كانت ساعات الصباح العاشر من رمضان، 6/10/1973، تمر متباطئة كأنها أيام، فالمهام القتالية أسندت إلى جميع قادة القوى والتشكيلات، الذين قاموا بدورهم بإبلاغها إلى المستويات الأدنى. وأصبح الجيش العربي السوري كخلية من النحل تعمل بكل جد ولكن بصمت مطبق مع الحرص الكامل على تنفيذ تدابير خطة التمويه العملياتي. وبكلمة واحدة، لقد دارت رحى الحرب وأصبح من المحال وقف عجلة الزمن أو إعادة عقارب الساعة إلى الوراء.
وفي الساعة 11,00 من يوم 6/10/1973 وصل السيد الفريق حافظ الأسد القائد العام للجيش والقوات المسلحة إلى مقر القيادة العملياتي، وأخذ مكانه في قاعة العمليات وبدأ يتلقى جاهزية القوات لبدء الحرب.
وفي الساعة 13,00، أبلغتْ القوى الجوية عن استعدادها التام لتنفيذ المهمة المسندة كما أبلغ قائد سلاح مدفعية الميدان عن جاهزية سلاحه لتنفيذ رمي التمهيد. كما أبلغ قادة فرق النسق الأول عن جاهزية مجموعات الاقتحام لاقتحام خط التحصينات الإسرائيلية في هضبة الجولان بالقوة.
كان التنسيق بين رمايات المدفعية والطيران يقضي بأن تسقط أول قنبلة على الهدف في اللحظة التي تجتاز فيها تشكيلاتنا الجوية خط الكشف الراداري المعادي، لذلك أُعطي الأمر للطائرات بالإقلاع لتنفيذ مهامها قبل أن تعطى الإشارة الرمزية لوحدات المدفعية بفتح النيران.
وفي الساعة 13,50 أعطي الأمر لطائراتنا القاذفة المقاتلة بالإقلاع من مطاراتها باتجاه العدو، وفي الساعة 13,55 أعطي الأمر للمدفعية بفتح نيران التمهيد على الأهداف المعادية في الجولان.
في الساعة 14,00، كان ما يقارب تسعمائة مدفع وهاون تصب نيرانها على الموضع الأول المعادي وعلى جميع الأهداف الموجودة في الجولان والتي لم يخصص لها جهد جوي،
كما كان أكثر من ثمانين طائرة مقاتلة وقاذفة مقاتلة تجتاز خط وقف إطلاق النار والحدود الدولية اللبنانية لتسقط قنابلها على مراكز توجيه الطائرات في ميرون وجبل الشيخ وتل أبو الندى وتل الفرس، وعلى تجميع الدبابات المعادي في منطقة العليقة كفر نفاخ وعلى كل الجسور القائمة على نهر الأردن.
كانت نتائج الضربة الأولى والتمهيد المدفعي مؤثرة جداً. وما ان انتقلت نيران المدفعية إلى عمق الدفاعات المعادية حتى بدأت مجموعات اقتحام فرق النسق الأول «7 ـ 9 ـ 5»، تقدمها للهجوم.
كانت الفكرة العملياتية للهجوم على الجولان ترتكز أساساً على حشد القوى والوسائط المتفوقة على العدو سواء في قطاعات الخرق أو في كل مواجهة الجبهة، مع حساب احتمال زج الاحتياطات القريبة المتحشدة غربي نهر الأردن، ثم صدم العدو بقوة على الاتجاهات كافة، حيث كان الهدف تدمير العدو المتحصن في الهضبة وسحقه نهائياً. وكان الاعتقاد راسخاً بأنه إذا تمكنت القوات السورية المهاجمة من سحق وتدمير 4 ـ 5 ألوية مشاة ودبابات إسرائيلية مع تعزيزاتها فإن العدو لن يتمكن بقوى الجبهة الشمالية من شن هجوم معاكس واسع النطاق على الجبهة السورية، وبعبارة أدق كان الهدف أن يهاجم العدو باتجاه دمشق على رجل واحدة، لأن القوات المهاجمة قد كسرت له الرجل الثانية في العملية الهجومية.
بدأ الهجوم في الساعة الثانية من بعد ظهر يوم العاشر من رمضان 6 تشرين الأول، أكتوبر 1973، وكانت السماء صافية الأديم والشمس تزحف نحو الغرب داعية القوات المهاجمة لمحو عار هزيمة يوم 5 حزيران 1967.
كانت الخطة العملياتية تقضي بتوجيه ثلاث ضربات قوية بقوى فرق النسق الأول «7- 9 – 5» مع توجيه ضربتين مساعدتين واحدة بقوى اللواء 52 مشاة، والثانية بقوات التجريدة المغربية التي جاءت إلى سورية قبل الحرب، للمشاركة في حرب التحرير.