عرض روسي مغر للكهرباء وإعادة تموضع أميركي
عمر عبد القادر غندور | رئيس اللقاء الاسلامي الوحدوي
بكلّ صراحة بلغت حدود الوقاحة وتجاوزتها، قال نقيب أصحاب المولدات الكهربائية إنه لن يتلزم بقرار وزارة الطاقة الذي يحدّد بدل الكيلواط بـ ٣٤٠٠ ليرة لبنانية! وقال بالصوت والصورة انّ أصحاب المولدات لن يلتزموا بالتسعيرة الجديدة، وسيواصلون الجباية على أساس أربعة آلاف ليرة.
عملياً قال نقيب تجار الطاقة لوزير الطاقة ولحكومته: «روحوا بلطوا البحر»…
ولأن الدولة التي أمضت ٧٨ عاماً على الاستقلال لم تبنِ معامل لإنتاج الكهرباء، واستعاضت عنها ببواخر بيع الكهرباء وغير ذلك من الحلول الترقيعية، ولأنها لم تعد قادرة على تزويد ما لديها من محطات التشغيل بسبب ارتفاع أسعار الفيول والمحروقات، ما تسبّب بهدر ما نسبته كبيرة جداً من عجز ميزانية الدولة المفلسة، ينشط التجار والفجار من المحتكرين ويجنون الثروات الطائلة من جيوب اللبنانيين المعدمين، وعلى نحو ما أعلنه نقيب أصحاب الموتيرات «واللي ما عاجبو خليه يعيش بالعتمة!»
وإزاء عجز الدولة المالي والإداري وانسداد الأفق، تلقت الدولة عرضاً روسياً نقله المتخصّص الاقتصادي الدكتور حسن مقلد ومفاده أنّ روسيا على استعداد لبناء مصاف للنفط تؤمّن المحروقات اللازمة لإنتاج الكهرباء خلال ستة أشهر، وبمعدل ٢٠ ألف برميل يومياً وصولاً الى 150 ألف بعد سنة وستة أشهر، وتتعهّد الشركات الروسية بتأمين كلّ المشتقات النفطية التي يحتاجها لبنان بدءاً من يوم توقيع العقود، إلى حين بدء العمل والتكرير متزامناً مع قبل الشركات الروسية الكفالة السيادية اللبنانية من دون الحاجة الى صندوق النقد الدولي، على أن يحظى هذا العرض بضمانة الدولة الروسية.
مثل هذه الهدية السخية التي تضع حداً لمعضلة الكهرباء المستعصية هل يتلقفها لبنان ويتجرأ على قبولها؟
وقبل الإجابة، ينبغي ان تتسلم الحكومة اللبنانية العرض من الدولة الروسية وحسب البروتوكلات المتبعة حتى يُبنى على الشيء مقتضاه.
مثل هذا العرض الروسي لا يمكن أن يأتي من فراغ وأن الولايات المتحدة التي توالت خسائرها في الشرق الأوسط وآخرها الانسحاب المذلّ من أفغانستان، باتت لها أولويات استراتيجية مختلفة لمواجهة التمدّد الصيني العالمي، وثمة توافق أميركي روسي لإعادة ترميم النظم الإقليمية لمواجهة التمدّد الصيني، واعتماد سياسة جديدة مع سورية تعيد لها دورها العربي، وهو ما ألمح إليه الأليزيه الفرنسي، معتبراً انّ الدخول الى الشرق الأوسط يكون عبر دمشق واعتبار الجغرافيا السورية هي الأقدر والأكثر تأثيراً في المحيط العربي، ولذلك كان اللقاء الأوروبي السوري والأردني اللبناني والاتصال السعودي التركي، ولا ندري إذا كان العرض الروسي للبنان ضمن هذا الإطار؟
والجواب في الآتي من الأيام…
البناء