الحريـري الـى طهران ؟!
نبيه البرجي | كاتب وباحث سياسي لبناني
حتى في بيت الوسط بدأ التساؤل «من يريد جو بايدن رئيساً للحكومة؟»
الرئيس فؤاد السنيورة لا يستغرب، اذا ما مضى الرئيس الأميركي في الانقلاب على الزمن الجميل (زمن دونالد ترامب)، أن يؤتى بعبدالرحيم مراد، أو جهاد الصمد، أو حتى عدنان الطرابلسي….
جهات ضنينة بالرئيس سعد الحريري الذي تهب عليه الرياح من كل حدب وصوب، تحثه على الواقعية عند هذا المفترق، والى حد الاستعداد لزيارة طهران. ثمة دلائل كثيرة على حدوث تحولات ما في المسارات السياسية، والاستراتيجية، للمنطقة. من كان يتصور، أو يتوقع، حظر مبيعات الأسلحة الى دول لطالما كانت، تاريخياً، الأقرب الى الولايات المتحدة؟
الجهات اياها تتوقف عند اللهجة العالية لقصر بعبدا تجاه رئيس الحكومة المكلف. الادارة الحالية تختلف كلياً عن الادارة السابقة التي فرضت الحجر السياسي على رئيس الجمهورية، لكأنه في… الاقامة الجبرية!
يفترض برئيس تيار المستقبل أن يتوقف عن الاصغاء الى الصقور، كما عن الخوف من الأشباح التي داخل الجدران، على أن يعود الى فلسفة التسويات، ولو كانت التسويات المريرة. هذه هي الفرصة الأخيرة أمامه، وقد أظهرت أحداث طرابلس، وحرائق طرابلس، أن ثمة أصابع غليظة تسعى لازالة ما تبقى من هالة سعد الحريري.
من سنوات ووليد جنبلاط يتوجس من «الغدر الأميركي» الأشد هولاً من «غدرات الزمان». هاله أن يعين روبرت مالي بالذات مبعوثاً لبلاده لدى ايران، وهو الذي يدعو الى تطوير العلاقات معها لكي لا تبقى الولايات المتحدة على صفيح ساخن في الشرق الأوسط…
لطالما تحدث مالي عن «الاستراتيجيات العرجاء» ابان ولاية دونالد ترامب «لكأن الأمبرطورية اضحت رهينة في يد الآخرين، لتدار من قبل حانوتي صغير (Petit boutiquier)، أو من قبل مرتزق يحترف هز البطن لكل من يلوّح له بأكياس الذهب»!
جو بايدن، على خطى باراك أوباما، يثق الى أبعد الحدود بتوقد هذا الرجل، وبكفاءاته الاستثنائية. حتى قبل تعيينه رسمياّ، اتصل مالي بوزراء خارجية كل من فرنسا، وبريطانيا، وألمانيا، لتقييم ما يفكرون به حول الوضع الحالي للاتفاق النووي باعتبار أن الدول الثلاث شاركت في وضعه، وفي التوقيع عليه، وفي الدفاع عنه.
الدول الثلاث التي طالما اشتكت من السياسات الهوجاء للرئيس السابق والتي أدت الى زعزعة العلاقات مع الضفة الأخرى للأطلسي، عارضت بقوة خروج الولايات المتحدة من الاتفاق، دون أي مسوّغ منطقي على الاطلاق، حتى انها منعت من وضع آلية للتعاون الاقتصادي مع ايران، تحت طائلة العقوبات القاتلة.
ثمة أشياء، وأشياء، تحدث في الأروقة الخلفية. مستشار الأمن القومي جيك سوليفان قال «ان من الأولويات القصوى، والمبكرة، لادارة بايدن التعامل مع أزمة متصاعدة مع ايران التي تقترب من الحصول على ما يكفي من المواد الانشطارية لصناعة القنبلة».
ما يستشف من أقوال بعض المعلقين في تل أبيب أن سوليفان أبلغ نظيره الاسرائيلي مائير بن شبات ما ابلغه الجنرال كينيث ماكنزي، قائد القيادة الوسطى، للجنرال آفيف كوخافي من أن أي حرب ضد ايران لن تكون، في حال من الأحوال، لمصلحة أميركا، أو لمصلحة اسرائيل.
حتى الغارات، بالقنابل ما قبل النووية (جي. بي. يو ـ 43 بي) لن تكون فعالة لتدمير المنشآت النووية الحساسة التي أقيمت وسط أنفاق متعرجة ومحصنة لا مجال البتة لاختراقها. هذا لا يقنع اسرائيل التي تستنفر حلفاءها لاحداث هزة داخل ادارة بايدن.
الخيار المثالي لدى الرئيس الأميركي هو العودة الى الاتفاق ما يتيح احتواء البرنامج النووي الايراني، وأيضاً الطموحات الجيوسياسية أو الاستراتيجية لآيات الله، ما دامت الولايات المتحدة تمسك بالورقة الاقتصادية، وهي نقطة الضعف في النظام الايراني.
ايمانويل يدرك ذلك، ويدعم الاتجاه لتعويم الاتفاق. قد تكون نصيحته الى الرئيس الحريري: كن أنت، واذهب الى… التسوية.