«حراك ديني سنّي» في مواجهة الجوع والفقر يحرج دار الفتوى
كمال ذبيان | كاتب وباحث لبناني
في الشارع والساحات، «حراك شعبي» من اعتصامات وتظاهرات وقطع طرقات، في مواجهة الجوع والفقر، طال نحو 82% من الشعب اللبناني، في ظل الانهيار الذي وصل اليه لبنان، نتيجة الفساد والهدر، بسبب الطبقة السياسية التي تحكم منذ ما بعد اتفاق الطائف، والتي ادت افعالها الى ان ترتطم الدولة بالارض ويبدأ هيكلها بالانفراط وكذلك الوضع في القطاعات الاخرى، سواء العام منها او الخاص، اذ تعطلت المؤسسات، بعد ان فقدت الليرة اللبنانية قدرتها الشرائية، امام ارتفاع سعر صرف الدولار، الذي بعد تثبيته لسنوات، دون اقامة اقتصاد منتج، وتحقيق نمو فيه، جاء تحريره ليقضي على اموال المودعين المنهوبة من المصارف ورجال مال واعمال وسياسة. فالى جانب «الحراك الشعبي» المتوقف عن العمل منذ اكثر من عام ونصف العام، وقد يكون وباء «كورونا» احد اسبابه، فان «حراكاً دينياً»، بدأ يظهر منذ فترة يقوم به مشايخ علماء من الطائفة السنية والذين يعتبرون الجهاز الديني الرسمي التابع لدار الفتوى، التابعة ادارياً الى رئاسة الحكومة كأحد المؤسسات الدينية الاسلامية، التي تدخل من ضمن موازنة رئاسة الحكومة، كما المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى والمجلس المذهبي الدرزي الذي يرأسه شيخ عقل لطائفة المسلمين الموحدين الدروز.
ويبدو ان هذا الحراك، الذي يمثل شريحة واسعة لعدد لا بأس به من المشايخ الذين لا تكفيهم رواتبهم المتدنية اصلاً، من قضاء حاجاتهم الاساسية، تقول المصادر، التي تكشف بان لا احد من اثرياء الطائفة السنية، قام باي مبادرة انسانية لانقاذ مئات العائلات لمشايخ يعانون الفقر والعوز.
ويلوم من في «الحراك الديني السني» الرئيس الحريري و«تيار المستقبل» على اهماله لهم، ولم يتطلع الى مطالبهم، وهو خسر قاعدة واسعة من المشايخ، ولا يكفيهم ان يروا عدداً قليلاً من رجال دين سنة، يزورون «بيت الوسط»، اذ ان الانتخابات النيابية المقبلة، هي ساحة امتحان للحريري وتياره، كما لغيره ايضاً.
ويتجه هذا «الحراك الديني السني»، الى تنظيم احتجاجات من الشمال الى الجنوب مروراً ببيروت والبقاع وجبل لبنان، وسيشارك فيه، مشايخ كبار في دار الفتوى وفي موقع المسؤولية، اضافة الى دعم من قبل اعضاء في المجلس الشرعي الاسلامي الاعلى، حيث يجري التشاور مع هؤلاء جميعهم، لتصحيح الخلل كما في كل المؤسسات قبل الوقوع في المحظور، اذ ترى المصادر في خروج رجال دين الى الشارع، قد يغير ما كان يحصل سابقاً من تحركات احتجاجية، وهذا ما يجب على من هم في موقع المسؤولية ان ينتبهوا له.