مشهديات

كتبت ليندا حمّورة | معركة الرئيس عالقة في فخّ التّسييس

ليندا حمّورة | كاتبة لبنانية

لبنان البلد الديمقراطيّ الحرّ معصوم عن الحرية ومكبّل بالعنصرية، تنهشه المصالح والمطامع الحزبية، فلا رئيس يحمل شعار الوطنية ولا مرشح يفوز بأصوات الأكثرية. إنّ الرئاسة اليوم أشبه بلعبة شدّ الحبل ولكن هل سيقطع الحبل ويقع الفريقان معاً ؟
رئيس الجمهورية هو رئيس كل الوطن ولا يجوز أن يكون رئيساً تابعاً لفريقٍ دون آخر هذا هو الحق الشرعي للمواطنين والوطن على حد سواء، فكل من يخالف هذا الشرط غير مرحّب به شعبياً وغير منطقيّ قانونياً، لأن هذا البلد وإن تعددت طوائفه وأطيافه وأحزابه فهو وطن لجميع أبنائه والمصلحة الوطنية فوق كل اعتبار، وجميعنا تحت سقف العلم اللبناني . ما يحصل اليوم على الساحة الرئاسية مضحك مبكي، فالرئيس المرشح سليمان فرنجية كان ولم يزل حتى الساعة شخصاً غير مرغوب فيه لدى القوات اللبنانية ورئيسها ( سمير جعجع ) وكما يقول المثل اللبناني ( أنا وخيي على ابن عمي وأنا وابن عمي على الغريب ) نجد أن باسيل وفريقه اختاروا التكاتف مع القوات اللبنانية ودعم “أزعور” كي لا يسمحوا لحركة أمل وحزب الله الانتصار بمرشحهم “فرنجية” . ربما يكون تاريخ “أزعور” في السياسة أعرق بالنسبة لرئيس القوات اللبنانية وخصوصاً أنه كان وزيراً للمال منذ العام ٢٠٠٥ حتى العام ٢٠٠٨، وقد يكون “فرنجية” بالنسبة له شخصًا عاديًّا سمحوا له أن يعيش في حضن والديه ولم يقتلوهما وهو طفل صغير ! للأسف إن كل الطبخات السياسية التي تُطهى من قبل الأفرقاء محروقة وجميعها غير صالحة للتقديم على طاولة الانتخابات الرئاسية، فمهما احترف هذا الفريق أو ذاك بعملية الطهو إلا أن الطبخة الرئيسية تأتي معلّبة وفيها مواد حافظة تقيها من أي تيار معارض أو ممانع، إنها شريعة الغاب شريعة لبنان الفاقد الشرائع والقوانين الحاسمة.

في الواقع نحن لانريد حكومة ولا رئاسة ولا نيابة نحن نريد نوعية مغايرة , نريد فئات عمرية مختلفة ولا نريد عقولًا أكلها الصدأ , نريد سياسة بعيدة عن الدين والمتدينين , سياسة نظيفة لا ألوان تزينها ولا رايات تغطيها , نريد سياسة وطنية قلبا وروحا وضميرا هل هذا أمر مستحيل ..؟؟
لطالما شهدنا بأن حكم لبنان وتوحيده أمر صعب على الدوام , وأن الصراع الداخلي على السلطة فيه يأخذ طابعا طائفيًّا سافرًا والصراعات الداخلية متواصلة , وأن جرح هذا الوطن اعتاد على النزف حتى بات يعاني من نقص حاد في المناعة جعلت منه وطنا تدخله الفيروسات فتنخر عظامه وتأكلها ليصبح عاجزا عن الوقوف . وطننا اليوم بحاجة لنا وليس لهم ,بحاجة لادمغة شبابية ودماء نظيفة تعطيه أملا بالنجاة .

كثيرا ما يتحدثون عن مؤامرات دولية ترمي إلى تفكيك لبنان وهل هذا البلد موصول ..؟؟ إنه رمز التفكك والانهيار والدليل ما يحصل اليوم من أزمات اقتصادية تكاد تطيح بشعب كامل , أزمات قوادها ما زالوا يجلسون على كراسي السلطة يتربعون على عرش الزعامة وكأنهم آلهة وكلّهم الله حماية لبنان وهم رمز الشيطانية .
من يراهن على يوم الأربعاء فهو خاسر حتماً، فالكرسي الرئاسي لا ينتظر يوماً يحدده أبناء الوطن، والرئيس الحقيقي ليس من يأخذ أصوات الأكثرية لا بل من ترضى عنه الدول التي تتحكم بأمن واستقرار بلدنا، إنه حقنا في هذا البلد أن نبقى تحت رحمة من لا رحمة عندهم وتبقى قراراتنا حبرًا على ورق، وبشروا اللبنانيين بأنهم مهما طاروا عالياً فسهام الطامعين ستوقعهم أرضاً وإنا لله وإنا للوطن مفتقدون .

عمر معربوني

رئيس تحرير موقع المراقب - باحث في الشؤون السياسية والعسكرية - خبير بالملف اللبناني

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى