أسبوع حاسم لتشكيل الحكومة وميقاتي مع مهلة محدودة تفاؤل عون يبدده رسائل خارجية غير مطمئنة
كمال ذبيان | كاتب وباحث لبناني
لم يحدد الرئيس المكلف تشكيل الحكومة نجيب ميقاتي، المهلة التي سيستهلكها كي تبصر النور، او الاعتذار، اذ هو في المنطقة الرمادية، وما زال يوزع التفاؤل الحذر حول ولادة الحكومة، ويقدم الايجابيات لعله يتوصل مع شريكه الدستوري في التشكيل رئيس الجمهورية ميشال عون الى توافق حول صيغة ما لحكومة يؤكد الرئيس عون انها ليست بعيدة عن ان تصدر مراسيمها، اذ له مصلحة كما الرئيس المكلف، ان يعمما الاجواء الايجابية، ويعاودان اللقاءات، كي لا يغرق لبنان اكثر في الازمات التي طالت حياته وكرامته، وادخلت اللبناني في اليأس والاحباط.
ولكن الرئيس ميقاتي لن يصبر كثيراً على التشكيل، كما فعل سلفه الرئيس سعد الحريري، بل هو حدد مهلة شهر بين التكليف والتأليف، والتي تنتهي خلال هذا الاسبوع، اذ هو يميل الى الاعتذار اذا لم تجر حلحلة للعقد المتبقية في عملية التشكيل، وهي تتعلق بحقائب واسماء لها، وفق مصادر مطلعة على هذا الملف الذي يبدي الرئيس المكلف مرونة فيه، ولم يصطدم مباشرة مع الرئيس عون، الذي يبادله الحوار حول الاسماء، وهو لم يشعره بانه لا يرغب به في رئاسة الحكومة، كما فعل مع الحريري، الذي دخل في عناد وتصلب مع رئيس الجمهورية وصهره الوزير السابق جبران باسيل، ودارت سجالات بينهم، تخللها شتائم اوعبارات غير لائقة، بدعوته للاستقالة، ولن يعتذر، الا ان تبلغ بانه غير مرغوب به سعودياً، ولن تسهل له المملكة تشكيل حكومة بالرغم من وساطات عربية ودولية معها، لا سيما من اميركا وفرنسا، فكان جواب الرياض سلبياً، من ولي العهد الامير محمد بن سلمان.
اما مع الرئيس ميقاتي، فان الرئيس عون استقبل تكليفه بالترحاب، وتحدث عن انه رجل «تدوير الزوايا»، ويمكن التفاهم معه، لذلك هو يحاول ان لا يقطع التواصل معه، ويستمر في عقد الاجتماعات، اذ تشير المصادر الى ان رئيس الجمهورية يتجه الى تدوير الزوايا ايضا مع الرئيس المكلف، ولبننة التشكيل، لكن ثمة حذر من ان يكون العامل الخارجي، اقوى من الداخلي، وقد سعت قوى سياسية وحزبية لبنانية، الى هذه اللبننة، ولم تتمكن في ايام تكليف الحريري، ومن ابرز من قام بهذا الدور الرئيس نبيه بري، وساعده «حزب الله»، لكن «الفيتو» السعودي على الحريري، وعدم قبول واشنطن بمشاركة «حزب الله» في الحكومة، عرقل تشكيلها تقول المصادر، بالرغم من ان الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون نال تأييداً من الرئيس الاميركي جو بايدن بعد انتخابه على مبادرته في لبنان، لكن لم ينجح اللبنانيون في الاتفاق على حكومة وحمّلهم المجتمع الدولي المسؤولية عن التأخير في تشكيلها كما في استعجال اجراء اصلاحات لانقاذ الوضع المالي المنهار، والذي ترك انعكاسات على الاقتصاد، فتعطلت مؤسسات رسمية وخاصة، وارتفعت نسبة البطالة والفقر مع فقدان مواد حياتية أساسية.
فما يفصلنا عن تشكيل الحكومة والاعتذار خطوات، وقد تحدث الرئيس المكلف الاسبوع الماضي عن الاقتراب من التأليف، لكن انتكاسة حصلت على اسماء لحقائب الطاقة والعدل كما هي حالياً للطوائف والمذاهب، اذ تلفت المصادر الى ان الخلاف ليس على الانتماء الحزبي للأسماء، ولم يطرح ميقاتي حكومة من غير سياسيين او حزبيين، كما اعلن الحريري، بل الاشكال هو على فعالية الاسماء المقترحة في ادارة وزارة لها صلة بالازمة، كمثل وزارة الطاقة المرتبطة بالمحروقات والكهرباء، اذ لا يجوز ان يعود اليها من كانت معه من القوى السياسية، وان حصل عليها، ان لا يكرر اسماء لمن سبقها، وهذا ما ينطبق على عقد اخرى.
فالمهلة المفتوحة غير واردة ميقاتياً، بل هي محدودة، والعناد لا يفيد رئيس الجمهورية الذي يريد لنهاية عهده حكومة، ولكن كل منهما، لا يمكنه ان يجزم بتشكيل حكومة دون ضوء أخضر خارجي، حيث تظهر المواقف القادمة من بعض العواصم، بأن استعجال ولادة الحكومة لا يعني ان تكون مشابهة لما سبقها.