يوم ادمعت مدينة الشمس

رفعت ابراهيم البدوي | مستشار الرئيس سليم الحص

شاشات التلفزة في لبنان نقلت مشاهد عن مهرجانات مدينة الشمس بعلبك فرحت وتهيأت لمشاهدة الحدث العظيم واعتقدت ان خطأ حصل في عرض المشاهد لكن عندما رأيت حجارة وقلعة مدينة الشمس ايقنت ان المقصود مهرجانات بعلبك فاستنفرت عندي مشاعر الخيبة واصابني الذهول وانفجرت شرايين الغضب ولم اصدق ما رأيته من عرض لا يشبه تراث وتاريخ مدينة الشمس

مدينة الشمس ولمئات السنين ورغم الغزوات والحروب استطاعت ان تكون الوحيدة في هذا المشرق العربي قبلة التاريخ لارقى الاعمال الفنية الشرقية منها والغربية والعالمية وتمكنت من الحفاظ على اشراقها و نضارتها حتى ان حجارتها و قلعتها ومسرحها تعودوا الغزل بتاريخها و مجدها وشموخها تقص على الزائرين والسياح والفنانين قصص واسرار اعمدتها التي ابهرت العالم تنطق بلغة التاريخ العريق قدم لها كبار الشعراء قصائدهم على مذبح قلعتها تسابقوا على اطلاق قصائدهم من قلعة بعلبك الى العالمية مصحوبة بالحان موسيقية لاشهر الملحنين والعازفين تطرب لها حجارة بعلبك فتراها تتراقص فرحاً مع الطرب الاصيل

يكفي الدخول الى قلعة ومسرح مدينة الشمس ليشعر الداخل اليها بان الله اصطفاه للاستحمام بهوائها وللاستجمام بروعة هياكلها فهي التي احسنت استقبال وافديها وزائريها بوجه الشمس الساطع رغم عتمة الليل
قلعة بعلبك اعتادت على استضافة اشهر الاعمال الفنية و اعظم العروض الغنائية والمسرحية والموسيقية
لم بخطئ مسرحها يوماً في انتقاء احلى العروض و الحفلات لاشهر المطربين والفنانين في العالم

قلعة بعلبك الوهرة استطاعت الحفاظ على التراث اللبناني الاصيل وبنكهة بعلبكية خاصة و لانها احسنت اختيار احلى عروض الدبكة اللبنانية ومنها انطلقت الى العالمية والنجومية لتحفر في ذاكرة الاجيال وذاكرة العالم قصة الفن اللبناني والعربي والعالمي الاصيل

في هذا العام اطفأت الشمس نورها عن المدينة خجلاً وحزناً على الباسها ثوب جديد لكنه لا يليق بها
حزينة هي مدينة الشمس حجارتها عكفت عن سمع الحان واغان شوهت تراثها وتقاليدها وتاريخ اعمدتها اما قلعة بعلبك فقد اسدلت ستارة مسرحها لانها لم تألف عرض فني من صناعة ngo,s لا يشبه تاريخها ولا يليق بتراثها العربق ولا بثقافتها ولا بصيتها الواصل الى اقاصي الدنيا
في هذا العام لم نشاهد مهرجانات بعلبك الحقيقية بل اننا رأينا تهريجات مستوردة شوهوا ذاكرة الاجيال شباب وشيبة وسلبوا منهم اجمل صور التاريخ عن قلعة بعلبك

منذ نعومة اظافرنا تعودنا مشاهدة مفخرة الفن والابداع العربي و كنا نشاهد اعمدة القلعة تتراقص طربا وفرحاً في حال انسجام تام لكن هذا العام ارادوا تحويل مفخرة الفن الى مسخرة الفن وخدشوا حياء قلعة بعلبك عن سابق تصور و تصميم

من بيروت العاصمة سرحت بنظري نحو القلعة المهيبة اتفقد حالها فاصابني البلل جراء دمعة هبطت فوق مدينة الشمس حرنا وكأنها تسأل لماذا ارادوا اطفاء اوار شمس اضاءت الوطن وملأته فرحا
لماذا ارادوا تلويث حجارتها وتغيير نمط الحان وعروض واصوات عظماء الفن الذين وقفوا على مسرحها
حين ادمعت مدينة الشمس حزناً على مستوى فني لا يستألها انكرت عيناي النظر الى مشاهد لم اتعودها
نقول
احترموا تاريخ مدينة الشمس احترموا مشاعر حجارتها واعمدة قلعتها احترموا خصائصها
من بيروت سلام لقلعة بعلبك المهيبة وسلام عليها وسلام للفن الذي يليق بها وبسحر جمالها وسلام يستحق حجارتها واعمدة قلعتها احتراماً لمدينة الشمس
با مدينة الشمس يا قلعة بعلبك مهما حاولوا العبث بذاكرتنا ستبقىين حكاية التاريخ والثقافة والحضارة والتقاليد والقيم فلا تلوثوا سمعتها واتركوها على براءتها
قلعة بعلبك كانت على مر العصور وستبقى حتى ينتهي الزمان مفخرة وطني لبنان

 

 

Exit mobile version