في الذكرى الحادية والخمسين للتصحيح المجيد
الدكتور محمد رقية | باحث واكاديمي سوري
تمر الذكرى الحادية والخمسين للحركة التصحيحية المجيدة في سورية التي قادها الزعيم القومي القائد الخالد حافظ الأسد عام 1970 والتي شكلت تحولاً استراتيجياً نوعياً في تاريخ سورية المعاصر وحققت جملة من الانجازات الوطنية في مختلف المجالات الاقتصادية والعلمية والثقافية والاجتماعية والعسكرية والسياسية وفي مقدمتها التعددية الحزبية في إطار الجبهة الوطنية التقدمية التي جسدت الوحدة الوطنية بين أبناء الشعب العربي السوري وشكلت النموذج المميز الذي يحتذى به وخاصة بعدما اصبح ينعم بالتعليم والطبابة المجانة وحماية السلع الضرورية من الاحتكار فاستعادت سورية من خلال الحركة دورها ومكانتها الريادية على الصعيد الوطني والعربي والإقليمي والعالمي وترسيخ الاستقرار الداخلي في القطر من خلال إرساء دولة المؤسسات والقانون .
لقد كان من أهم انجازات الحركة التصحيحية الانتصار الكبير في حرب تشرين التحريرية التي قهرت الجيش الصهيوني الذي لا يقهر في أول حرب عربية صهيونية حقيقية في تاريخ الصراع العربي الصهيوني ، وقد جاءت نتائج هذه الحرب بالغة الأهمية على الصعيد العسكري وعلى الصعيدين العربي، والدولي وقد قال فيها القائد الخالد حافظ الاسد ( إن حرب تشرين التحريرية التي خاضت قواتنا المسلحة غمارها على جبهة الجولان ببسالة تبعث على الفخار وكفاءة تدعو إلى الاعتزاز وحققت مع القوات العربية المصرية الباسلة على جبهة سيناء، ومع سائر الأشقاء الأبطال الذين قاتلوا على الجبهتين نصراً لأمتنا العربية سيبقى بعيد الأثر في حياتها وشديد الوطأة على أعدائها حتى يزول العدوان وتعود الحقوق المغتصبة إلى أصحابها)
لقد استمرت سورية بمواقفها الثابتة والمبدئية في مواجهة المخططات والمشاريع الصهيوامريكي بعد حرب تشرين التحريرية وبقيت متمسكة بأهدافها وثوابتها الاستراتيجية الوطنية والقومية رافعة لواء الصمود والمقاومة لمواجهة العدوان الصهيوامريكي الذي حاول إخضاع المنطقة لما يسمى نظام الشرق ألأوسط الجديد الذي تحطم على صخرة صمود المقاومة من العراق إلى لبنان وفلسطين.
لقد ربط القائد الخالد منذ اللحظة الأولى للتصحيح المجيد مسألة الحرب والسلام في المنطقة بالقضية الفلسطينية عندما قال (إن القضية الفلسطينية هي قضيتنا المركزية باعتبارها جوهر الصراع العربي الصهيوني وبالتالي هي محور نضالنا القومي ) فصدق القول والفعل ورفض كل المشاريع ومخططات التسوية المشبوهة والمنفردة ونبه إلى مخاطرها بشكل مبكر وقرع جرس الإنذار برفض اتفاقيات كامب ديفيد الخيانية التي أخرجت مصر من معادلة الصراع العربي الصهيوني وأسست لانقسام الأمة العربية ولحقها توقيع اتفاقيات اوسلو ووادي عربة التفريطية .
أن مسيرة التطوير والتحديث السورية التي قادها الرئيس المفدى بشار الأسد منذ خطاب القسم في تموز عام 2000 حتى اليوم هي امتداد طبيعي لفكر ونهج الراحل الخالد حافظ الأسد لتزداد عمقاً وشمولاً على امتداد الوطن العربي والعالم بشكل عام .
إن الحرب العدوانية الكونية التي تتعرض لها سورية منذ أكثر من 10 سنوات عبر عصابات الارهاب المأجورة في الداخل والمستوردة من كل اصقاع العالم والتجييش والدجل الإعلامي الخطير من أكثر من 800 وسيلة اعلامية عربية وعالمية لكسر ارادتها في الصمود والمقاومة واسقاط هذه القلعة تحت يافطة ما يسمى الربيع العربي (العبري ) لتحقيق ما عجزت عن تحقيقه سياسة الترهيب والترغيب والعدوان الصهيو- أمريكي لتسديد فواتيرهم القديمة الجديدة معها بسبب تمسكها بمواقفها الوطنية وثوابتها القومية وفي مقدمتها دعم ومساندة المقاومات الفلسطينية واللبنانية والعراقية.
إن من يتابع مسلسل الحرب الكونية على سورية يستنتج انها فشلت فشلا” ذريعا” في تحقيق اهدافها السياسية والعسكرية بعد تحرير معظم المناطق من الإرهاب المدعوم خارجيا” بسبب الوحدة الوطنية الصلبة للشعب العربي السوري المقاوم ووحدة قواته المسلحة الباسلة وقيادته الحكيمة بقيادة الرئيس بشار الاسد الذي استطاع ادارة الصراع بحكمة وحنكة غير عادية في مواجهة هذه الحرب الكونية واتخاذ اهم القرارات الاستراتيجية في حسم المعارك الى جانب حلفائه وتحقيق اهم الانتصارات العسكرية على تحالف الشر الغربي وعملائه الصغار المتصهينين في المنطقة وعصاباتهم الوهابية التكفيرية مما قدم فرصة ذهبية للقيادتين الروسية والصينية الذين استثمروا هذه الانتصارات ليخرجوا الى العالم من البوابة السورية كقوة دولية ستضع بداية النهاية للقطب الامريكي الأوحد المتحكم بالسياسية العالمية للتحول الى عالم متعدد الأقطاب .
إن المقاومة لن تتوقف حتى إزالة كل آثار هذا العدوان الهمجي وتحرير ما تبقى من الأرض المغتصبة شمالا” وشرقا” وجولانا”
لقد بدأت رحلة الحج إلى دمشق عربيا” ودوليا” وستتوسع وتتطور لنحقق أهدافنا في النهوض من جديد .
كل عام وشعبنا وجيشنا وقائدنا والمقاومات العربية بألف خير