تصعيد سعودي كبير حتى الإنتخابات النّيابيّة.. “7 أيّار جديد في لبنان”؟!
ماجدة الحاج | كاتبة وباحثة لبنانية
على قاعدة “العَين بالعَين والسّن بالسّن والبادي أظلم”، قفز حزبُ الله من مربّع السّكوت على الهجمة السعوديّة العنيفة عليه، الى مربّع الهجوم. فعلانية ودون مواربة هذه المرّة و”في عُقر داره”، آثر الحزب توجيه رسائل غير مسبوقة الى السعودية عبر استضافة مؤتمر لمعارضيها امس الأربعاء -لقاء المعارضة في الجزيرة العربيّة، بالضاحية الجنوبيّة، ما يُبرز بوضوح انّ مواجهته للهجمة السعوديّة ستكون من الآن وصاعدا “ندّية”، بعدما أسّس أمينه العام السيّد حسن نصرالله في خطابه الأخير- الذي ردّ فيه بشكل مباشر وبعبارات مدوّية على الملك السعودي الذي وصف الحزب بالإرهابي.. لمرحلة جديدة من المواجهة مع المملكة، فيما يبدو انّ الأخيرة التي باتت تلعب على حافّة الهاوية في حربها الطويلة على اليمن، ستكون بانتظار حدثّين “خطيرَين” في المرحلة المقبلة، احدهما قد يكون مرتبطا بحراك مفاجئ على خلفيّة احتجاز الأمير محمد بن نايف- بحسب ما سرّبت معلومات صحافيّة عبريّة عن مصدر في صحيفة “كاونتر بنش” الإستقصائيّة الأميركية، والذي ألمح الى حدث مُرتقب غير متوقّع وصفه ب” الخطير” داخل الأسرة المالكة السعودية.
وفيما يبدو انّ الحرب على اليمن ستنحو صوب قواعد اشتباك خطيرة ومغايرة من الآن وصاعدا، بعد عودة دولة الإمارات الى رحى الحرب عقب انكفاء لمدّة نحو عامَين عن المشاركة في هذه الحرب، ودخول “اسرائيلي” نشط الى جانب “الوكيلّين” الخليجيًّين في ادارة المعارك خصوصا في شبوة ضمن غرفة عمليّات تمّ توسيعها- وفق ما كشف ضباط اميركيون بينهم روبرت باير- الضابط السابق في وكالة المخابرات الأميركية سي آي إي، يرصد حزبُ الله بالتزامن، خيوط سيناريو اميركي-سعودي خطير في لبنان، تدعمه “اسرائيل” بقوّة من الخلف للمرحلة الفاصلة عن الإنتخابات النيابية اللبنانية- وهو ما أسرّ به اكثر من دبلوماسي غربي لشخصيّات صحافيّة لبنانيّة في الآونة الأخيرة.
السيناريو المعادي ليس جديدا وقد بدأت ترجمته في لبنان عبر الحصار المطبق، وإرساء واقع فوضى “مدروسة” في البلد، وبدا واضحا من خلال إخفاء الدواء والوقود من الأسواق، ما تسبّب بضائقة مخيفة أذلّت اللبنانيين في طوابير لا حدود لها الصّيف الماضي، على وقع تفلُّت الدولار من عقاله وملامسته سقفا غير مسبوق ادّى الى تحطيم قدرة السواد الأعظم من اللبنانيين على الإستمرار، ما بات يُنذر بقرب انفجار مجتمعي خطير يودي بنهاية المطاف الى تحقيق الهدف المنشود: تأليب الشعب اللبناني على حزب الله وتحميله وزر معاناته والإنهيار الشامل… امّا جديد السيناريو المعادي، فهو إعلاء وتيرة الهجوم على الحزب الى نحو غير مسبوق في المرحلة الفاصلة عن الإنتخابات النيابية، دون استبعاد عمليّات اغتيال قد تطال إحدى الشخصيّات المناهضة للمقاومة لإلباسها التهمة- وكمائن امنيّة في طريقها لا يُعرف سقف خطورتها، وطبعا مع الإمساك بحبال “تطيير” الدولار نحو مستوى غير مسبوق لمزيد من الضغط المعيشي على الشعب اللبناني..
وجاء ظهور رئيس حزب القوات سمير جعجع منذ يومين في لحظة “صدمة” ملامسة الدولار سقف 33 الفا مقابل الليرة ليؤكّد المؤكّد.. لم يجد حرجا في الإعلان انّ انتخاب جماعته هو فقط من “سيُنزل” العملة الخضراء، في ابتزاز واضح للّبنانيين، وإقرار ضمني بأنه يتحكّم ب “تطييرها”.. وهو ما اجمع عليه اكثر من مصدر صحافي لبناني، سبق وأفاد بأنّ “المنصّات المجهولة” التي تتلاعب بسعر الصّرف يتحكّم بها الحزب اليميني بمشاركة زعماء لبنانيين، كما بالتلاعب بإخفاء الوقود من الأسواق..هذا قبل ان يُفتضح أمر الأخوَين الصّقر في احتكار البنزين وسحب كميّات ضخمة منه من الأسواق، ليتبيّن انهما ينتميان الى حزب القوّات.
يُدرك حزبُ الله انّ السعودية اوكلت مهمة تنفيذ السيناريو المعادي الى وكيلها ورأس حربتها في لبنان رئيس حزب القوات سمير جعجع.. فهو الحزب المطلوب “اسرائيليّا” ان يكون “رافعة” البلد الى التطبيع في المرحلة المقبلة.. موقع “ويكيليكس” كشف عن لسان متحدّث “اسرائيلي” قوله حرفيّا” إنّ القوّات اللبنانيّة هي حليفُنا الأكبر والأقوى في لبنان. ونحن نضغط على السعوديّة لتأمين الغطاء الكامل لها خصوصا للإنتخابات النيابية القادمة، وعلى كلّ محبّ لإسرائيل ان يدعم حليفنا اللبناني بكافّة اشكال الدّعم المالي واالوجستي”.
وعليه، بات حزبُ الله امام استحقاق خطير..ولم يعُد جائزا ان يبقى في مربّع امتصاص الهجمات السعوديّة عليه سيّما ادراكه انّها تُشنّ عليه بالوكالة عن الثنائي الأميركي- “الإسرائيلي”.. وبات السؤال اليوم” الى اين ستصل المواجهة الشرسة بين الحزب والسعودية”؟ هل يقلب الحزب الطاولة على الجميع؟ وهل نشهد 7 ايّار جديد في لبنان؟
عندما وسم الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله يوم 7 ايار 2008 ب “يوم مجيد” كان يعرف جيّدا ما يقول.. وقتذاك اجمعت تقارير غربيّة عدّة على حراك استخباري معادي كان يجري في لبنان لتنفيذ سيناريو خطير جُنّد لأجله الاف المسلّحين “المتشدّدين” من مناطق شماليّة، وكان من ضمن مندرجاته توريط الجيش اللبناني بمعركة كبرى مع المقاومة، وإخراج مطار بيروت الدولي من الخدمة –بزعم “احتلاله من قِبَل حزب الله”، واستبداله بمطار القليعات.. وهذا بالمناسبة مطلب “اسرائيلي” سبق لرئيس الحكومة” الإسرائيليّة” السابق بنيامين نتنياهو، ان طالب الكونغرس الأميركي بإخضاع مطار بيروت ل”وصاية دوليّة”.. كان الرّهان المعادي حينها من خلال قرارات حكومة فؤاد السنيورة في 5 ايار، والتي قضت بالإطباق على احد اهمّ مصادر قوّة الحزب –سلاح الإتصالات،على تطويقه بحرب داخليّة طويلة الأمد تؤدي الى استنزافه، الا انّ الحزب –وبعمليّة جراحيّة دقيقة، نسف السيناريو من اساسه ببضع ساعات أذهلت الأروقة الأمنية والإستخبارية المعادية.
هذا قبل ان يكشف الصّحافي والكاتب الفرنسي تيري ميسان- رئيس شبكة “فولتير”، “انّ المعركة السّريعة التي نفّذها حزب الله في لبنان يوم 7 ايّار 2008 ، كانت على خلفيّة رصده حراكا معاديا تهدّد لبنان على نحو خطير، وحدّد الحزب مراكز تجسُّس تأوي عناصر من “الموساد” الإسرائيلي الى جانب ضبّاط استخباريّين سعوديّين، خاصّة في ابنية تلفيزيون المستقبل وأرشيفه”- وفق اشارته.
يومذاك لم يكن التدخُّل السعودي في لبنان “فاقعا وهجوميّا وعلنيّا” كما هو اليوم.. فهل يُعاد نموذج 7 ايّار في لبنان مرّة اخرى؟ سيّما انّ ظروفا اضافيّة اكثر خطورة وتعقيدا طرأت على لبنان بعد 13 عاما على ذاك اليوم، حيث لم يكن البلد حينها في عّين عاصفة حرب التّجويع التي تُشنّ عليه اليوم، وكان لا يزال تحت مظلّة استقرار مالي ومعيشي رغم “الخضّات” المتعاقبة التي هزّت استقراره ونسيجه الإجتماعي، بدءا بعمليّة اغتيال الحريري وما تلاها من حرب “اسرائيليّة” مدمّرة على لبنان او ما عُرف ب حرب تموز 2006 .. ولربّما يرى الحزب انّ الهجمة المعادية والدّاخليّة عليه اليوم، اخطر مما سبقها، خصوصا انّها تأخذ البلد وشعبه كاملا “رهينة” تصفية حسابات المحور المعادي مع المقاومة.. وهنا مكمن الخطر!
ويبدو انّ العام الجديد الذي افتُتح بباكورة سلسلة ضربات مدروسة في مرمى المحور المعادي، في ذكرى اغتيال قائد قوّة القدس الشهيد قاسم سليماني، مُكملٌ على متن تطوّرات عسكريّة في المنطقة على قدر كبير من الأهميّة.. “ولربما يتمثّل إحداها بإنجاز عسكري نوعي يُنفّذُه مقاتلو حركة “انصار الله” اليمنيّة في سابقة هي الأولى- وفق ترجيح مصدر في موقع “ميدل ايست آي”، لم يستبعد ايضا أحداثا مرتقبة غير معهودة سابقا في لبنان تُتوَّج بحدث “من العيار الثقيل” يُبعثر الأوراق السعوديّة ” ومن خلفها” على نحو غير مسبوق!