كتب شوقي عواضة | سبت الكيان الصهيوني الأسود
شوقي عواضة | كاتب واعلامي لبناني
مع بداية الشّهر الثّالث، تتصاعد حركة الاحتجاجات داخل الكيان الصّهيوني المؤقت رفضاً لمشروع التّعديل القضائي الذي أطلقه الائتلاف الحكومي اليميني الجديد بزعامة بنيامين نتنياهو،
ويوماً بعد يوم تزداد حركة الاحتجاج تصعيداً حتّى مع ارتفاع نسبة المحتجّين الذين وصل عددهم إلى 300 ألف متظاهر في مؤشّر ينبئ باتساع رقعة الاحتجاجات واتخاذها منحى المواجهة حيث جوبهت بالقمع في محاولة من قبل حكومة نتنياهو وضع حدّ لتلك الاحتجاجات في حين أنّ الأمور تسير نحو تعميق الأزمة التي باتت تهدّد الحكومة بالسّقوط وبالتالي إذا ما تمّ إسقاط الحكومة فهذا لا يعني انتهاء الصّراع بل استمراره واتخاذه أشكالاً أخرى من المواجهة وانتقالها إلى مراحل متقدّمة تساهم في تفكّك الكيان على المستوى الاجتماعي وهذا ما يبدو واضحاً وجليّاً في المشهد الذي يقلق كبار القيادات السّياسيّة والأمنيّة والعسكريّة في الكيان المؤقّت التي سارعت لإطلاق التحذيرات حول استمرار الأزمة وتعميق الانقسام الذي ينذر بخطورة الأوضاع التي دفعت برئيس كيان الاحتلال يتسحاق هرتسوغ إلى تحذير كافّة القوى بأيّام صعبة وخطيرة، هي الأسوأ في تاريخ (إسرائيل) في حين حذّر وزير الحرب السابق، بيني غانتس، حكومة نتنياهو خلال كلمة له في الكنيست بأنّ الحرب الأهليّة الإسرائيليّة على الأبواب، متى ستتوقفون، أمّا رئيس جهاز الشاباك الإسرائيلي يوفال ديسكن فقد حذّر أيضاً من حربٍ أهليّة إسرائيليّة قريبة إذا ما استمرّ الوضع على ما هو عليه بالتّصعيد.
كلّ ذلك يعكس واقع أزمة الكيان الصّهيوني المؤقّت وتطرح عمق الأزمة حول هوية الكيان بين دينيٍّ وعلمانيٍّ يعيد صراع التيارات المنقسمة تؤشّر إلى بدء تآكل الكيان من الدّاخل في ظلّ استمرار العمليّات العسكريّة للمقاومة الفلسطينيّة ممّا يضع الكيان أمام خيارين كما يلي
1- محاولة حكومة نتنياهو احتواء الأزمة وهذا مستبعد في المدى القريب
2 – الهروب إلى الأمام من خلال فتح جبهة الحرب محاولة لإنقاذ حكومة نتنياهو
في الحالتين لا بدّ من وجود خاسر في الصّراع سواء على مستوى الصّراع الدّاخلي أو على مستوى أيّ حرب قادمة مع المقاومة أو حتى استهداف إيران حيث يدرك نتنياهو أنّ أيّة مغامرة قد يقوم بها بالعدوان على إيران سيدفع ثمنها باهظاً هو وكيانه سواء كانت بشراكةٍ أمريكيّةٍ خليجيّة أو بدونها وهذا الثّمن سيدفعه كلّ من يحاول شنّ عدوان على إيران إنّما حصّة الأسد في الثّمن ستكون للكيان الصّهيوني الذي يعمل بكد على توفير الأجواء المناسبة للعدوان على إيران.
وبالحصيلة إنّ ما يشهده الكيان الصّهيوني المؤقّت هو في ظاهره المطالبة بالإصلاح أمّا في جوهره فهو ليس إلّا صراعاً سلطويّاً بامتياز وهي بمثابة خريفٍ عبريٍّ يشكّل الخطوة نحو تمدّد الصّراع واتساعه. وكأس (الربيع العربي) الذي فشل نتنياهو في تجريعه لدمشق وطهران وبيروت وبغداد وصنعاء سيجترعه بملء إرادته.