كتب خليل نصرالله | إيران ترعب “إسرائيل” بحراً
خليل نصرالله – مختص في الشؤون الإقليمية | خاص – الواقع
يتصاعد الحديث الإسرائيلي العلني عن “التهديد البحري” الذي تمثله طهران وحلفاء لها. قبل شهرين تقريبا سربت وسائل إعلام إسرائيلية تقديرات أمنية تشير إلى تصاعد التهديدات البحرية في البحر الأحمر والمتوسط، أشارت إلى إيران واليمن وحزب الله، وتحدثت عن أن بحرية الجيش الإسرائيلي باتت تعمل في البحر الأحمر بمواجهة التهديدين، الايراني واليمني، كما قالت.
الجديد، ما تحدث به وزير الحرب الإسرائيلي “يوآف غالانت”، الذي اتهم طهران بتحويل سفن تجارية إلى “معسكرات عائمة للإرهاب في مسارات الملاحة البحرية”، حسب إدعائه.
في عبارات غالانت التي انتقاها بدقة ثمة خلفيات لا بد من تبيانها، وهي:
أولا: هو يخاطب الولايات المتحدة الأمريكية ويلاقيها، خصوصا أن الأخيرة لديها ذات التوجه وتتحدث عن “مشاغبة” بحرية تقوم بها طهران من الخليج إلى البحر الأحمر.
ثانيا: سبق للكيان الإسرائيلي أن استهدف سفنا تجارية إيرانية (البحر المتوسط) وناقلات نفط (البحر الأحمر)، وتلقى ردودا إيرانية قاسية، ما دفع بالمؤسسة الأمنية إلى طرح توصية بضرورة تهدئة اللعب في البحر مع طهران لأنها معركة “خاسرة”، لاعتبار أن يد طهران هي الطولى وتشرف على ممر ومسارات بحرية استراتيجية.
ثالثا: مؤخرا نجح الأسطول البحري 86 للجيش الإيراني بالقيام بمهمة بحرية حول العالم استمرت 8 أشهر، وهو ما توقفت عنده أوساط إقليمية وعالمية.
رابعا: الدور الذي تمارسه بحرية الحرس الثوري الإيراني بمواجهة الغطرسة الأميركية خصوصا في الخليج الفارسي، وهو محط أنظار الكيان الإسرائيلي.
خامسا: مع اندلاع أحداث السودان اتضح أكثر سعي إسرائيلي لتثبيت تموضع بحري على البحر الأحمر في تلك المنطقة، وهو هدف يعمل عليه منذ مدة، ولو لم يخرج كثيرا إلى الإعلام.
سادسا: يراقب الإسرائيليون بدقة تطور القدرات البحرية اليمنية، واليد الطولى لها، ويتهمون طهران بالوقوف خلفها، وهو ما يرون فيه تهديدا، كذلك تطور قدرات حزب الله في هذا الصدد.
هذه بعض الخلفيات التي يمكن أن تدفعنا إلى فهم تصاعد الحديث الإسرائيلي حول ما تعتبره تهديدا بحريا إيرانيا.
في التقدير، ثمة قدرات بحرية إيرانية عالية المستوى، وطهران لا تخفي ذلك، وهي تمارس حقها القانوني وتقوم بدوريات في المياه الدولية، ووفق القواعد الدولية، وهو ما يزعج الكيان الإسرائيلي الذي يحاول التصرف خارج القواعد في أكثر من مكان، وله سوابق في هذا الصدد.
لا شك أن قدرات إيران البحرية، وقدرات حلفائها في هذا الصدد تتوسع وتتعاظم، وهو ما يرى فيه الإسرائيليون تهديدا غير عادي. وعندما نتحدث عن قدرات حلفاء طهران سواء في لبنان او اليمن او حتى سوريا، نحن نتحدث عن قدرات رادعة في مواجهة أي أعمال إسرائيلية معادية في البحر، وتلك القدرات أثبتت جدواها، كما حصل في لبنان عندما تمكنت المقاومة عبر التلويح بقدرات معينة من إرغام “إسرائيل” على تلبية مطالب الدولة اللبنانية في ملف تحديد المنطقة الاقتصادية البحرية.
يجب الإعتراف، أن ارتفاع الصوت الإسرائيلي لا ينبع من فراغ، فهم محقون بأن هناك تهديد، لكنه تهديد بمواجهة أعمالهم العدائية التي مارسوها في كثير من المناطق البحرية، وباتوا اليوم عاجزين أو يحسبون ألف حساب قبل الإتيان بأي خطوة.
في المجمل العام، بات “الإسرائيليون” مطوقون بحزام بحري لا يقل فعالية عن حزام الصواريخ الذي يحيط بهم، وهو ما يشكل رادعا لأعمالهم ويسعون إلى محاولة وقف تعاظمه وتوسعه.