كتب حسن حردان | مُسيّرات المقاومة فوق «كاريش» أول إنذار عملي للعدو
حسن حردان | كاتب وباحث في الشؤون السياسية
تحركت المقاومة ووجهت أول إنذار عملي للعدو الصهيوني، عبر إرسالها ثلاث مُسيّرات استطلاع حلقت فوق حقل كاريش المتنازع عليه في المياه الإقليمية الاقتصادية بين لبنان وفلسطين المحتلة… مترجمة بذلك تهديدات قائد المقاومة سماحة السيد حسن نصرالله، ومؤكدة جدّيتها وجاهزيتها لمنع أيّ محاولات صهيونية للبدء باستخراج الغاز والنفط من كاريش قبل أن يحصل لبنان على كامل حقوقه ويسمح له المباشرة بالتنقيب والاستخراج من الحقول العائدة له…
على انّ هذه العملية الاستطلاعية للمقاومة، أربكت قادة كيان الاحتلال الصهيوني، وشكلت مفاجأة لهم لم يكن يتوقعونها بهذه السرعة والتوقيت.. ووجهت عدة رسائل في عدة اتجاهات في آن معاً، وهي:
الرسالة الأولى، إلى حكومة العدو الصهيوني، بأنّ المقاومة تملك الجاهزية والاستعداد للدخول في ايّ مواجهة فعلية إذا ما تمّ تجاهل حقوق لبنان وبدأت السفينة الدولية استخراج الغاز والنفط، وعدم انتظار نتائج المفاوضات وحصول لبنان على حقوقه بثرواته بما فيها حقه البدء بعمليات التنقيب والاستخراج.. كما أنّ ما قاله قائد المقاومة بهذا الخصوص ليس للاستهلاك وإنما سيُترجم عملياً وإرسال المُسيّرات بداية هذه الترجمة التي تعني أنّ المقاومة حاضرة لخوض المعركة الوطنية لتحصيل حقوق لبنان ومنع العدو من السطو عليها.. وانّ المقاومة لن تسمح لحكومة العدو في الرهان على لعبة الوقت ودخول لبنان في مرحلة الفراغ الرئاسي وما قد يؤدّي اليه من تأزم داخلي كي تبدأ بعمليات الاستخراج من جانب واحد…
الرسالة الثانية، إلى أصحاب السفينة الدولية، بأن عليهم أن يفكروا ملياً قبل أن يقدموا على دعسة ناقصة باستخراج الغاز والنفط قبل إنجاز اتفاق كامل وواضح بين لبنان وكيان العدو، وأنه إذا ما تجاهلوا ذلك فإنّ سفينتهم ستكون عرضة للقصف والتدمير..
الرسالة الثالثة، إلى الوسيط الأميركي الصهيوني عاموس هوكشتاين، بأنّ عليه التوقف عن سياسة الانحياز إلى جانب كيان العدو، وان يلعب دوراً محايداً يبتعد فيه عن ممارسة الضغوط على لبنان، كما أظهرت مواقفه الأخيرة اثر اجتماعاته مع المسؤولين اللبنانيين.. كذلك ردّ فعله على إرسال المقاومة للمُسيّرات…
الرسالة الرابعة، إلى الداخل اللبناني بإسقاط منطق بعض المشككين بعزم المقاومة في الدفاع عن حقوق لبنان وعدم الوقوف متفرّجة على ما يقوم به العدو من استعدادات للبدء باستخراج الغاز والنفط من دون الإقرار بحقوق لبنان… والتأكيد العملي للمسؤولين في الدولة والمفاوض اللبناني بأنهم يستندون إلى قوة حقيقية قادرة على ردع العدو، وبالتالي فإنّ موقف لبنان ليس ضعيفاً في المفاوضات حتى يقبل بما يعطيه إياه الأميركي و»الإسرائيلي»، بل هو موقف قوي وقادر على تحصيل حقوق لبنان كاملة…
وما يؤكد ذلك انّ رسالة المقاومة من وراء إرسال المُسيّرات الى منطقة حقل كاريش وصلت إلى قادة العدو واخترقت آذانهم وبرهنت لهم قولاً وفعلاً أنّ المقاومة إذا قالت فعلت، وانّ «إسرائيل» لا تستطيع الاعتداء على حقوق لبنان أو تجاهل مطالب لبنان بثرواته، دون أن تدفع الثمن، لا سيما أنها تعرف جيداً قدرات المقاومة الردعية ومدى تصميمها على تنفيذ ما تعد به شعبها…
ولهذا من الآن فصاعداً فإنّ حكومة العدو سوف تأخذ المفاوضات على محمل الجدّ لأنها تدرك جيداً أنّ حاجتها الماسّة هي وأوروبا لاستخراج الغاز والنفط بأسرع وقت ممكن بات يتطلب التوصّل مسبقاً إلى اتفاق مع لبنان، وانّ هذا الاتفاق يجب أن يعطي لبنان حقوقه.. وبذلك بات لبنان يملك ورقتي قوة في المفاوضات لإجبار كيان العدو على التسليم بحقوق لبنان، وهما:
1 ـ ورقة المقاومة التي تملك قدرة وقوة الردع في مواجهة العدو الصهيوني.. ومنعه من البدء باستخراج النفط والغاز قبل الاتفاق مع لبنان ورفع الفيتو الأميركي الذي يمنع الشركات الأجنبية من البدء بعمليات التنقيب والاستخراج في الحقول اللبنانية.
2 ـ ورقة حاجة كيان العدو ودول أوروبا وأميركا إلى استخراج الغاز والنفط لتعويض النقص الناجم عن حظر استيراد الغاز والنفط الروسي…