التي طالبت برحيل مرسي وجماعته الإرهابية، وفتحت المنصات السياسية والإعلامية لمهاجمة مصر، ورأينا على مدار السنوات الثمانية الماضية، كيف كانت تركيا احدى المنصات الداعمة للإرهاب وتمويله في سيناء.
كما لعبت تركيا دوارا في قضية حوض النيل ، ولها دور في ازمة سد النهضة، ولها دور في دعم الإرهاب ونقله الى ليبيا وتمويله، بالإضافة إلى عقدها اتفاقات تضر بدول البحر المتوسط.
وتقوم تركيا لإعادة العلاقات مع مصر في هذا التوقيت لأنها تريد الحصول على حصة من ثروات البحر المتوسط ” الغاز والنقط” وهي تحاول ان تجد لنفسها موطئ قدم مع مصر بشكل خاص لكن العودة ليست سهلة ولمصر شروطها لتحقيق هذه العودة وهي:
– توقف تركيا عن مشروعها العدواني ضد مصر.
– ان تنهي تركيا دعم الإرهاب والإرهابيين.
– ان ترفع تركيا يدها عن ليبيا وتسحب قواتها وارهابيها منها
– أن ترفع يدها عن العراق وسوريا وتخرج من الأراضي المحتلة في سوريا
ومع ذلك أرى أن عودة العلاقات صعبة وان عادت لن تكون كسابق عهدها .
كيف ستتعامل سوريا مع الإرهاب الأمريكي على أراضيها
الولايات المتحدة هي الأصيل بالحرب على سوريا، ولم يعد خافيا على احد ان واشنطن تهدف إلى الحفاظ على أمن العدو الصهيوني ، الذي لا يمكن ان يعيش بأمان بوجود الجيش العربي السوري، لذلك تعمل واشنطن على تقويض دعائم الجيش السوري كما فعلت مع الجيش العراقي عند غزو العراق بـ 2003.
“بن غوريون قال عشية اعلان الكيان الإسرائيلي 1948 انه لا يمكن ان تعيش إسرائيل بامان بظل وجود ثلاثة جيوش هي ” الجيش المصري – و الجيش العراقي – والجيش السوري” والجيش السوري هو الذي يقلق العدو الصهيوني، و واشنطن تعمل على تقويضه”.
من جهة أخرى تعمل الولايات المتحدة على مشروع تقسيم وتفتيت سورية، وهو جزء من مشروع الشرق الأوسط الجديد، من خلال الورقة المذهبية والطائفية التي اعتقدت أنها ستسهم بتفجير المجتمع وإتمام المشروع وتفتيت سوريا.
وذلك من خلال استخدام الجماعات التكفيرية والإرهابية في سوريا, لكن المشروع فشل بفضل صمود الشعب السوري و صلابة الجيش السوري وبسالة القائد السوري بشار الأسد .
وما ساهم أيضا بصمود سوريا هو التحالفات السياسية التي قامت بها سوريا ممثلة بـ “محور المقاومة” على المستوى الإقليمي الاستراتيجي، والتحالف مع روسيا على المستوى الدولي، هذا منع سقوطها و منحها قوة بالمواجهة.
لذلك لم يبق امام واشنطن إلا ورقة العقوبات الاقتصادية عبر ” قانون قيصر”, حيث عملت مع جماعاتها التكفيرية والإرهابية والاكراد الموالين لها على السيطرة على منابع النفط السوري وآباره.
بالإضافة إلى السيطرة على أراضي الجزيرة السورية، التي تعد أرضي خصبة وزراعية وهي منطقة الاكتفاء الذاتي لسوريا، فعملت واشنطن على الاستيلاء على المحاصيل وخاصة القمح من خلال الوكلاء الخارجين على شرعية الدولة السورية لتجويع الشعب السوري و هزيمته.
لكن سوريا انتصرت بصمود شعبها ووعيه وحققت الانتصارات، الامر الذي أظهر أن أمريكا هي صاحبة المشروع الأصيل على سوريا والعدو الحقيقي في هذه الحرب، والدليل ما يحدث منذ عامين من عمليات استيلاء كامل على النفط السوري والمقدر بــ 5 مليار دولار سنويا بالإضافة إلى المحاصيل الأساسية من الجزيرة السورية.
لكن سوريا في النهاية ستتمكن من الانتصار على العقوبات الاقتصادية كما نجحت بكف منابع الإرهاب ومحاربته.
الاستحقاق السوري نصر ساحق وصفعة للغرب
سورية أثبتت خلال العشر السنوات الماضية انها دولة قوية، استطاعت ان تدير الحرب الكونية عليها بكفاءة وقوة، وهي معركة طويلة كما قال الرئيس بشار الأسد، وقال أيضا هي على شقين :
عسكري ميداني: فالجيش لن يتخلى عن سلاحه وهدفه القضاء على الإرهاب والجماعات التكفيرية في سورية.
وسياسي : فقد أكد الرئيس الأسد أن سوريا لن تطرق طاولة المفاوضات وستخوض المفاوضات بشكل مباشر عبر ممثليها الدبلوماسيين او الحلفاء، ورأينا انتصارات بشار الجعفري في المحافل الدولية في هذا المجال.
وحققت سوريا النجاح على المستويين وأثبتت للعالم كله أن هناك مؤامرة عليها، لذلك عملت الجهات العدوانية على استغلال الورقة الأخيرة لإضعاف سورية وهي الحصار الاقتصادي، لمنع الوصول للاستحقاق الرئاسي الذي سيتم بعد أيام, وحاولوا تعطيل هذا المسار لأنهم يعلمون أن الأسد هو الشوكة الواقفة في وجه مشروعهم الاستعماري في المنطقة، لذلك يريدون استبعاد الأسد بأي شكل.
لكنهم فشلوا بتحقيق ذلك وأعلنت سوريا فتح باب الترشح وتلقي المرشحين لمنصب الرئاسة لخوض الانتخابات و هي صفعة قوية على وجه القوى العدوانية منها تركيا و أمريكا وإسرائيل و لكل القوى العدوانية التي قادت الحرب على سوريا.
وسيقول السوريون كلمتهم وينتخبوا الأسد باعتباره زعيما للامة العربية بكاملها وليس فقط لسوريا، فقد اثبت قدرته وزعامته على قيادة هذه الامة بشكل حقيقي من خلال إدارة الحرب الكونية على بلاده ، ولم يخض الأسد هذه الحرب دفاعا عن سوريا فقط، بل خاضها دفاعا عن شرف وكرامة الامة العربية من المحيط الى الخليج، وهذا الانتصار ليس سوريا فقط، بل عربيا لأنه اجهاض لمشروع الشرق الأوسط الجديد.
ولولا الجيش العربي السوري وقوته وشجاعته، و بسالته مع الجيش المصري ما كان لهذا المشروع ان يجهض بل كان سيحقق مآربه …
” تحية للأسد والشعب السوري لصموده الأسطوري وتحية تحية تحية للجيش الأول الجيش العربي السوري الذي خاض هذه الحرب ببسالة والذي قدم الاف الشهداء الذين سيخلدهم التاريخ واعتقد هذه الحرب ستدرس في الاكاديميات العسكرية في العالم لنجاح الجيش السوري بانتصار باهر على جماعات تكفيرية وارهابية في حرب شوارع وعصابات”.
وفي أيار سنقول كلمة وفاء للقائد بشار الاسد باستمراره للحفاظ على وحدة سوريا والحفاظ على كرامة وشرف الوطن العربي بأكمله.