تصريحات مخيبة للظن حول دولة العدو وقصفها لسورية من الوزير لافروف
ابراهيم علوش | باحث فلسطيني
أورد موقع “روسيا اليوم” بالعربية تصريحاً للسيد سيرغي لافروف وزير خارجية روسيا، بالنص والصوت والصورة، يقول فيه: “أما بخصوص الغارات الإسرائيلية على سوريا، فنحن نعارض تحويل سوريا إلى حلبة لصراع بين دول أخرى، وفي هذا الصدد لا نريد أن تستخدم الأراضي السورية لمهاجمة إسرائيل أو أي بلد آخر”.
وقد جاء التقرير تحت عنوان: “أمن إسرائيل من أولوياتنا”، ووردت تلك التصريحات في لقاء مع وزير خارجية دولة العدو يائير لابيد.
وثمة عدة مشاكل في التصريحات أعلاه، وفي اللقاء مع يائير لابيد بحد ذاته، إذ أنه لقاءٌ تطبيعي مدان من حيث المبدأ، ولكن حتى من المنظور البراغماتي الذي تتبناه السياسة الروسية، فهو لقاء مكلف سياسياً لروسيا لدى الجمهور العربي والإسلامي والمناصر للقضية الفلسطينية حول العالم.
من البديهي أن استراتيجية الأمن القومي الروسي تتمحور حول عزل الولايات المتحدة الأمريكية، ومن هنا فإنها تعتبر أي علاقة مع حليف للولايات مكسباً لروسيا، ومن هنا توددها لتركيا أو الكيان الصهـيوني مثلاً. وهذا مفهوم من منظور السياسة الروسية العليا، ولكن قد لا يكون مفهوماً لها أن الجمهور السوري والعربي لا يتقبل بتاتاً أن يتم تحسين علاقة روسيا مع حلفاء الولايات المتحدة الأمريكية على حساب القضايا العربية، على حساب أمن سورية وسيادتها في هذه الحالة.
ماذا يعني أن يكون “أمن إسرائيل” من أولويات روسيا بالضبط؟ فنحن نتحدث هنا عن دولة محتلة ومعتدية، فهل تعد روسيا أمن الاحتلال من أولوياتها؟ من منظور مواطن عربي عادي، ككاتب هذه السطور، فإن روسيا تحاول منافسة الولايات المتحدة على تبني أمن دولة الاحتلال، حتى وهي تعتدي دورياً على سورية، وهي تحتل الجولان وفلسطين وأراضٍ لبنانية وأردنية، وحتى وهي تمارس أبشع الانتهاكات في فلسطين يومياً!
ثم أن هناك خللاً في القول إن سورية باتت ساحة لتصفية الحسابات، والمقصود طبعاً تصفية الحسابات بين دولة الاحتلال من جهة وإيران والحزب من جهةٍ أخرى، وفي ذلك تبنٍ لرواية دولة العدو حول طبيعة القصف الصهـ. يو ني على سورية. لكن الواقع هو أن المواقع المستهدفة، في الأعم الأغلب، هي مواقع سورية، والشهداء سوريون، أي أن الاستهداف لسورية أولاً، وفي توقيت يتعلق بتراجع الإرهاب المدعوم صهـ. يو نياً، لا أمريكياً وتركياً فحسب. أفلا يفترض اتخاذ موقف يليق بحليف كروسيا في مثل هذه الحال؟
ثم ماذا تعني تصفية الحسابات بالضبط، إذا كانت القوى المستهدفة حليفة مثل روسيا، وموجودة بإرادة سورية وبناءً على دعوتها تماماً مثل روسيا؟ هل لو تم استهداف القوات الروسية في سورية من قبل قوى معادية، كما فعلت تركيا من قبل، يجب اعتبار الأمر مجرد “تصفية حسابات” لا شأن لبقية الحلفاء به؟
أخيراً من المستغرب جداً الحديث عن استهداف “إسرائيل” من سورية فيما من الواضح تماماً للقاصي والداني أن سورية هي التي تُستهدف من قبل “إسرائيل”، بالقصف المباشر، وبدعم الإرهاب، وباستهداف حلفاء سورية.
نصيحة واحدة: التطبيع مع العدو المحتل ليس لهواً ولعباً في وجدان الشعب العربي، وقد دفع حزب العدالة والتنمية الإخواني ثمنه غالياً في الانتخابات المغربية اليوم، لأن الشعب العربي لا ينسى المطبعين.
باختصار، حلفاء ضد الهيمنة الأمريكية والإرهاب، وعلى الرأس والعين، ولكن لا للتفريط بحقوق سورية وسيادتها، أو بأي حقوق وقضايا عربية، أمام تركيا والكيان الصهـيوني.