بين فخامة التأليف ودولة المكلّف ضاع البلد.
د.عمران زهوي | كاتب وباحث سياسي
الجلسة الثامنة عشر كانت القشة التي قصمت ظهر البعير ، مائة يوم بين التكليف والتأليف،وبين فخامة الدستور والتجاذب الداخلي والضغط الخارجي بالاملاءات والشخصنة واللامبالاة ليس بالجمهورية فقط وانما بمن يقطن فيها ويسمون مواطنين .
تناحر وتشابك على مقعد هنا وحقيبة هناك والحقيقة اعمق من ذلك.
فلنبدأ بالسؤال الاهم والفيصل هل تقبل السعودية وامريكا ان يشارك الحزب بالحكومة ام لا؟
حسب كل المعطيات وحركة الحريري اذ زار كل الاقطار حتى ظننا انه سيزور جزر (الماو الماو ) الا الرياض،دليل على انه لا ضوء اخضر سعودي امريكي ، ولا المبادرات : من الفرنسيين ( والتي ستتخذ بالقريب العاجل شكل العقوبات على السياسيين كورقه ضغط)،الى البطريركية،ومن الرئيس بري(ملك تدوير الزوايا والخروج من الازمات ) الى اللواء ابراهيم. كلها مساعي باءت بالفشل والاسباب معروفه ومنها: اعتقاد الحريري ان التسوية انتهت ولا يريد ان يكون في مقابله جبران بل الرئيس عون،على قاعدة رئيس مقابل رئيس ! فالاعتذار مقابل الاستقالة! فهل كانت محاولة استباقية لاغلاق الطريق على ميقاتي وطرحة (6سياسيين و 14 تكنوقراط) ام هي تصفية حسابات بين من كان من الاول لا يريد عون في سدة الرئاسة وهو الرئيس بري !
وهو الذي دعم ترشيح الحريري وبقوة وبانت الامور عندما سمته كتل لم يكن يعترف بوجودها الحريري واخرون لم يلتقي معهم يوما في السياسة.
ام ان هناك تقاطع مصالح واجندات للضغط اكتر على الوضع الداخلي بامر خارجي جعل منه البطل الذي استقال وشكل مرتين، في ظل العهد القوي الذي لم نرَ من قوته سوى التناحر والمحاصصة والفساد وانتهاك الدستور والقوانين من الجميع دون استثناء.
لبنان تحكمه شريعة العرف والتوافق والتحاصص ولو كان ذلك على حساب البلد والمواطن.لا يختلف اثنان ممن يعرفون الجنرال عون بانه كان كما اكثر اللبنانيين يعولون على محاربة ومحاسبة الفساد ولكنه من المستغرب اصطدامه باقرب حائط ومطب من داخل البيت الواحد ! فتارةً اجلنا تشكيل الحكومة كرمى للصهر وطوراً كما يشتهي الصهر،، وهذه حقيقه التوريث السياسي في لبنان .
لن اخوض كثيرا في المستنقع الداخلي لانهم ” سيستم ” فاسد مع المصرف والمصارف الذين اوصلوا البلاد الم ما وصلت اليه ، ولكن لن ننسى ان هناك مطالب واهمها ترسيم الحدود،والتطبيع،بالاضافه الى الصواريخ الدقيقة وكل ذلك من اجل حماية الكيان الصهيوني، وكم دفعت امريكا وبعض الانظمة العربية للوصول لكل ذلك .
اليوم الغموض يسود ملف الترسيم؟! لانه خشبة الخلاص لهذا الوضع المزري والانهيار الذي لم نشهد له مثيل حتى ايام الحرب الاهلية! لذلك طارت شرايين البلد الحيوية من مصارف ومرفأ وبقي الجيش لغاية اليوم !؟.
منذ بداية الازمة لم نرَ حلاً واحداً إن كان على صعيد وقف الانهيار المالي والسرقة الممنهجة لاموال المودعين من قبل ” السيستم ” والمصرف والمصارف،لا بل لم يكن ينقص معزوفة الفساد سوى تخاذل نواب الامة المنتخبين المسؤولين عن التشريع فبدل ان يحموا اموال ومدخرات من انتخبهم راحوا يشرعون للحاكم و ” للسيستم ” سرقاتهم ، اذ بدل ان يقوموا فورا منذ اول يوم باقرار قانون ” capital control ” لكي لا تقوم السلطة السياسية والمصارف والمصرف بتهريب الاموال ، وقوانين محاسبة الفاسدين واستعاده الاموال المنهوبة ،لا بل لعبوا دور المتفرج وامعنوا بتنفيذ اوامر زعماءهم ، حتى وصلت بهم الوقاحة وابداعاتهم تشريع الاستدانة مرة اخرى .
والادهى هو اعطاءه اموال القروض للحاكم بالدولار 546 مليون والذي بدوره سيعطيها للشعب على سعر (6240 ل.ل) اي سربح الحاكم اكثر من نصف المبلغ لان سعر الصرف تجاوز ال 14000 الف ليرة (وهذا يجب ان يوضع في خانة الخيانة العظمى لانهم خانوا التوكيل المعطى لهم من الشعب )!
واما عن وزراء الحكومة المستقيلة فحدث ولا حرج قرارات اقل ما يقال عنها جنونيه وغير مدروسة بدءاً بوزير الاقتصاد وليس انتهاءاً بوزير المال . مخالفين فيها قوانين ودراسات وابسط الحلول التي ممكن ان تخرج البلاد من ازمته او اقلها توقف الانهيار ، فكان الاجدى ان تاخذ الحكومة قرار بعدم الدعم نهائياً واعطاء بطاقات تمويليه بعملة رقمية للمواطنين ، ليصار الى عدم هدر اموال الخزينة(وهي اموال المودعين) وايقاف طبع المال الذي سيزيد من افلاس البلد وانهيار العملة اكثر،وايضا لعدم زيادة ثروات التجار والمهربين وعدم استفادة الاجنبي من هذا الدعم لان الاجنبي لديه جهات ممولة وداعمة له.
لن ينتهي الكلام والتفصيل عما جرى ويجري من منظومة فاسدة كانت تحكم وما زالت على مر عشرات السنوات ولكن المستغرب انهم لا يكترثون بان كل التقارير تتحدث عن زوال لبنان، لا بل وكانهم يعيشون في كوكب اخر مازالوا يتبجحون ويشتبكون فيما بينهم على حصة هنا ومقعد هناك .
اهدروا اكثر من 8 مليارات خلال سنه ونصف بالوقت كان بامكانهم ان يدفعوا فقط 1.6 مليار ويبنوا معامل كهرباء ويصبح في لبنان كهرباء 24/24 ويتوقف النزف والهدر الاكبر والذي فاق لغاية اليوم 50 مليار دولار وكله من جيب المواطن والخزينة !
اتقوا الله وعودوا الى ما تبقى من ضمائركم (إن وجدت )وانقذوا ما تبقى من كرامة المواطن وسمعة لبنان،وفي نهاية المطاف الله الله في المؤسسة العسكرية(الجيش) التي نثق بها والا على لبنان واللبنانيين وعليكم انتم قبلهم السلام،قبل الغرق في بحر من الدم، والله اعلم الا اين ممكن ان نصل.
حمى الله لبنان من سياسييه ، آملين ان يستيقظ الشعب