الشارع اللبناني انهار… والعناد السياسي سيّد الموقف
فاطمة شكر | كاتبة واعلامية
أمام هذا المشهد يقفُ الجميعُ عاجزاً، إلا تلك الطبقة التي تحكمُ الوطن والتي أعلنت الصمت لا لشيء، فقط لأنها غير مهتمةٍ لما يجري في هذا البلد، الذي داسوا عليه وعلى مواطنيه. الكل بات يعلمُ أن الإدارة الأميركية «ستربي» الجميع دون إستثناء. كل ما جرى سابقاً لم ينفع مع هذا الشعب، أما الآن فالحرب (حربٌ إقتصاديةٌ) ستركّعُ كل الناس إلا ما ندر.
عندما بدأت الأزمة في لبنان منذ شهور، كان الكل ينتظرُ الحلول من الخارج، لم يكن أحدٌ يتوقعُ أن كرة النار ستكبرُ أكثر فأكثر لتحرق كل شيء، ولتأتي على الأخضر واليابس. ولم يكن أحدٌ يدرك السم الذي يصرُّ الرؤساء في لبنان على دسه في صحون بعضهم، وكأنهم في فيلمٍ سينمائي ينتظرُ الجميع أن ينتهي وأن يكون في النهاية بطلاً.
في الشأن الحكومي تقول المصادر السياسية المطلعة أن الرئيس المكلف سعد الحريري لن يعود الى لبنان في الوقت الراهن، بسبب مواقف رئيس الجمهورية وإصرار الأخير على قراراته، ويتابع المصدر أن جهاتٍ نافذة في لبنان تطلبُ من الحريري عدم الإعتذار وبقائه خارج البلاد من أجل الضغط على العهد، الذي قررت هذه الجهات أن تدخله مرحلة الفراغ، وأن تعرّيه من كل مظاهر القوة في الداخل اللبناني قبل الخارج، ويؤكد المصدر أن الحريري والقوى الأخرى التي تقفُ الى جنبه تعرفُ تمام المعرفة أن الرئيس عون لن يتخلى عن منصب الرئاسة ولن يستقيل وسيبقى حتى اللحظة الأخيرة من عهده.
المصدرُ نفسه قال بأن عدم تشكيل الحكومة التي كُلف بها الحريري سيؤدي إما الى تعويم حكومة حسان دياب من أجل أن تقوم بتصريف الأعمال في هذه المرحلة الصعبة، أو الى الذهاب الى حكومة عسكريةٍ تقود البلد حتى نهاية عهد الرئيس، خوفاً من إنزلاق الوضع الأمني وخسارة الشيء الوحيد المتبقي، بعد أن انهار المجتمع والإقتصاد و دخلنا مرحلة الدمار.
من جهةٍ أخرى، بدأت القوى السياسية بالإستعداد للإستحقاق الإنتخابي في أيار من العام القادم، إذ إن كل القوى ستشدُّ عصب جمهورها في المعارك الإنتخابية النيابية والبلدية القادمة، وستلعب دوراً يقضي بالذهاب الى كسر العظم لتتبلور الإصطفافات والتحالفات الجديدة التي ستعملُ جاهدةً على التغيير.
مشاهدُ القلق والحزن والخوف من الأيام القادمة ستزداد يوماً بعد يوم، مع فقدان أو بالأحرى احتكار سلعٍ أساسية كالمحروقات التي جعلت من المواطنين ينتظرون لساعات طويلة ضمن طوابير دفعت بالبعض الى اطلاق الرصاص على الآخر بسبب الغضب والإنتظار، إضافة الى ارتفاع سعر صفيحة المازوت التي أثرت على تأمين ساعات الكهرباء، ناهيك عن إمكانية تعرض آلاف المرضى في المستشفيات للموت بسبب عدم تأمين مادة المازوت لتشغيل مولدات الكهرباء، وبالتالي توقف الأجهزة الطبية عن العمل، مروراً بالأفران وغلاء سعر ربطة الخبز الى فقدان بعض الأدوية الأساسية وحليب الأطفال الرضع ،وغلاء أسعار السلع الأساسية والضرورية.
أما وقد أوصلت الطبقة الحاكمة اللبنانيين الى هذا الدمار الشامل، يبقى الرجاء بأن ندعو الله ونتضرعُ للأنبياء والقديسين والصالحين بأن يرتاح الشعب من طبقةٍ عاثت في الأرض فسادا….