كتب مفيد سرحال | طلقاتُ العلقمي أصابت رأسَ المشروعِ الصّهيونيّ الاستيطانيّ
مفيد سرحال | باحث في الشؤون السياسية – مدير تحرير موقع المراقب
اعتقدَ ولا يزالُ قادةُ الدّولة العِبريّة الزّائلة قادرين على فرضِ الاستسلامِ على الشّعبِ الفلسطينيّ بالتّوسع والهيمنة وتجسيدِ المشروع الصُّهيونيّ العدوانيّ بالقوّة الغاشمةِ والوحشيّةِ الدّامية كما حصل في مخيم جنين. وإذ بالأبطالِ الفلسطينيّين المقاوِمين يواجهونَ حقدَ أبناءِ يهوه بأيديهم وأفئدتهم الشّجاعة التي تنبضُ إيماناً بالحقّ والمقدّسات.
لقد سقطت كلُّ المزاعمِ التّرويجية لماكِينة العدوّ الاعلاميّة بكلِّ فظاظتِها وفجاجتها من التّأسيس لنظريّة أنّ الكبار يموتون والصّغار ينسَون ،ورغم كلّ موجاتِ القتلِ والفتكِ والتّدمير ضمنَ سلسلة الجرائم النّكراء وإرهابِ الدّولة الاسرائيلي الذي ما فتِئت إسرائيل تستخدمه نهجاً وممارسةً لكسر إرادةِ الشّعب الفلسطيني لثنيِه عن النّضال الكِفاحيّ التّحرريّ بحربٍ شعواءَ همجيّة ومذابحَ بشعةٍ خلافاً لكافّة القوانين والمواثيق الدّولية المتعارفِ عليها، وشِرعة حقوقِ الإنسان رغم كلِّ ذلك لا زالت جذوةُ النّضال التّحرري متّقدةً تنيرُ دربَ المناضلين على طريقِ النّصر المنتظر.
من قلبِ هذا الرُّكام النَّفسيّ والمادّيّ المجبولِ بدماءِ الشّهداء والنّساء والاطفال واليافعين وكلّ المناخ الاستفزازي من خلالِ تدنيسِ الحرمِ القدسيّ الشّريف،خرج المقدسيُّ الشهيدُ المجاهدُ خيري علقمي شاهراً مسدسه مصوّباً ليس على المستوطنين الوافدين وحسب ثأراً” لأهلِهِ في جِنين الانموذج في الصّمود والمقاومة بل ليصيب مقتلَ المشروع الصهيونيِّ الاحتلالي الاستيطاني في الرّأس.
إنّ هذا الشّابَّ الفلسطينيّ المجاهد بحميّته وعنفوانِه القوميِّ الذي سارع و خطّط وحدّد الأهداف لتنفيذِ عمليّته حقّق إنجازًا نوعيًّا استراتيجيًّا أعاد ترتيب آليات وقواعد الصّراع، و مما لا شك فيه سيترك آثارًا نفسيّة ومعنويّة عميقة تُضاف للقلق الوجوديِّ على المؤسّسة الأمنيّة الصهيونيّة التي أُصيبت بانتكاسةٍ انكشفت معها عيوبُها وثغراتُها ما سيتيح اجتراح المزيد من الابداعات النّضالية على طريق تطوير الجهد المقاوم وابتكار الخطوات الجهادية الميدانية الناجعة لتحطيم جبروت وصلف العقيدة القتالية للجيش الصهيوني، وإرباك منظومته الأمنية التي يتباهى باقتدارها وتفوّقها ، وفرملة اندفاعته المحمومة وغروره ومسارعته القيام بأعمال عدوانيّة ضدّ المدن والبلدات الفلسطينية بشكل تلقائي كأنه في رحلة صيد، تمهيداً للانهيار الادراكي الذي يؤسس للهزيمة النّهائية.
لقد حققت العملية النّوعية للمجاهد المقدسي سلسلةَ أهداف دفعةً واحدة تتصل عضوياً بعضها ببعض ،أوّلها أنَّ مسلسل قتل الفلسطينيين بدمٍ باردٍ لن يمرّ دون حساب و لم يعد بعد اليوم متاحاً” تستسهلّه المؤسّسة العسكريّة الصهيونيّة متّكئة على جبروتها وصمت الدّوائر العالميّة التي ما فتئت تتبجح بالدّيمقراطية وحقوق الانسان وتنضح خبثا” بمعاييرها المزدوجة التي تساوي بين القاتل الصهيوني المدجّج بالسّلاح وضحيته – المواطن -الأعزل إلا من إيمانه بحقه وهو يدافع عن بيته وأرضه وأطفاله واستعداده اللامحدود للاستشهاد دفاعاً عن الحقّ والأرض والكرامة.
فالرّد السّريع الموجع المخطّط له بعناية وبرودة أعصاب ومن تحت أنف الاستخبارات العسكريّة الصهيونيّة، جاهز ومتحفز ومتوثّب على يد فتية مات أجدادهم لكنهم لم ينسوا فلسطين الأرض والتاريخ والمقدسات والحق القومي.
ولعلَّ أعظم النّتائج التي ستصيب مساحة أوسع بآثارها على الكيان الغاصب تتمثل بأن مرتكزات المشروع الصهيوني القائم على استيراد قطعان المستوطنين الموعودين بجنة الأمان والعيش الرّغيد على أرض فلسطين تعرض لانتكاسة عميقة في صلب مراميه بحيث صار الهرب من (دولة الاستقرار والامان المزعومة) أقصى طموحات اليهود الوافدين الى أرض الميعاد بهجرة معاكسة أسست لها طلقات المجاهدين الفلسطينيين وعمليات الدّهس والطّعن وكل أساليب النّضال التّحرري.
لقد أعادت هذه العملية البطولية ومثيلاتها وما سيستنسخ عنها القضيّة الفلسطينية إلى مربع البدايات حيث لا اتصال مع هذا العدو إلا اتصال الحديد والنار ورغم الجراحات والتّضحيات ثبُت أنّ لغة البنادق وحدها لغة التّخاطب الوحيدة على طريق استرداد الحقوق وما عدا ذلك إطالة لِامد الاحتلال وشرذمة للشعب الفلسطيني وقواه الحيّة وفصائله وملهاة عن الاهداف الحقيقية.
الخير كل الخير في سواعد من أذاقوا العدو العلقم وسيُسقى مزيداً من الكؤوس المرّة إنها مسألة وقت والوقت من دم وتضحيات ونحن قابَ نصرٍ أكيدٍ نراه قريباً”…