كتب حيّان نيّوف | عودة التنافس على خطوط الطاقة من العراق الى المتوسط
حيّان نيّوف | كاتب وباحث سوري
تضغط روسيا باتجاه احياء خط النفط العراقي السوري “كركوك – بانياس” ، في الوقت الذي تحاول فيه حكومة تصريف الأعمال الحالية في العراق برئاسة “الكاظمي” تمرير مشروع خط نفط “البصرة – العقبة” ..
يأتي ذلك وسط انقسام في الطبقة السياسية العراقية حول المشروعين ، ففي الوقت الذي تدعم فيه بعض القوى خط “البصرة – العقبة” الذي لم يجري التعاقد على تنفيذه حتى الآن والبالغ طوله 1700كم بكلفة تقديرية 9 مليار دولار ، وجرى إقراره مؤخرا خلال القمة الثلاثية “المصرية – الأردنية – العراقية” بالرغم من أن فكرته قديمة تعود لسنوات ، تعارضه قوى أخرى ومنها ائتلاف دولة القانون بزعامة “نوري المالكي” ، والإطار التنسيقي الداعم للحشد الشعبي ..
في الوقت ذاته فإن القوى المعارضة لخط “البصرة – العقبة” ،تؤيد احياء خط النفط السوري العراقي ، الذي تسعى روسيا لتشغيله ، حيث أجرى السفير الروسي في العراق لقاءات عدة مع القوى السياسية العراقية بخصوصه وحصل على تأييد العديد من تلك القوى بما فيها القوى السياسية “السنية” ..
يعتبر تشغيل خط النفط “العراقي السوري” البالغ طوله 800 كم أقل كلفة بكثير من الخط المزمع تنفيذه من البصرة إلى العقبة ، كما أنه يعتبر بديل عن الخط العراقي المتجه عبر الأراضي التركية إلى ميناء جيهان التركي على البحر المتوسط والذي تمتلك روسيا 60% منه عبر احدى شركاتها ..
“نوري المالكي” عارض بشدة تنفيذ خط “البصرة – العقبة” واعتبر التعاقد عليه مخالفا لصلاحيات حكومة تصريف الأعمال “الكاظمي” وهدد باللجوء للمحكمة الاتحادية في حال التعاقد على تنفيذه ..
يأتي هذا التحرك كله عقب ما طرحه رئيس حكومة إقليم كردستان منذ أسابيع قليلة عن استعداد الإقليم لتصدير الغاز والنفط إلى أوروبا كبديل عن الغاز الروسي مطالبا بغداد بالتعاون في ذلك ( كتبنا مقال حول ذلك منذ اسبوع بعنوان “هل تدخل اربيل اللعبة الكبرى” ؟ ) ..
أن التحرك الذي تشهده الساحة العراقية لجهة طرح مشاريع الطاقة في ظل أزمة الطاقة العالمية ، ودخول العديد من اللاعبين الإقليمين في هذا الملف ، يعكس ربما ما يجري من مفاوضات خلف الكواليس حول ملفات عدة في المنطقة ومنها ملف الطاقة وخطوطها..
يشار في هذا الإطار أيضا إلى أن “إيران وسورية والعراق” ناقشت مسبقا عملية تصدير النفط الإيراني عبر الأراضي العراقية إلى ميناء بانياس على المتوسط ومنه إلى السوق العالمية ..
وأمام كل هذا التنافس والحراك ، تبدو الامور متجهة إلى التعطيل الكامل لكل المشاريع أو الاتفاق الكامل ، او ربما استغلت “روسيا وإيران وسورية” الحاجة الأوروبية والغربية للتزود بالنفط وتعويض نقص إمدادات الطاقة لفرض مشاريعهم على حساب المشاريع المنافسة ..
ومن هذا المنطلق يمكن فهم حالة العقم السياسي في الساحة العراقية ، والتي فشلت فيها القوى المتنافسة في الاتفاق على تشكيل حكومة جديدة بعيد الانتخابات الأخيرة حتى الآن ، ولذلك فإن شكل الحكومة العراقية المقبلة سواء كانت حكومة وحدة وطنية أو حكومة أغلبية ، سيشكل مؤشرا هاما على طبيعة الخيارات التي سيجري اعتمادها بخصوص خطوط الطاقة ، كما أنه سيعكس اتجاهات الاشتباك أو التوافق القادم ..