ملوك الطوائف الاميريكيين ..وشمشون بني اسرائيل .
ملهم ابو زامل – كاتب وباحث فلسطيني في الشؤون السياسية والاستراتيجية.
دائما كنت انظر الى الكرة الارضية وافكر في شكلها ودورانها ، واتساءل مابين نفسي : هل لكروية الارض علاقة بساكنيها ؟ وهل تكويرها بهذا الشكل يعكس شكل الحياة على سطحها ، وينبئ بجدلية الصعود والهبوط ؟
ام هل لطبيعة الحياة على سطحها وتذبذبها مابين مد وجزر ، ومابين ارتقاء وانحدار ، ارتباط تكويني مع طبيعة خلقها يشير اليه القرآن وتخبرنا به قصص الانبياء ، كجدلية الولادة ثم الشباب ثم الرجولة وصولا الى الهرم ثم العودة الى الطفولة والولادة حين يرد الانسان الى ارذل العمر ؟
فإذا مادققنا النظر في تاريخنا البشري على هذا الكوكب المتكور وجدنا الا حضارة وصلت لذروتها الا تحطمت وبرزت غيرها حضارة اخرى ثم تتحطم بدورها وهكذا دواليك .
لقد وصلت الولايات المتحدة الاميريكية الى قمة وذروة الحضارة التي يمكن ان تصلها دولة اخرى في القرن الماضي وبدايات هذا القرن وبات من المؤكد حسب ما انبأنا به تاريخ الامم والحضارات ان سقوطها ات في لحظة ما لم نكن نعلم متى ستكون ..
لكن ازمة الرهن العقاري التي اجتاحت اميريكا والعالم عام 2008 كانت هي الانذار الذي انطلق معلنا بداية النهاية لهذه الامبراطورية العظيمة حيث استمر هذا الانحدار الى حين افرز الترهل الفكري الشعبي والمؤسساتي الاميركي رئيسا اميريكيا مثل ترامب .
ترامب هذا هو قمة الهرم الاميريكي الذي مابعده الانهيار ..وعلى الرغم من ان ترامب هو اصدق شخصية سياسية اميريكية وصلت الى البيت الابيض واكثرها وضوحا الا انه يعبر عن حقيقة هذه الامبراطورية الاميريكية التي حكمت العالم لعقود طويلة ..امبراطورية قامت على السلب والنهب والقتل وسفك الدماء ، لا مكان فيها للاخلاق ، ولا احترام فيها الا للقوي ولا رأفة فيها على الضعيف والفقير …انها بحق امبراطورية الشر ..
ومع انني اختلف كثيرا مع من اتى بالتشبيه بين ترامب وهتلر ، فهما لا يتفقان الا في الاطماع ، الا انني ارى ان ترامب فاق كل ماقد وصف به هتلر من فاشية ونازية وديكتاتورية ودموية واظهر الوجه الحقيقي للاميركي الابيض الذي لطالما اختبأ خلف شعارات الديمقراطية ، والانسانية ، والحقوق المدنية ، ودولة المؤسسات ، والجمعيات الرعوية .. في حين انه كان في حقيقته قاتلا ولصا ومجرما ، تحميه قوة سلاحه ، وجيشه على غرار لصوص القطارات الاميريكيين وسارقي البنوك فهم اقوياء باسلحتهم وعصاباتهم ، لكنه حين ينفرط عقد هذه العصابة ترى هذا اللص يهرب من ارض الى ارض ومن ولاية الى ولاية متخفيا كي لا يلاحقه القصاص .
اليوم انفرط عقد الولايات المتحدة الاميريكية على يدي ترامب وانقسم المجتمع الاميريكي الى قسمين رئيسيين كل منهما مشحون بالعنصرية وبصفات الاميركي الحقيقي .
ترامب هذا اعادنا في الذاكرة مع فارق التشبيه الى عصر ملوك الطوائف هذا العصر الذي سوف ينعش ذاكرتنا بمشاهد حقيقية سنراها في الولايات المتحدة التي ستنقسم الى احدى وخمسين دويله لكل منها استقلالها وقانونها وحكومتها ورئيسها ولن يستطيع بايدن ابو عبدالله الصغير ان يلملم شتاتها مهما سعى الى ذلك سبيلا ..بل انه سيكون العجوز الذي حكم امبراطورية عجوزا اكل السوس عكازها فهوت وهوى معها الى غير رجعة ..
اما اسرائيل هذه فربما هي على موعد ومشهد مشابه تماما لسقوط الامبراطورية الاميريكية وربما سوف تخوض حربها الاخيرة لبني اسرائيل على يد اخر ملوكها نتياهو الذي سوف يهدم المعبد على راس قومه وليس على راس اعدائه كمافعل شمشون .