جنبلاط قال كلمته بمبادرة شخصية والحريري مُمتَعِض .
فادي عيد | كاتب لبناني .
لا زالت أصداء زيارة رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط إلى بعبدا تتفاعل بين مرحّب بها، وآخرين اعتبروها أنها أعادت تعويم رئيس الجمهورية ميشال عون، في ظل ما يعانيه العهد من أزمات، كذلك، ووفق المعلومات، ينقل أحد المقرّبين جداً من بيت الوسط، أن الرئيس سعد الحريري تفاجأ بالزيارة وبكلام جنبلاط، وكان غاضباً، ولكنه في الوقت عينه عمّم على نوابه وقياديي تيار «المستقبل» بعدم الدخول في مساجلات أو ردود مع مناصري ومحازبي الحزب التقدمي الإشتراكي لأن الوضع دقيق ويحرص على استمرار التواصل معه، وإن كان هناك أستياءً لكل ما جرى في الآونة الأخيرة.
في هذا الإطار، تكشف مصادر سياسية عليمة، أن جنبلاط لم يدخل في تحالف مع العهد أو مع «التيار الوطني الحر»، أو أنه بصدد تغيير مواقفه أو ثوابته، ولكن، وبعدما وصل البلد إلى الإنهيار، وما ينذر لاحقاً بمخاوف أكثر بكثير، ارتأى زعيم المختارة، وبمبادرة شخصية منه أن تشكل حكومة ضمن تسوية شاملة، دون النظر لعدد الوزراء، وهذا جُلّ ما فعله، وبمعنى أنه لم يتلقَّ أي إملاءات من هذه الدولة أوتلك، ولكن وفق المتابعين لحراكه، فإن «الزَعَل» لدى الرئيس الحريري قائم، وبالتالي، العلاقة تبدّلت،إضافة إلى استفسارات من بعض السفراء الخليجيين والعرب، بحيث غمز جنبلاط من قناة السعودية وغيرها بأن سفراءهم ليسوا في وارد أن يفعلوا شيئاً للبنان، ما يدلّ على بعض المتغيّرات لدى المختارة قد تقدم عليها في هذه المرحلة، وذلك بناء على ما التقطته من أجواء المنطقة وعواصم القرار، أي هل عاد جنبلاط إلى علاقاته مع حزب الله كما كانت في التسعينات وحتى الألفين، أم ثمة تنظيم خلاف وتنسيق حول أمن واستقرار الجبل والساحل، أو تلاقٍ بينهما حول تشكيل الحكومة وملفات داخلية تجمعهما، وفي المحصلة يتّفقان حولها، وهذا ما يواكبه النائب السابق غازي العريضي مع قيادة حزب الله، وحيث كانت قد حصلت لقاءات سابقة في منزله، فالسؤال هل تعاوَد هذه اللقاءات؟ أم أن رئيس الحزب الإشتراكي يعمل على تمرير هذه المرحلة التي تشكل له هواجس أمنية واقتصادية واجتماعية، وربطاً بقلقه الدائم حول جائحة كورونا.
فيما البعض يؤكد، وفق المصادر نفسها، بأن تواصل جنبلاط المستمر مع نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف، والإتصال الأخير بينهما، وربطاً بنتائج زيارة وفد حزب الله إلى موسكو، فكل ذلك قد يكون دفع بجنبلاط إلى سلوك هذا النهج الحالي على خلفية هذه التحوّلات التي حصلت من موسكو إلى بيروت، وإن كانت كلفتها كبيرة على صعيد عدم قبولها من غالبية محازبيه ومناصريه وحلفائه، وفي طليعتهم الرئيس سعد الحريري والأمر عينه مع الخليج الذي يخوض صراعاً مع إيران وحلفائها.
وأخيراً، وإزاء هذه الأجواء والتطورات، عُلم أن رئيس الإشتراكي، تواصل بعيداً عن الإعلام مع بعض القوى السياسية الحليفة والصديقة، موضحاً مبادرته أو رأيه الشخصي للخروج من هذا المستنقع، وبالتالي، أن من سيكون ممثّله في الحكومة، وهو غير حزبي، بات معروفاً وأودعه للرئيس المكلّف، وكذلك، لا يمانع بأن يكون هناك درزي ثانٍ مقرّب من النائب طلال إرسلان، وإن كان يتوقع النتيجة الحالية، ويعلم علم اليقين صعوبة المرحلة، وبالتالي، استحالة تشكيل حكومة إلا في حال حصول تسوية مدعومة خارجياً تُفرَض على المعنيين بعملية التأليف.