كتاب الموقع

كتبت ليندا حمّورة | كوليرا السياسة وسياسة الكوليرا …

ليندا حمّورة  كاتبة لبنانية

عديدة هي مفاهيم السياسة وكثيرة هي الڤيروسات التي تصيبها وتجعل منها أوبئة تقضي على الفكر الإنساني، تماماً كما يحصل في لبناننا من تشرذم بسبب الاسهال الناتج عن الكوليرا والذي ضاع بين الفكري والمعوي …
نحن اليوم نعيش فراغاً رئاسيا جديداً بتوليفة جديدة، ليس العجب أن يشهد اللبناني خيالاً جديداً يتربص على عرش كرسي القصر الجمهوري، ولا الغريب الانهيارات الاقتصادية والفقر والجوع والحرب والدمار، بل العجيب هو ذلك الشر الذي يتربص خلف فراغ مُتعمّد، مدروس ومقصود من أجل حرق كل الأسماء التي قد تكون خنجراً في صدر أميركا والسعودية .
إن ما نشهده اليوم أكبر دليل على التدخل الخارجي ببلدنا والعبث في سيكولوجية الجماعات ونخر السوس في عقولهم كي يجعلوا من شعبنا جيوشاً غير مباشرة يحركونها بآليات ڤيروسية تستطيع أن تقضي على ما تبقى من عروبة، وكما هو حال الجمهور كذلك هو حال الأحزاب وقد شهدنا ذلك في التدخل بتحجيم قرارات حزب الله ليكون صاحب قرار في الحرب وطبعاً سحب الورقة من يد إيران، وهذا ما يتمّ عن طريق الضغط الاقتصادي والتجويع والحصار غير المباشر لقلب المعادلة والرأي العام .
ليس عبثاً أن نشهد مساعدات بالجملة للجيش اللبناني من خلال البنتاغون، ولا طبيعياً ما يحصل من حرق أسماء مطروحة على طاولة الرئاسة، مثل معوض وفرنجية وباسيل وغيرهم وطرحها دون الاتفاق عليها وهذا لإطالة سدة الفراغ والضائقة الاقتصادية، والأمر اللافت هو عدم طرح أي اسم من قبل جماعة الثامن من آذار !
العماد جوزيف عون هو الثابت الواضح الوحيد تسميته من قبل أميركا وهذا له دلالة على أنّه الشخص الوحيد الذي لديه قدرة على تنفيذ وتطبيق سياستها المقبلة، كونه حياديًّا ولا يتبع لأيّ حزب أو تيار سياسي، يعني ظاهرياً قد يسد الفراغ الرئاسي بأنه رجلٌ لكل اللبنانيين، ولكنه في الواقع وخلف الكواليس لن يكون إلا كورزاي جديد مودرن، وهذا ما دعا السيد نصر الله لإلقاء كلمة حول مواصفات الرئيس الذي باستطاعته أن يكون قائداً يتم من خلاله الحل الإقليمي للمنطقة .
ببساطة ودون لفّ ودوران وجعجعة من قلب فنجان، لبنان ليس إلا صندوق بريد لحلول المنطقة، ولن يستقر حتى تستقر بعض المعادلات الإقليمية والدولية وإلا سوف يأتينا رئيس مثل فارس سعيد من طرف واحد يصحب البلد إلى حرب أهلية جديدة .
وتبقى أعراض الأوبئة مهما كانت خطورتها على الجسم البشري أخف وطأة من الوباء الفكري الذي يصعب علاجه وبتره لأنه ينخر كل أجزاء الفكر والمنطق .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى