كتاب الموقع

عدو «إسرائيل» … عدونا

نبيه البرجي | كاتب وباحث لبناني

«عدو اسرائيل … عدونا» !!هذه هي الحكاية، أصل الحكاية، وجوهر الحكاية. لا داعي للعب في اللغة، وفي الزوايا، وفي… شقوق الجدران.

لا مكان هنا الا لثقافة القتل، ولثقافة الكراهية، ولثقافة الصومعة، ولثقافة الزنزانة، ولثقافة الخندق، ولثقافة قطع الرؤوس (بالفؤوس). باقتضاب… ثقافة الدم!

لسنا أكثر رهافة من زياد الرحباني حين يقول «ما نعيشه وقف اطلاق نار طويل. «اذاً، لا دولة  ولا حكومة  ولا لبنان. لا شيء سوى المتاهة الى أن يقررالآخرون أين يلقون بنا. الى اشعار آخر، نحن على الرف ، ولكن لا بد من اطلاق النار في الرأس، أو في الظهر، ليبقى الكانتون في الرأس ولكي لا يبقى لبنان في الرأس…

في تلك اللحظة التي ظهرت فيها الحقيقة، الحقيقة العارية، عند مستديرة الطيونة. بعيدون جداً عن أن نقتدي بالاسبان الذين وقعوا، بعدما وضعت الحرب الأهلية أوزارها، «ميثاق النسيان» Pacto del olvido . ما فعلناه يوم الخميس أننا وقعنا على ميثاق الدم. هاهو لبنان  الدولة المستحيلة التي لا ترزح فقط تحت جبال الدين العام، بل وتحت جبال الكراهية.

بالرصاص على الرؤوس أقفلوا ذلك الثقب (ولا نقول الضوء) الذي في آخر النفق، لنبقى الرهينة، رهينة القتلة. لا نهاية لأزماتنا الا بانتهاء لبنان. هكذا قال الرصاص الذي كان موجهاً الى رأس لبنان قبل أن يوجه الى رؤوس اللبنانيين.

تابعنا ما كتبه، وما قاله الاسرائيليون. متى كان لمناحيم بيغن، أو لبنيامين نتنياهو، أو لنفتالي بينيت، أن يفهموا ما يعنيه غصن الزيتون؟ الصاروخ بدل غصن الزيتون. هذا ما زعزع الأرمادا العسكرية التي لا تقهر . على أرض لبنان فقط تقهقر الجنرالات الذين وصفهم، ذات يوم، السناتور جون ماكين بـ «آلهة الشرق الأوسط».

الاسرائيليون قالوا «انها الحرب الأهلية تخرج من الثلاجة». «لعل السؤال الأكثر اثارة، والأكثر واقعية، «هل نستجيب لدعواتهم كما استجبنا عام 1982؟» . لمن يريد أن يعلم حسن نصرالله ليس ياسر عرفات…

الرجل لم يأت من دهاليز (وألاعيب) الديبلوماسية. لم يعرف يوماً الزبائنية، ولا التبعية. لم يلطخ يديه باتفاق القاهرة، ولا بثلوج، وورود، أوسلو، حيث ووريت القضية الثرى. ترعرع بين أزهار اللؤلؤ وآلام الناس. صناعة لبنانية بالكامل، لا صناعة الاستخبارات الأنكليزية، ولا صناعة الاستخبارات الأميركية. حتماً، لا صناعة الاستخبارات الايرانية.

لن تكون هناك حرب أهلية. هل يعلم الذين يراهنون على الكانتون انهم يراهنون على المقبرة. أكثر من مرة قلنا ان المسيحيين زينة لبنان، من اجلهم وجد لبنان. لماذا اذاً تماهي البعض مع ذلك الدونكيشوت الذي يقود المسيحيين الى الاندثار، ويقود لبنان الى الخراب؟

المسيحيون الذين ذهبوا بلبنان الى الحداثة. هم مسيحيو جبران خليل جبران، وحيث التجلي الرائع للعقل البشري، للضمير البشري، وليس المسيحيون الذين تقودهم الغرائزية، ويقودهم حملة المناجل لا حملة الانجيل…

هم الذين يقرأون ما يقوله الباحثون الغربيون «اذا اندلعت الحرب الأهلية لن تدوم 15 عاماً . فقط 15 ساعة» . الذين يمسكون بأوراق القوة، والذين يتهمون بأنهم يستأثرون بقرار الحرب والسلم، هم من يتشبثون بالسلم بين اللبنانيين، وبالحرب ضد من يحاول أن يقتل لبنان، وتراب لبنان، وذاك الزمن الجميل في لبنان.

ثمة دماء كثيرة تغلي في العروق . صيحات الثأر تعلو في الرؤوس، وعلى الأفواه. من يريد بقاء لبنان، لا بأس أن يكون الضحية (الآنية) لأننا نعلم أي رأس سيتدحرج في نهاية المطاف. ثمة من يتحسس الآن رأسه…

يا رجل… ميثاق النسيان لا ميثاق

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى