حسّان دياب وَقعَ في الفخ!
عبدالله قمح | كاتب لبناني
يجدر البحث عن الطرف الذي “موّل” الحركة التصحيحية التي أطلقها رئيس حكومة تصريف الاعمال حسّان دياب تجاه الرؤساء المتقاتلين، كي نقول له “الله يسامحك”. لقد ورّطه! فإبل هؤلاء القوم لا تَرد على يد غريبٍ عنهم.
حسناً، قاد حسان دياب “حركته”… إلى آخره من الحديث، الآن ما الذي تحقّق؟ لا شيء يذكر! اتخذت وساطة الخير التي اتمّها الرجل كمحاولة للذم به. نعم!، الآن نشهد على مادة أكثر إيلاماً وإيذاءً من “فيديو الذم”، موضع الخلاف الحالي، الذي حفرَ في وجدان رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري ورفاقه، وكان له مساهمة مقبولة في تحريك فرقة الردح بكافة موجوداتها ومستوياتها. نقول أكثر إيلاماً، لأن ما يساق بحق دياب من إدعاء حول فشله في وساطته يصيب أولاً وأخيراً موقع رئاسة الحكومة التي كان يتجنّد للذود عنها كتلة أعضاؤها برتبة رئيس وزارة وما دون!
عملياً، ما أُخذ على الفيديو لعظيم وطالَ حدود المبالغة، فما يتوالى نقله من مجالس الرئيسين عون والحريري في الداخلية بحق بعضهما لأعظم مما سرّب، بمعرفتهما طبعاً. ثم أن كافة المؤشرات، الظاهر منها والمستتر، تبين ان الفيديو اتُخذ ذريعةً لممارسة الضغط على ميشال عون وتحميله مسؤولية ما وصلت إليه الأمور الحكومية. وهناك أمر آخر، فالفيديو عينه يتخذ الآن كمحاولة لكسب تنازلات من رئيس الجمهورية لاظهاره بموقع الضعف، وهذا يخدم نظرية إخضاع العهد تحت الضغط.
إذاً، يُعد سعد الحريري فائزاً من وراء الفيديو، و”لولَا” العيب والحياء لقلنا إنه من وقف خلف توريط عون به! عليه، لن يدع الحريري تناول الفيديو من دون كسب الثمن أو جني مكاسب، ومن غير المعقول اللا يوظفه في خدمة مسعاه السياسي. من هنا، سيدوم إستغلال الحريري للفيديو، ولن يجد حسان دياب أو احداً غيره موطأ قدم كي يؤمن معالجة مجاناً، حتى يرد “رَبيب”!
في الواقع، أوساط رئاسة الحكومة تنفي قيادة دياب لمبادرة أو وساطة بين الرؤساء. وعلى عكس ما أُشيع، فهي تختصر ما جرى بأنه كناية عن محاولة “لتطييب خواطر الرؤساء وترطيب الأجواء فيما بينهم، وتذكيرهم بأن حكومة تصريف الاعمال لن تدوم ولا إمكانية لاتخاذ أي قرارات في ظلها، وليس هناك من خطط لاحيائها” اي عملياً تقديم “مكاشفة” أمام المعنيين بحقيقة أضرار تأخيرهم عن تأليف الحكومة، وهذا بالتالي لا يمكن وضعه في إطار محاولات لتقريب وجهات النظر.
مع ذلك، لم يكن دياب في حاجة إلى أداء هذا الدور طالما أنه ذكّر في مناسبات سابقة بكل المخاطر المترتبة عن تأخير تأليف الحكومة وعدم رغبته في تفعيل حكومة تصريف الاعمال، وبالتالي إن تأديته أي دور في حمى استعار النيران بين أفراد طبقة سياسية بعد بغريب عنها، سيوفّر مواضع عدة لطعنه.
ثم إن الدور الذي تردّد أن دياب لعبه، اتضح لاحقاً أنه “نفخ” عبر الإعلام ولا صلة بين ما تم نقله من أجواء وبين أوساط السراي، وقد جرى تضخيم مقصود للحركة عبر ضلوعٍ مباشر لافراد مقرّبين من الحريري ومعروفين بالأسماء، أدوا أدواراً في شأن تكبير الحجر لغاية ضرب دياب به ليس إلا.
على ذلك كله، يكون دياب قد أخطأ في حساباته. كان يجدر به أن يعلم، أن “فرقة” امتهنت عرقلته خلال ولايته الصحيحة وما زالت، لا يعقل أن تريد الخير له، ولن تعطيه شرف المحاولة في الإجهاز على العقد العالقة بينهم، كل ما في الأمر أنهم سايروه في محاولته وهم يدركون أن رفضهما سيضعهم في موقع حرج ومساءلة أمام الرأي العام في حال تم تسريبه، لذا، أخذوا المحاولة ثم مضوا في سياق التقليل من أهميتها، في محاولة لإظهار دياب ضعيفاً. هكذا يكون قد أخطأ مرة جديدة في تسليف فئة حاربته موقفاً مجانياً عاد واستخدم ضده، لذا، الحنكة مطلوبة دولة الرئيس…
ليبانون ديبايت – المقالة تعبّر عن رأي كاتبها