أزمة توجيه الثورة في ذكراها
هادي قبيسي | مدير مركز الإتحاد للأبحاث والتطوير
كرّست المنظمات المدنية الممولة أميركيًا، تحت مظلة تشرين، نفسها لمكافحة المسار التدريجي، وأصبحت أولويتها اثبات وجودها كبديل أكثر كفاءة وأكثر سرعة ليس من خلال الإنجاز، بل بقطع الطريق على البدائل الأخرى، في الوقت الذي لا تملك فيه بديلًا واقعيًا، بل مجرد شعارات تناسب الشباب.
جنحت المنظمات، بفعل قلقها من المنافسة، خصوصاً بعد وصول المازوت، وبدء التحضير لمعامل الكهرباء وشركات التنقيب الإيرانية عن النفط، وبفعل تحريك الممول، لتحويل أولويتها نحو استهداف حزب سياسي متفق على عدم تورطه في فساد الدولة، ما جعلها دون علم منها أداة للفاسدين لاعادة توجيه الأزمة.
من خلال الإعلام، والتحكم بسياق الأحداث، والقدرة على تحديد القضايا ذات الأولوية، استطاع المشغل أن يدفع بمؤيدي المنظمات، الذين لا يتلقون التمويل طبعاً، ليجدوا أنفسهم في نفس الخندق مع طرف عنصري فاسد ومتعفن، يدافعون عن قاضي يتلاعب بالحقائق والوقائع، بحجة حفظ القانون.
هذه المشكلات والإخفاقات غير المنظورة، تعود لفقدان التوجيه الذاتي، وغياب الخبرة لدى القيادات الشبابية، وعدم امتلاكهم للمؤسسات المعلوماتية والمعرفية والتحليلية التي تخولهم اتخاذ القرارات المعقولة، وبالتالي أصبحت الحركة ضحية الإندفاع والشعارات والتوجيه الإعلامي.
تم إقناع الشباب أنه باإمكان المجموعات الصغيرة المنفردة والمتكثرة أن تمتلك القدرة على التغيير واعادة البناء، في الوقت الذي ستعجز فيه تلقائياً عن بناء التشكيل، تاركة الإمكانيات للمشغل حصرًا، متنازلة عن تطلعاتها الثورية لصالح القدرة المالية والإعلامية.
لم تمتلك المجموعات الشبابية القراءة الكافية لتجارب التغيير ومتطلباتها الضرورية الحاسمة، فذهبت في الموجة دون احتساب الممكن السياسي الخاص بالمسار الذي تبشر به، ولذلك لم يكن بمقدورها التحكم بالخطوات أو حتى بالأولويات، بل غدت ضحية الموجات الإعلامية التي تحدد القضايا.