سيناريوهات الخطر الوجودي على “إسرائيل”
تحسين حلبي – باحث فلسطيني في الشؤون الإسرائيلية
في أيلول الجاري نشر الموقع الإلكتروني لـما يسمى«معهد الأمن القومي- INSS» في تل أبيب دراسة أعدها البروفيسور أوفير وينتير بمشاركة عدد من الضباط المتقاعدين من المخابرات العسكرية في الكيان الصهيوني من بينهم ايتي بارون وشلومو بروم وغيرهم ممن يعملون في المعهد في الأبحاث الإستراتيجية وجرى تقديم هذه الدراسة في كانون الأول الماضي لأصحاب القرار وصدرت بالعبرية باسم «المذكرة رقم 198».
يُبين وينتير في هذه الدراسة (1) أن «إسرائيل نجحت خلال 70 عاماً من وجودها في تطوير قدرات عسكرية واقتصادية وسياسية كبيرة تحولت بواسطتها إلى واقع قائم ونالت اعترافاً يحمل صفة الأمر الواقع من قسم من الدول المجاورة، لكن مع ذلك وفي وقتنا الحاضر ورغم ما حققته ما تزال تواجه تحديات أمنية من أعداء يدعون بل يسعون إلى إبادتها».
ويضيف وينتير: «هذا البحث يهدف إلى اقتراح تحليل حديث للتهديدات الخطيرة المحتملة التي يمكن أن تعرض وجود الدولة على الأرض للخطر في المستقبل ويمكن أن تعرض للخطر دور ووظيفة منظوماتها الحيوية وهوية الدولة اليهودية».
ويحدد وينتير خمسة سيناريوهات تحمل أخطاراً تهدد مستقبل وجود الكيان الصهيوني، بل يستخدم عبارة أن «حصانة إسرائيل من الزوال ليست للأبد».
وهذه السيناريوهات الخمسة هي:
1- أن يتشكل تحالف إقليمي عسكري ضد “إسرائيل” تعجز عن مجابهته والتخلص منه.
2- اتساع الانتشار النووي في الشرق الأوسط.
3- انهيار منظومة “الدفاعات الإسرائيلية” بعد هجوم مكثف بالصواريخ منسق ودقيق الإصابات بقيادة إيران.
4- أن تتعرض لأزمة كبيرة داخلية بين مكوناتها السياسية فيصيبها عجز في السيطرة على “السكان” ومصادر “البلاد”.
5- أن لا تتمكن من تنفيذ “يهودية الدولة” وتصبح ليست لليهود وحدهم.
ويبدو من هذا التحليل لمصادر الخطر الوجودي بسيناريوهاته الخمسة أن “القيادة” الصهيونية العسكرية والسياسية والفكرية ستضع حسابات لهذه الأخطار وستقوم برصد ومتابعة أي مظاهر أو وقائع تدل على تبلور شروط هذه الأخطار الخارجية والداخلية.
وبالمقابل يكشف هذا التحليل أن مواجهة خطر هذه السيناريوهات على مستقبل وجود الكيان الصهيوني ستتطلب من نفس هذه “القيادة” الصهيونية أن تضع سياسات وخططاً بهدف “عدم السماح” للأعداء بتشكيل هذه الأخطار وهذا يعني أنها ستستخدم كل قدراتها وعلاقاتها لتحقيق هذه الغاية وبشكل متواصل لا تتوقف فيه حروبها ومؤامراتها طوال الوقت.
وإذا كان “قادة” الكيان بعد 70 سنة كما تبين الدراسة يرصدون كل هذه الأخطار التي لا يتعرض لها سوى هذا الكيان في العالم أجمع، فإن السنوات المقبلة لن تحول أبداً من دون بقاء نفس هذه الأخطار الخارجية والداخلية لأن الكيان الصهيوني ظهر بقرار استعماري طارئ وجرت صناعته في تربة وأرض لا تتحملان استمرار بقائه فأصحاب الأرض ما زالوا موجودين متمسكين بوطنهم ومستقبلهم فيه، والجوار كل الجوار العربي والإسلامي المحيط بالوطن المحتل والبعيد عنه جغرافياً سيظل يرى في فلسطين والقدس مقدساته وتاريخه ولن يكون بمقدور مسؤولي الكيان وحلفائه شطب هذا التاريخ من ذاكرة وهوية ومعتقدات هذه الشعوب العربية والإسلامية تجاه القدس وفلسطين وتجزئة هذه الأمة ظرف غير دائم أو مستدام والمستقبل للجمع لا للطرح بموجب ما نراه في التاريخ الحديث، بينما الكيان الصهيوني لا يجد تربة مشروعه الصهيوني إلا في قلب التجزئة وهذه ليست دائمة ولذلك يعترف وينتير أن حصانة استمرار بقاء الكيان ليست للأبد.
ولا أحد يستطيع إيقاف حركة الشعوب وتطور قدراتها وتجسيد مقومات ما يجمعها مع بعضها بعضاً وما لا يمكن أن يجمعها البتة مع الكيان الصهيوني الطارئ والمصطنع على أرض الشعب الفلسطيني ووطنه التاريخي.