الخميس الاسود وضرورة التصدي للتحديات الجديدة
حسن عماشا | كاتب وباحث لبناني
منذ الخميس الاسود والذي هو في منطلقاته يستنسخ “السبت الاسود” (١٩٧٥) الذي كان بداية مشروع التقسيم والتطهير الديموغرافي.
أصبح اي مقاربة للاحداث من الإطار القضائي هو قاصر او مستهتر. وفي الحالتين هو اعجز من ان يقدم رؤية لمسار التطورات سواء كان يدين او يبرر “مجزرة” الخميس الاسود.
أقصى ما يمكن أن يصل إليه القضاء هو توزيع المسؤوليات على الحدث ان هو عمل بشكل مستقل بكونه سوف يتعامل مع الحدث بذاته وأدواته التنفيذية الميدانية.
ما يبقي الأمر هامشيا في حين أن الأحداث تتسارع على كل الصعد وتكشف عن تحولات ومسارات أكبر وأسرع مما يجعل عنوان “كمين الطيونة” اصغر بكثير من التحديات التي يمليها العدوان الاميريكي بالعقوبات والحصار واستهداف السلم الأهلي في لبنان والمنطقة.
وهنا تبرز ضرورة الفرز بين قوى وفكر الماضي الكياني بكل تجلياته واصطفافاته. وبين قوى وفكر التحرر من التبعية والخضوع للإرادة الاميريكية. بضوء هذا الفرز يتكشف ميزان القوى السياسي والاجتماعي الذي يفرض سياسات محددة اما ان تؤدي إلى الإسراع في مواجهة التحديات من دون انتظار مواقف وإجراءات رسمية أو تشكل قوى سياسية -اجتماعية تكون على مستوى مشروع مواجهة.
بل ان هذه الأخيرة يمكن لها أن تنساق بحسب حاجاتها وتأمين متطلباتها الحياتية والتي لن تتامن لها عبر الحكومة او القوى السياسية التي تخضع او تتماهى مع الاجراءات والمطالب الاميريكية. فلا أميريكا ولا أدواتها الإقليمية قادرة او ترغب في التراجع عن الإجراءات بل إنها تلوح بالمزيد منها.
في ظل تفاقم الأزمات الاقتصادية والمعيشية والتي سوف تتزايد مع حلول فصل الشتاء.
كما ان خرق الحصار بما له من دلالات قيمة في تحدي الإرادة الاميريكية لا يكفي وحده في تعطيل التعبئة المعادية للمقاwمة والتي تستغل كل حدث او نقص في مقومات الحياة لالقاء اللائمة عليها. ولا يكفي التصدي للتحريض بالمنطق والوقائع لان في السياسة “لو تعارضت البديهيات الهندسية مع مصالح الناس لعملوا على دحضها”.
لن تفلح الايحاءات باحياء قنوات الاتصال عبر “الوسيط الاميريكي” للمفاوضات حول ترسيم الحدود مع الكيان الصهيوني بالوصول إلى اي نتيجة يتوهم الكيانيون ان فيها يكمن سر الحلول لما يعانيه الكيان اللبناني من نقص بالمال حتى لو قدم لبنان كل التنازلات التي ترضي الكيان الصهيوني بما يتعلق بخط الحدود الاقتصادية.
بالنسبة الاميريكي سيستمر بفرض الإجراءات التي تودي إلى مزيد من الأزمات ليس تجاه لبنان وحسب بل في كل كيانات ودول المحور. الحرب بالنسبة له وحدة متكاملة لا تتجزأ ورغم الحديث عن الانسحاب من المنطقة لن يرحل قبل إشعال نار الفوضى وهو بالتوازي يقوم بذلك. من هنا لم تعد الاشكال السابقة من المواجهة تكفي بالتصدي للتحديات الجديدة. وعليه لن يزيد التحريض والقائم اصلا على التضليل البلاء ان قام قوى المحور في اتخاذ إجراءات مضادة وتجاوز الشرعية الزائفة في العمل على إيجاد الحلول للمعضلات الاقتصادية والحياتية ويمكن على سبيل المثال لا الحصر حل أزمة الكهرباء من دون الخضوع لمزاج القوى في السلطة وفرض وقائع تلبي حاجات الناس إلى أن تنضج الشروط السياسية لتأخذ هذه الحلول طابعها الشرعي والقانوني.