مرتزقة أردوغان إلى الصومال .
د. معن منيف سليمان | كاتب سوري
بدأ رئيس النظام التركي أردوغان بتجهيز دفعة جديدة من المرتزقة الإرهابيين من سورية وليبيا لإرسالهم للقتال في الصومال، وذلك في إطار مساعي السيطرة على القرن الأفريقي وتحقيق أطماع أردوغان التوسعية الاستعمارية.
ومنذ بداية شهر كانون الأول 2020، تصاعدت عمليات إرسال الأسلحة إلى الصومال، التي تتضمن آلاف البنادق ومئات الآلاف من الطلقات النارية، يضاف ذلك إلى عزم أردوغان على إرسال مجموعات من “المرتزقة السوريين” إلى الصومال، وهم مما يسمّى “صقور السنة، ولواء القادسية، وأهل الأثر، والخطاب وجماعة أبو قدري”، كونهم على توافق مع جماعة بوكو حرام الإرهابية التي تنشط غربي أفريقيا. وأقيمت لهذا الغرض مراكز تدريب في عفرين ورأس العين وتل أبيض المحتلة، لاسيما للعائدين من ليبيا، تمهيداً لإرسالهم إلى الصومال. وتضم نحو 500 مرتزق.
كما أن المليشيات الإرهابية في غربي ليبيا، افتتحت عدّة مراكز جنوبي طرابلس لتجنيد وتدريب المرتزقة، التي تتركز في اليرموك بطرابلس وسوق الأحد بترهونة. وتضم نحو 700 مرتزق.
إن عملية نقل المقاتلين ستتم بالتنسيق مع قادة الميليشيات الصومالية الموالية لإدارة أردوغان في مقديشو، ليكونوا عوناً للرئيس الصومالي، المتصارع مع قوى المعارضة بشأن الانتخابات القادمة، الذي تريد تركيا عن طريقها السيطرة السياسية والأمنية على الصومال.
وكانت تركيا قد تبرعت في عام 2020 على سبيل المثال بأثني عشر مركبة قتالية مقاومة للألغام ومحمية من الكمين من طراز “BMC” إلى الصومال، كما يستخدم الجيش الصومالي بنادق الجيش التركي “MPT-76 ” الهجومية، التي تبيعها تركيا للصومال بشكل مستمر.
ويأتي التدخل العسكري التركي في الصومال بذريعة دعم الجيش الفيدرالي ضدّ “المتمردين”، إلا أن الحقيقة غير ذلك، فتركيا تدعم “الجماعات الإرهابية” لتحكم سيطرتها على مقدرات البلاد النفطية، ولتحمي نفوذها في الصومال، ومواصلة تتريكه، والذي بدأ عبر فرض تعليم اللغة التركية على المدنيين، وشمل الجيش الصومالي أيضاً، فضلاً عن إطلاق الأسماء التركية على الشوارع والمدارس والمشافي في مقديشو. كما إن عدة شركات تركية استولت على مرافق صومالية حيوية، أبرزها استيلاء شركة فافوري التركية على امتياز إدارة مطار “آدم عدي الدولي”، كما استولت شركة “البيرق” التركية على عائدات ميناء مقديشو بنسبة 55 بالمئة منذ خمس سنوات.
لا تقتصر سياسة تركيا في الصومال على إقامة قواعد أمامية فحسب، بل تتعلق ببناء حليف طبيعي في بلد مهم في منطقة القرن الأفريقي. فتسلّل النفوذ التركي إلى الصومال منذ عشر سنوات كان بحجة تقديم مساعدات إنسانية وتدريب الجيش الوطني، لكن أردوغان استغل ضعف الدولة، فابتلع مرفأ مقديشو ومطارها وعينه على النفط في القرن الأفريقي. ويعمل بكل ما أوتي من قوة على إيجاد موطئ قدم في البحر الأحمر لتنفيذ مخططاته الهادفة إلى منافسة وتقويض أدوار القوى المنافسة لتركيا، والتعويض عن خسائره الإستراتيجية في الشرق الأوسط، والتعويض عن إخفاقاته في الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، والحصول على ثقل أكبر يؤهله لإعادة التفاوض مع زعماء الاتحاد الأوروبي من خلال إثبات مكانته الدولية. فضلاً عن أهداف شخصية تتعلّق بأردوغان نفسه، تعود إلى تعزيز مكانته الداخلية والخارجية.
الاندفاع التركي الأخير نحو الصومال يأتي عقب قرار وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) في الحادي عشر من شهر كانون الأول 2020 سحب قرابة 700 جندي من القوات الأمريكية من الصومال، التي كانت تقوم بمهام تدريبية لفرق من القوات الخاصة الصومالية. قرار السحب جاء بعد أمر من الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب، الذي طلب الانتهاء من المهمة قبل الخامس عشر من شهر كانون الثاني 2021.
الانسحاب الأمريكي زاد التطلعات التركية نحو الصومال وفسح المجال أمام كل من مشيخة قطر والنظام التركي، اللتان تخططان على الأرض لملأ الفراغ، حيث تقدم مشيخة قطر التغطية المالية، ويدرب النظام التركي عشرة آلاف جندي صومالي، ويحولهم إلى قوة له.
أدلّة كثيرة أكدت تورّط تركيا بإرسال مرتزقة إلى بلدان كثيرة أهمها ليبيا وقرة باخ بهدف إذكاء نار الحرب فيها، وتأجيج الصراع لتحقيق أحلام الخليفة العثماني التوسعية الإستعمارية، لكن جيش المرتزقة، الذي يستعمله أردوغان، ليس أكثر من أوراق قابلة للحرق مقابل تأمين مصالح وأهداف استعمارية توسعية خارجية وتصدير أزمة النظام التركي لتجنب الانفجار الداخلي، ولكن إلى حين.
البعث
المقال يعبّر عن وجهة نظر كاتبه