عدم الثقة يسود «لقاء خلدة» وقد يزعزعه
كمال ذبيان | كاتب وباحث لبناني
«لقاء خلدة» الذي ظهر قبل نحو عامين، واتخذ طابعاً درزياً مذهبياً، بالرغم من أن أعضاءه يرفعون شعار «المقاومة والممانعة»، وهذا ما أبقى قوى وطنية فاعلة في الساحة الدرزية خارجه، كالحزب السوري القومي الاجتماعي مطلق المقاومة الوطنية ضد الاحتلال الاسرائيلي، وله شهداء من أبناء الجبل كابتسام حرب (غريفة) احدى الاستشهاديات، ونضال الحسنية في الشوف (عين وزين) ووجدي الصايغ أول من افتتح العمليات الاستشهادية من شارون في عاليه.
ولذلك، فان «لقاء خلدة» هو تجمع سياسي جمعه هدف طائفي، فجرى التركيز فيه على ما يدور في «البيت الدرزي» الذي شد تصدعات، وصلت الى سفك الدماء في مناطق عديدة، من الشويفات الى قبرشمون ودميت، في السنوات الأخيرة، اذ جرت محاولات لوقف التوترات الامنية، التي اسبابها هي سياسية، من خلال التحريض والتعبئة التي يلجأ اليها السياسيون الدروز من رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الى رئيس الحزب الديموقراطي اللبناني طلال ارسلان ورئيس «حزب التوحيد العربي» وئام وهاب، حيث الحوادث الامنية حصلت بين محازبي هؤلاء وسقط قتلى وجرحى، اذ تشير مصادر سياسية درزية الى ان المعالجات التي تحصل بين فترة واخرى، لا تغير في المشهد السياسي أو ما يعكسه من وضع امني.
فكل طرف سياسي من هؤلاء، لا يعمل على الاستثار بالقرار، وان ما جرى مؤخراً في خلدة من اجتماع لكل من جنبلاط وارسلان ووهاب، كان عنوانا امنيا، لعدم الانجرار نحو صدامات مع كل تصريح او تغريدة تصدر عنهم، وهو دائماً ما يحصل على هذه الخلفية، حيث تشير المصادر الى انه مع دخول الانتخابات النيابية، فان الساحة الدرزية ستعود الى سخونتها، ويكفي ما حصل في غريفة من رفض مواطنين للمازوت الايراني وحرق «غالونات» منه، سوى تعبير عن الغليان الذي يسود المناطق، الناتج من المواقف السياسية المتباعدة، حيث يعبر وليد جنبلاط في تغريدات عن موقف سلبي ضد الباخرة الايرانية.
فالاجتماع الذي جمع جنبلاط وارسلان في خلدة، وحضره وهاب، لم يخرج بنتيجة، أذ لم يتم حل اسقاط الدعاوى في حادثة قبر شمون، ولم يتم تسليم المتهم باشتباكات الشويفات امين السوقي، مما ازعج رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي الذي رفض ربط الاحداث الامنية، باخرى لها علاقة بمشيخة العقل، او توزيع النواب، والوظائف الرسمية، كما الاوقاف الدرزية. اذ عبّر جنبلاط عن ذلك، بانه طبق القانون في موضوع انتخاب شيخ عقل، ففاز بالمنصب بالتزكية الشيخ سامي ابي المنى، وبذلك يكون جنبلاط اقفل الباب امام اي حوار مع ارسلان في المسائل الدرزية الداخلية، سوى الاستقرار الامني.
ولم يُضرب ارسلان من جنبلاط، وقد اتهمه بالانقلاب على اجتماع خلده، وعدم الالتزام بما توصل اليه، من تسمية شيخ عقل بالتوافق، بل ان رئيس الحزب الديموقراطي لم يلق تضامناً معه، من «لقاء خلده»، اذ ان وهاب، كان الى جانب جنبلاط، وايّد انتخاب ابي المنى واتصل به مهنئاً، في وقت كان ارسلان يعلن عن ان الشيخ ناصر الدين الغريب يمثله كشيخ عقل، وهو لم يفصح عنه وهاب، الذي اشتبك اعلامياً مع الوزير السابق صالح الغريب، الذي لم يكن راضياً عن موقف وهاب، الذي انقلب ايضاً على «لقاء خلدة»، ويساير جنبلاط الى حد انه يقدمه «كرمز للعروبة»، كما تصف المصادر المشهد، الذي لا ينذر بالايجابية بان يستمر «لقاء خلدة»، حيث يسود امتعاض لدى اطراف فيه، عن تفرد وهاب بالمواقف، وفق ما المح اليه صالح الغريب، بوصف ما يقوم به بـ«التكتيكات»، فكان رده بانه لا يتكلم معه، بل مع ارسلان الذي اتفق معه حول الانتخابات، اذ يطمح الغريب ان يكون مرشحاً في هذه الدورة، وقد يكون في بيروت، التي سعى وهاب في الدورة السابقة ان يترشح عنها.
فالزعزعة تسود «لقاء خلدة» ويسوده عدم الثقة، وكانت ولادته نتيجة ظروف امنية، اذ ان المصالح السياسية تباعد بين اطرافه، كما يدور خلاف صامت حول من هو صاحب القرار فيه، اذ يظهر كأنه بين ارسلان ووهاب، وهذا ما يزعج اعضاء آخرين فيه.