واشنطُن فَوَّضَت باريس وتعويمٌ فرنسيٌ لبِن سلمان.
اسماعيل النجار | كاتب وباحث لبناني
كيف ما ضربها إبن سلمان كانت تخيب،
إلَّا هذه المَرَّة أصابَت مع ولي العَهد السعودي في لبنان،
ظروفٌ مؤاتية جاءَت لصالحِهِ عن طريق الصُدفَة القرداحية،
تَلقَفها المسؤول السعودي الرفيع حيث جَرَت الرياح كما تشتهي سُفُنَهُ تماماً!
كَم كآنَ محظوظاً إبن سلمان!؟
الخطوَة الفرنسية إتجاه الرياض جاءَت بقرارٍ رئاسيٍ فرنسي تهدُفُ إلى تسجيلِ نقاطٍ لصالحِ مانويل ماكرون في صفحة ملفهِ الإنتخابي الرئاسي الفارغ منذُ بداياتِ عَهدِه،
وبناءً على تفويضٍ أميركيٍ له بعدما رَغِبَت واشنطُن التراجُعَ قليلاِ في لبنان إلى الخلفِ كما حصلَ في اليمن ولأسبابٍ سياسية ترتبط بالملف النووي الإيراني،
التراجع الأميركي هذا المقصود إلىَ الخَلف، والمدروس بدِقَّة متناهية لخطواتٍ معدوداتٍ في الملف اللبناني،
يعود مَرَدُّهُ إلى رغبَة الإدارة الأميركية الإبتعاد عن أيَّة مواجهة مباشِرة مع حزب الله على غِرار ما حصلَ بعد القرار الأميركي بحصار لبنان ورد الحزب بكسر الحصار عنه من خلال جلب السُفُن الإيرانية المُحَمَلَة بالمازوت،
ورفعهُ منسوب التحدِّي بوجه واشنطن، إلى درجَة التهديد بالرَد العسكري في حال المساس بها ورفع درجة التأهب والإستعداد في وحدات صواريخه إلى أقصىَ حَدّْ ممكن،
من هنا كانت رغبة واشنطُن عدم البقاء في واجهة الصدام في لبنان مع المُقاوَمَة مؤقتاً حتى لا يتم تعكير أجواء المفاوضات النووية التي كانت ستجري في فيينا بينها وبين طهران برعاية أل 4+1 والتي حصلَت لاحقاً بتاريخ 29/11/2021. والتي كانت ستؤثرُ عليها حُكماً وبكُل تأكيد.
المفاوضات الإيرانية الأميركية اليوم على المِحَك، وتمُر بمرحلة دقيقة للغاية لا تحتمِل أي إنفجار جانبي في المنطقة قد يطيح بها ويأخُذ الأمور إلى مآ لا تُحمَدُ عُقباه،
لذلك جَنَّبَت واشنطن نفسها وتَنَحَت جانباً ولو مؤقتاً واتخذت قراراً بتوظيف باريس مديراً لأعمالها في الشؤون اللبنانية بصلاحياتٍ محدودة ومراجعاتٍ يومية،
إستغلتها باريس للقيام بعقد صفقات تجارية مع الإمارات وقطر والسعودية!
مانويل ماكرون المُتَرَبِص لِلتَحَيُّن بأيِ فُرصَة قد تُتاح له لتحقيق إنجاز يساعدهُ بالفوز في ولاية رئاسية ثانية،
إستَغَلَّ الأزمة اللبنانية السعودية والتوَسُل (النصف لبناني؟) لنَيل رِضا آل سعود،
فأشتَرَطَ تقديم أضحِيَة إسمها “القرداحي” لكي يحملها لولي العهد محمد بن سلمان هديةً ورعبون تنازل لبناني مبدأي من أجل إعادة ترتيب العلاقات بين البلدين العربيين الشقيقين!
وبالفعل كان له ما أراد! لقد إستجابَ نجيب ميقاتي رئيس حكومة لبنان ومن خلفه المنبطحون ونفذوا الشروط الفرنسية بالكامل وأستقال الوزير قرداحي،
فكانَ لبنان أحد أبواب المملكة السعودية العريضة التي دخَل عبرها الرئيس الفرنسي إلى صالون قصر اليمامة في الرياض،
ليخرج بعدها بعقودٍ وإتفاقياتٍ وصفقات سلاح باعَ واشترىَ فيها الرئيس الضيف على حساب كرامة لبنان واللبنانيين.
في وطَن الأرز وجَعٌ قديمٌ يتجَدَّد، إسمهُ إستدراج التدخُل الخارجي والإستقواء بدُوَل الإستعمار على بعضهم البعض،
لأن الكرامة عند البعض تتسَبَّب لهم بالحساسية فلا تتناسب مع طبيعة تكوينهم في بطون أمهاتهم.
لبنان يحملُ في أحشائِهِ دولة مريضة، وعلى ظهرهِ أناسٌ تغلَّبُوا على الشياطين بأفكارهم الجُهَنَّمِيَة ألتي لا تُخَطِط إلَّا للوصول إلى السلطة والنهب والإنبطاح تحت أقدام الآخرين.
في النهاية مُحَمد بن سلمان المخلوق الإنفعالي الغضوب خَرَج أو أخرَجَ نفسه من لبنان بغبائه السياسي،
وشطَب دورهُ المهيمن والمسيطر بعملية سحب سفيره وطرد السفير اللبناني من بلاده،
فلَم يَطُل الأمر حتى جاءَت المبادرة الفرنسية المصحوبة بالإنبطاح اللبناني، لتُشَكِلَ له جسرَ عبورٍ في طريق العودة إلى بيروت،
وشَكَّلَت فُرصَةً ذهبيةً له لَم يَكُن ينتظرها أعادتهُ إلى عِز سطوتهُ وعلوهُ وكبريائهُ،
ولي العهد هذا المنبطح تحت أقدام كل دُوَل العالم الغربي المُستَبِد وخصوصاً الكيان الصهيوني الغاصب الذي يتوسلهُ ليلَ نهار،
عادَ سيداً إلى لبنان بفضل إسترخاء رجال المال والأعمال وأصحاب القصور وشهوات السُلطَة،
لكنه يجب أن يعلَم أن في وطن الأرز مقاومة لها سيدها وهي سيدة لبنان ورجالها أسياد المشرق والمغرب،
ونحنُ نعتبرهُ عدواً لدوداً لنا وسيداً فقط على الأنذال.
الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن رأي موقع المراقب