نفط إيران عبر سوريا: آلية التوزيع والأولويات
عامر ملاعب | كاتب وصحفي لبناني
بعد خطاب أمين عام “حزب الله”، السيد حسن نصرالله الأخير، والذي أكد فيه بإصرار على استيراد المازوت والبنزين من ايران، ساد التساؤل العام عن كيفية وآلية العمل بهذه المهمّة، طالما أن الدولة اللبنانية رسمياً تخاف الغضب الأميركي ولا تتجرأ على الإقدام.
ممّا لا شكّ فيه أن خطوة الحزب هذه تمثّل تحدياً صارخاً للمنظومة اللبنانية التقليدية تاريخياً، وهي تغيير جذري على مستوى الاحتكارات وخرق للقواعد “السلطوية” التي بُني عليها النظام اللبناني، لا سيما احتكار النفط والسلع الأساسية في لبنان الـ 43 ولبنان الطائف؛ والتساؤل الأهم “هل ستسمح المنظومة الحاكمة بهذه العملية؟ وكيف يمكنها تعطيلها ومنع خرق جدار النفوذ الموزع بين عدد من العائلات “النفطية” الممسكة بزمام الاقتصاد والسياسة والأمن في لبنان؟”.
مصادر “حزب الله” الرسمية ترفض الإجابة على هذه التساؤلات، وإن ردّت تقول: “واستعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان”، وتؤكد أن “خطاب السيد نصرالله في اليوم العاشر ربما يجيب على هذه التساؤلات”، لكن مصادر قريبة من الحزب توضح بعضاً من القضية، ويمكن تفصيلها على الشكل التالي:
– يبدأ التوزيع ضمن أولويات إنسانية مطلقة، من المستشفيات إلى الأفران والمؤسسات الخدمية الإنسانية ضمن المناطق التي تريد أولاً، ثم تزويد المولدات الكهربائية.
– في المرحلة الثانية، يتم تزويد المحطات بالمواد وبسعر مقبول، وسيعمل الحزب على ما يبدو على إطلاق بطاقات ذكية يستخدمها أصحاب السيارات العمومية أولاً، ومن ثم لبعض من هم بحاجة قصوى لها مثل سيارات النقل وبرادات المواد الغذائية.
– في مرحلة لاحقة، سيعمل الحزب على توزيع مادة المازوت على الأهالي في المناطق الجبلية للتدفئة في فصل الشتاء، خاصةً مناطق البقاع والجبل (وهو يقوم بهذه العملية سنوياً وفي حالات كثيرة دون مقابل للعائلات المحتاجة).
وفي قراءة لهذه العملية، يتبيّن أن الحزب قد درس أو يدرس آليات واضحة كي لا يقع في أزمات قد تعترض طريقه، ومنها على سبيل المثال:
تجنّب سلوك الطريق الساحلي حتى لا يثير حساسية بعض المناطق التي سيمرّ بها، وهو اعتمد طريق الهرمل كونها ضمن نطاق جغرافي معروف ومحدد.
أولوية الحاجات الإنسانية ستؤدي إلى وقف النزيف القاتل الذي تتعرّض له هذه المؤسسات، وإن لم توافق على الشراء كل المؤسسات فإنها ستخفّف من حاجة السوق للمادة وستريح السوق بشكلٍ كبير.
سيعمل الحزب قدر الإمكان على عدم تسرب المادة إلى السوق السوداء، وبالتالي منع الاحتكار والفساد وتخريب المهمة بشجع بعض التجار والتهريب.
وانطلاقاً من كلّ ما تقدم، تقول مصادر متابعة للملف وبعيدة عن الحزب، إن “ما يقوم به حزب الله في حال تم، سيكون خطوة أولى وجذرية في كسر قواعد النظام اللبناني التي حددت مهامه منذ الاستقلال، وكسرت بخطوة أولى الهيمنة الأميركية على القرار اللبناني السياسي والاقتصادي، وستسمح ربما في مراحل لاحقة لتغيير جذري في سلوكيات أهل الكيان السالفة وتؤسس لتنويعة جديدة عنوانها “رفض الهيمنة المحلية والخارجية” على قراره”.
فهل ستسمح القوى المحلية والإقليمية والدولية بذلك؟ والسؤال الأهم “هل اتخذت القوى الإقليمية من سوريا وإيران وبغطاء روسي هذا القرار؟ وهل بدأ لبنان بالانتقال من الفلك الأميركي المطلق إلى فلك مشترك بين أميركا وحلفائها، وبين قوى الممانعة؟”.
الأمر رهن الأيام القليلة المقبلة، ولكنه بالطبع لن يمر بسهولة.
احوال