الصيغة الحكومية 12 اقطاب و12 من اهل الاختصاص..او لبنان لبنانات
مفيد سرحال | كاتب وباحث لبناني
لا يجد الفاحص لسيرة النظام السياسي في لبنان سوى انموذج” هجين” لا يمت للدولة العصرية بصلة،حيث الديمقراطية خديعة والوفاق سيل جارف من النفاق (الوحدوي) وصندوق الاقتراع تزيين للكذبة وعرض فاشل لمسرحية هزلية.
والقول بالدولة العصرية يعني نظاما”تمثيليا مؤسسيا” ونظاما”رقابيا” شعبيا” يمارسان الاحتساب القانوني والدستوري عليها للحد من الاعتساف والطغيان على المجتمع والناس.
اما الديمقراطية اللبنانية الموسومة ب (الفرادة) فهي محصلة تلقائية للبنية الطائفية ولم تكن في يوم من الايام ثمرة تطور مجتمعي تاريخي.
والطوائف في لبنان كيانات اجتماعية مستقلة قائمة بذاتها لذاتها تعمد الدولة وظيفيا ” الى رسم الهيكل السلمي لتعايشها ما يجعل هوية الجماعة الطائفية متقدمة على الهوية الوطنية اذا لم نقل تعمل على مسخها لا بل مسحها كانعكاس واقعي ملموس لمجتمع تعددي طائفي .
وبالتالي لا نغالي اذا قلنا ان الوطن كونفدرالية طوائف والمواطنون رعايا في جماعات طائفية.
ومن بديهيات النظام الديمقراطي قيام اكثرية تحكم واقلية تعارض بعد فرز نتائج العملية الانتخابية غير ان لبنان (الفريد) بديمقراطيته يحول دون اتاحة الفرصة لحكم الاكثرية لصالح توافقية تنسف كل الاصول الديمقراطية والنصوص الدستورية وتكرس الاعراف والتفاهمات في احلال قسري محل القوانين .
اليوم نحن في لبنان امام مشهد تتجلى فيه كل اعطاب النظام السياسي القائم واستعصاءاته حيث الاكثرية النيابية عاجزة ان تحكم مراعاة للتركيبة التي تجوف الاكثريات وتعطي الفرص للتسويات والتوافقات وهذه معضلة جرت على لبنان الويل وعطلت فرص تطوير النظام السياسي نحو دولة المواطنة والحكم الرشيد لصالح دويلات الطوائف المتزاحمة على السلطة بشراهة لاستحواذ اكبر قدر من المصالح والنفوذ للجماعة ،وهذا ما اسس لنظام الفساد وتناتش مؤسسات الدولة وتحويلها الى عقارات طوائفية تتملكها الانانية وحب السيطرة والتفرد .
اما فيما خص الواقع الراهن فان النفور القائم بين رئيس الحكومة ورئيس الجمهورية في مسألة تشكيل الحكومة على وقع انهيار البلد اقتصادا وعملة وتحلل الدولة واهتراء المؤسسات ،يعيد استحضار العلل المستحكمة بمفاصل اشتغال السلطة وتماهي المحلي بالخارجي وتضارب الصلاحيات وانعدام الثقة بين المسؤولين المتربصين بعضهم ببعض في تعايش هش متهالك.
ازاء ذلك تنشغل المطابخ باعداد الطبخة الحكومية لاستنقاذ ما يمكن استنقاذه من بلد فقد وظيفته وتهاوت مرتكزاته الاقتصادية الوجودية خاصة المرفأ المدمر والمصارف الخاوية .
وفي آخر المعلومات المتوافرة فان صيغة ال24 جرى تثبيتها على ان توزع المقاعد بالتساوي بين الطوائف 12/12 وفق الآلية التالية:12 وزيرا من اهل الاختصاص توافق وتبصم على تسميتهم فرنسا وهم اقرب لهيئات المجتمع المدني و 12 وزيرا”من الاقطاب اي الصف الاول يستثنى منها الرئيس بري وسماحة السيد حسن نصرالله الاول بحكم موقعه كرئيس للمجلس وسماحة السيد لاسباب امنية فينوب عنهما شخصيتان من الصف الاول.
ان هذه الخلطة الحكومية حسب المصادر عينها تضع الجميع امام مسؤولياتهم فيتنكب المسؤولية الأصلاء بدل تحريك الوكلاء بالخيوط الرقيقة من القصور والصالونات نظرا لحراجة الوضع السياسي وقتامة الاوضاع الاقتصادية والمخاطر الجمة التي تحيق بالكيان اللبناني ، وتعطي الفرنسيين كقوة سياسية راعية وضامنة حرية الحركة في الوزارات ذات الاختصاص لاضفاء الشفافية والصدقية على عملها لاسيما الخدماتية منها وفي طليعتها الطاقة والاتصالات.
يبدو ان هذه التركيبة تؤكد جهات مطلعة انها ستكون المدماك الاول في عملية النهوض بالبلد ووضع اسس تطوير وتعديل تركيبة النظام السياسي اللبناني بمظلة فرنسية حيث تتوج مئوية لبنان الكبير بانتقال هادئ هادف الى نظام حكم جديد يبدد الغموض الذي يكتنف بعض مواد الطائف وتفسيراته الملتبسة ويدفع باتجاه صيغة جديدة اكثر ملاءمة لروح العصر لان النظام الطائفي المركب المغلق على الازمات البنيوية قاد لبنان الى الدمار والانسحاق الكلي كونه ليس مصنعا”للصراعات التي تتجدد وتتمدد كلما اهتز الاقليم وحسب بل توليفته القائمة على الحصص والفساد والنهب المشرعن تحت مسمى الهدر وهو بالحقيقة سرقة موصوفة شكلت الضربة القاصمة لماليته وعافيته الاقتصادية.
وتقول المصادر ان هذه التوليفة المزمعة يجري اعدادها بتؤدة وداخل الغرف المغلقة لانضاجها وتسويقها كحل مرتجى لان خلاف ذلك فوضى وتفلت امني و تحلل حتمي للكيان الى لبنانات.