ملهم ابو زامل – باحث فلسطيني في الشؤون السياسية والإستراتييجية
نتيجة للفكر الثوري العروبي الذي كان يعرف بوصلته وعدوه ، ترسخت لدى الشعوب العربية البسيطة ولدى نخبها الثقافية قناعة راسخة ان القوة هي السبيل الى تحررها من تسلط الدول الاستعمارية وان فلسطين لن تتحرر الا بذات الطريقة التي سلبت بها ، فبدأت الحكومات العربية بتأييد شعبي تعد العدة للمعركة الكبرى الفاصلة .
في هذا الوقت بالذات كان الفلسطيني الرافض للوضع الجديد الذي عاشه بعد التهجير القسري من ارضه يستفيق من هول الصدمة ويقرر حمل السلاح لاستعادة ارضه فتأسست منظمة التحرير الفلسطينية وبدأت عملياتها الفدائية ضد العدو الصهيوني ، وكنت ترى علم فلسطين يرفرف في كل منزل من المحيط الى الخليج ويحل الفلسطيني مؤيدا بالتهليل والترحيب في اي بقعة من بقاع الوطن العربي وحتى في كثير من بلدان العالم لانه صاحب قضية محقة ولان التجييش الاعلامي الحالي لم يكن موجودا لكي يستطيع التأثير في آراء الشعوب ومعتقداتهم ، وكان الشهيد ياسر عرفات يستقبل استقبال الثوار الامميين والفاتحين في غالبية دول العالم . كل هذا مرده الى التأييد الشعبي العربي وحتى الشعبي العالمي للقضية الفلسطينية.
واندلعت حرب عام 1967 واستطاع جيش الكيان الدخيل ان يهزم الجيوش العربية وان يوسع نطاق دولته وجغرافيتها الى مساحة اكبر مما كان قد احتل عام 1948 .وبالرغم من هذه الهزيمة النكراء لم نجد بين الشعوب العربية من يخوّن ويشكك بوطنية القيادات المصرية والسورية والفلسطينية بل على العكس خرجت مصر بكاملها لتعيد جمال عبد الناصر الى سدة الحكم بعد اعلان استقالته والتفت الشعوب حول قيادة منظمة التحرير وطالبتها بالمزيد من التصعيد والكفاح المسلح فخاضت في عام 1968 اولى معاركها (الكرامة) مع جيش العدو المتفوق عسكريا وعدة ، واستطاعت هزيمته وتكبيده خسائر فادحة .
وأيدت هذه الجماهير الحركة التصحيحية في سوريا والتفت حول حافظ الاسد الذي طرح شعار فلسطين قبل الجولان ، وهو بحد ذاته انعكاس للتوجه العام وللبوصلة الشعبية السورية .
فهل لم يكن هناك فساد في الطبقات الحاكمة تعاني منه الشعوب العربية ؟
وهل كانت الدول الاستعمارية متوقفة عن تدخلاتها في شؤون البلاد العربية والمنطقة ؟
نعم لقد كان كل ذلك موجودا ، غير ان الفارق كان في ان الدين كان جامعا والنزعات الطائفية كانت نائمة تكاد تموت ، والوطنية وحب العروبة هما الجامع والموحد ، ولم تكن العولمة ووسائل التواصل الاجتماعي موجودة لتغير المعتقدات ولتوقظ الفتن النائمة منذ اكثر من 1400سنة وتعيدها الى الحياة.