الحزب أبلغ المعنيين: سنستقيل إن أُقيل قرداحي.. هل اتُخذ قرار تفجير لبنان؟
محمد حمية | كاتب وصحافي لبناني
المملكة ستقوم بعملية “تصفية” للبنانيين الذين يملكون صلات قربى مع “مؤسسة القرض الحسن”
بعدما اجتاز لبنان قطوع أحداث الطيونة التي كادت تجُرّ البلاد إلى منزلق خطير، وتمكّن العقلاء من ابتداع حل لأزمة تنحي القاضي طارق البيطار وعودة حكومة “معاً للإنقاذ” إلى الإنعقاد، نزل القرار السعودي كالصاعقة على رأس الحكومة وعلى البلد برمّته، ما أعاد خلط الأوراق الداخلية وشرّع الباب على عاصفة تطورات دراماتيكية ستحمل معها رياحاً عاتية ستلفح الجسم الحكومي الذي قد لا يقوى على مقاومتها.
القضية “ليست رمانة بل قلوب مليانة”، هكذا يوصف مصدر سياسي مطّلع على الشأن الداخلي والإقليمي المشهد، “فالسعودية بحملة التصعيد المستجدّة تواكب الحركة الأميركية – الإسرائيلية للضغط على الحكومة اللبنانية لتنفيذ سلّة المطالب والشروط الأميركية، ومن خلفها الإسرائيلية، لا سيما شروط صندوق النقد الدولي التي تصل إلى حدّ بيع أصول ومرافق الدولة وتصفية ما تبقى من حقوق ومدّخرات ورواتب للموظفين، إلى جانب ملف ترسيم الحدود مع بلوغ المفاوضات بشأنه مرحلة حاسمة، في ظل الحركة المكوكية المكثّفة للوسيط الأميركي الجديد بين لبنان والكيان الصهيوني”.
ويكشف المصدر عبر “أحوال” أنه “ومنذ تأليف الحكومة، أبلغت السعودية مسؤولين لبنانيين معنيين عبر وسطاء، عدم رضاها عن حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، لكنّها فضّلت انتظار سياسات الحكومة”، مضيفًا: “لكن ظهر لاحقاً بأن الحكومة لن تكون أداة طيعة بيد الأميركيين والسعوديين، فاتُخذ قرار حصارها بسلسلة إجراءات حتى إخضاعها أو إسقاطها، لكنها كانت تنتظر التوقيت والظرف المناسبين، فجاءت تصريحات الوزير جورج قرداحي لتكون الحجة”.
ويلفت إلى أن “الخطة السعودية تهدف إلى إجبار الحكومة على إقالة قرداحي وتلبية الشروط الأميركية، أو استكمال الضغط لإسقاط الحكومة وأخذ لبنان إلى الفراغ السياسي والفوضى الاقتصادية والاجتماعية والأمنية”، إذ يربط المصدر بين التصعيد السعودي وبين التقدم العسكري لحركة “أنصار الله” في مأرب، وفشل كمين الطيونة الذي استتبع بحل دستوري بين الرئيس نبيه بري والبطريرك الراعي، طوق “مشروع البيطار”، فقررت المملكة رفع مستوى التصعيد للضغط على “حزب الله” علّه يرضخ للمطالب الأميركية الإسرائيلية أو تسقط الحكومة ويجري تشكيل حكومة جديدة بتوازنات سياسية تلبّي الشروط وتفتح الباب على تحوّل جذري في الموقف اللبناني”.
وتوقّع المصدر “تكثيف الضغوط على رئيس الحكومة نجيب ميقاتي خلال اليومين المقبلين لإجباره على الإستقالة”.
وبحسب معلومات “أحوال”، فإن “ميقاتي أجرى سلسة اتصالات خلال 48 ساعة الماضية بعدد من المسؤولين الأميركيين والخليجيين في محاولة لاحتواء الموقف الخليجي المستجد، وكذلك تواصل مع “قصر الإيليزيه” للإستفسار عن حقيقة الموقف الأميركي والغربي والأوروبي عموماً من حكومته، وما إذا كان هناك قرارًا خارجيًا بإسقاطها، كما استفسر عن تعامله أزاء هذا الموقف، فهل يتجه للإستقالة أم يتريث بانتظار مساعي ربع الساعة الأخير، كون ميقاتي يدرك استحالة أن تعيش حكومته خارج “الإناء” العربي والخليجي، فطلب الفرنسيين من ميقاتي الإنتظار لإجراء مروحة اتصالات مع واشنطن والرياض والإمارات لمحاولة تطويق ذيول الأزمة”.
وما يجدر التوقف عنده هو موقف الجامعة العربية التي لم تجارِ السعودية بمستوى موقفها، بل جاء موقف الجامعة معتدلاً، فمن جهة طالبت لبنان بالعمل على معالجة الأزمة، ومن جهة ثانية دعت دول الخليج لإعادة النظر بإجراءاتها.
في المقابل، يكشف المحيطون بـ”حزب الله” أن “إقالة قرداحي سيدفع وزراء الحزب للإستقالة من الحكومة فوراً، فالقضية لم تعد مصير وزير، بل مسألة سيادة ومواجهة عدوان سياسي – ديبلوماسي اقتصادي، يعمل على إرضاخ وإذلال لبنان ويخفي قراراً بتعميم الفراغ السياسي والحكومي لأخذ البلد إلى آتون الفوضى والخراب الأمني على غرار مشهد الطيونة”، ويشدد المقربون من “حزب الله” لـ”أحوال” على أنه “سيواجه الحلقة الجديدة من مشروع العدوان، أولاً برفض إقالة قرداحي، وثانياً الإستقالة في حال تم ذلك، وثالثاً رفض أي خضوع للإبتزاز لتلبية المطالب الأميركية الإسرائيلية المذلة”، مضيفين: “الحزب لن يتراجع في هذه المعركة كما لم يتراجع في معارك أشد إيلاماً”.
وبحسب المعلومات المتوافرة عن حركة الإتصالات، فإنه في حال إقالة قرداحي سيقتصر الأمر على خروج وزراء الحزب فقط، أما وزراء “حركة أمل” ووزير “المردة” الثاني، فلن يستقيلوا راهناً، لكن خروج وزراء الحزب سيعطل الحكومة أيضًا ويدفع البلد إلى توترات ومظاهرات قد تأخذ إلى فتنة وأزمات كبرى لن يتحملها ميقاتي، فسيذهب بدوره للإستقالة، لكن لا شيء محسوم حتى الآن والأمر رهن الإتصالات الداخلية الخارجية.
وينفي المقربون بأن يكون “حزب الله” مأزوماً كما يصور بعض الإعلام المشبوه، “بل لا يزال الحزب في كامل قوته، وهو جزء من تحالف إقليمي – دولي وازن على الساحة الدولية، لذلك لن يسقط في فخ من هنا أو ضغوط مالية وسياسية وهجمة خليجية من هناك، فالمحور الآخر في ذروة أزمته ويحاول تنفسيها في لبنان، لكن يخشى المقربون أن يؤدي تفاقم الضغوط على الحاضنة الوطنية للمقاومة في دول الخليج لرفع مستوى العداء للحزب”.
وفي هذا السياق، تكشفت مصادر مقربة من السعودية لـ”أحوال” أن “المملكة ستقوم بعملية “تصفية” للعاملين اللبنانيين لديها وربما في دول الخليج الأخرى، وذلك عبر ترحيل اللبنانيين الذين يملكون صلات قربى أو تعاملات مالية مع “مؤسسة القرض الحسن”، وسيجري التدقيق بـ”داتا القرض الحسن”، مضيفة: “وما قرار العقوبات السعودية على المؤسسة منذ يومين، إلا تمهيد لهذا الإجراء الذي سيترك تداعيات اقتصادية سلبية على لبنان”.
وبحسب المعلومات، فإن “حارة حريك” تترقب مآل الأمور وتجري تقييماً للحركة الخليجية التصعيدية الجديدة ومجمل الأحداث الأخيرة، لتقر الحاجة إلى إطلالة للأمين العام لحزب الله، السيد حسن نصرالله، قد تكون بداية الأسبوع المقبل.
احوال ميديا