غرفة عمليات إرهاب السّفارات
شوقي عواضة | كاتب واعلامي
لم تذهب جهود الاجتماع الثلاثي بشأن لبنان بين وزراء الخارجيّة الأميركي أنطوني بلينكن والفرنسي جان إيف لودريان والسّعودي فيصل بن فرحان آل سعود، في 29 يونيو/ حزيران الماضي، على هامش مؤتمر قمّة مجموعة العشرين في مدينة ماتيرا في إيطاليا أدراج الرّياح، بل كانت أولى نتائجها أنّ زيارة السّفيرتين الأميركيّة والفرنسيّة إلى الرياض في الثامن من تموز الماضي زيارة أعطت مؤشّرات باتجاه وضع خطوات تنفيذيّة أميركيّة فرنسيّة سعوديّة لم يكشف عن طبيعتها حينها ولم تكن من أجل إنقاذ لبنان ومساعدته للخروج من أزماته المتراكمة ومن فساده الذي كانت ولا زالت ترعاه تلك الدّول، أولى ثمار تلك الخطوات التنفيذيّة كانت تشكيل غرفة عمليات للسّفارات الثلاث بإشراف السفيرة شيا والبخاري وبإدارة خبراء في الأزمات والإرهاب عملوا لسنين طويلةٍ على إدارة المعارك في سورية والعراق بالإضافة إلى مجموعات الدّعم اللوجستي من مجموعات السفارات ومنظمات الـ ngos على أن يتمّ التّنسيق وإدارة إشعال لبنان للوصول إلى الهدف الأكبر من كلّ ذلك وهو سلاح حزب الله وبالتحديد الصّواريخ الدقيقة التي لا تزال تشكّل القلق الأكبر للكيان الصهيوني. فكانت أولى مهمات غرفة العمليات اغتيال الشّهيد علي شبلي وما تلاه ضمن خطة مدروسة ومتقنة من حيث الزّمان والمكان وفقاً لما يلي:
1 ـ اختيار التّوقيت المناسب للاغتيال بالتزامن مع اقتراب السّنوية الأولى لانفجار المرفأ ودعوة منظمة الـ ngos للنّزول إلى الشارع ضدّ (مجزرة نيترات حزب الله) كما جاء في دعوتهم وبالتزامن مع عيد الجيش اللّبناني.
2 ـ اختيار المنطقة الأكثر حساسية والقضية الأسرع اشتعالاً طائفيّاً ومذهبياً وتنفيذ الاغتيال تحت عنوانٍ ثأريٍّ بينما مضمونه سياسيّ.
3 ـ إعطاء فرصة لفريق التنفيذ المتمثّل في هذه المهمة بعرب خلدة لإثبات جديته في مواجهة حزب الله ممّا يجعله مؤهّلاً للتطوير والدّعم وتوكيل المهام إليه.
4 ـ استدراج المقاومة وعلى رأسها حزب الله لمعركة لنزع سلاحه (الغير شرعي) وبالتالي تدخل المجتمع الدّولي لنزع السّلاح في حال نجحوا باستدراج الحزب للمعركة.
بدأ التنفيذ غدراً باغتيال علي شبلي وأعلن عرب خلدة أنّها عمليّةٌ ثأريّة رداً على مقتل ابنهم حسن غصن، وبالرغم من براءة علي شبلي من دم حسن غصن الذي قتل أثناء مشاركته العام الماضي في الهجوم على سنتر شبلي وإحراقه. كشف تشييع علي شبلي أنّ العملية ليست ثأريّة بل هي استهداف بقرارٍ من دوروثي شيا والبخاري وغرفة عمليات الإرهاب في السفارتين، وإلّا ما هو تفسير الذي جرى يوم التشييع من إطلاق نارٍ على المشيّعين واستهدافهم بالقنص حيث كانت معظم إصابات الشّهداء في الرأس وهذا يؤكّد ما يلي:
1 ـ إنّ اغتيال علي شبلي كان بقرارٍ أميركي سعودي لاستثمار أزمة خلدة وإعادة إشعالها وبالتالي لم يكن قتلاً ثأريّاً بل كان اغتيالاً واستهدافاً.
2 ـ مجرد وجود قناصين من داعش وكمّ كبير من الإرهابيين يؤكّد اتخاذ قرار الحرب والتّخطيط والاستعداد للمواجهة من قبل سفراء الإرهاب وأذنابهم.
3 ـ إطلاق النّار على المشيّعين وتقنيصهم وسقوط جرحى وشهداء هو دليل إضافي على وجود نيّةٍ مسبقةٍ لفتح الحرب تحت عنوانٍ طائفي أو قبلي لاستدراج المقاومة.
4 ـ استغلال غياب الجيش بمناسبة عيده الوطني شكّل استغلالاً للمعتدين على المشيّعين بإطلاق النار والتقنيص.
ورغم ذلك لم تستدرج المقاومة إلى ميدان الفتنة رغم سقوط أربعة شهداء غدراً، فالمقاومة التي هزمت وجهاً لوجه الجيش الصهيوني الذي كان لا يُقهر، والمقاومة التي دحرت داعش والإرهاب في عقر دارهم أكبر من أن تستدرج لقتال ثلّةٍ من المستوطنين النّوَر الذين يدّعون بأنّهم عرب، وفي الحقيقة هم أعرابٌ وليسوا عرباً وهم مستوطنون لا مواطنين وهم دواعش وأرهابيون وليسوا عشائر. أمّا المقاومة التي هزّت عروش أعداء الداخل والخارج لا تستدرج إلى معركة وقّتها المستوطنون النّوَر على ساعة شيا والبخاري. ولأنّ المقاومة وطنيّة وجد سلاحها لصيانة الوطن والدّفاع عنه لا لإحراقه وإشعال الفتن فيه أثبتت مرّة أخرى بأن سلاحها هو السّلاح الشرعي بامتياز وسلاح المستوطنين النّوَر ومن يقف خلفهم هو السّلاح المتفلّت والمأجور والمتخم بأجندات أميركيّة «إسرائيليّة» سعودية إماراتيّة. وعليه نقول لأولئك إنّ عليكم مراجعة تاريخ المستوطنين في الكيان الصهيوني وترقّب مصيرهم وعليكم أن تستعبروا من سحق أسلافكم الدواعش وعليكم أن تحفظوا ببعض الأرقام والجغرافيا، فمساحة القصيْر تبلغ 598 كيلو متر مربع، ومساحة الخطّ الساحلي الجنوبي 32 كم تقريباً. ومساحة بؤرة تواجدكم لا تتجاوز مقاس أحذية بعض المقاومين. فكونوا على حذرٍ من الحليم إذا غضب والتاريخ يشهد.