الدفاع و الامنمرصد الاخبار

واشنطن تزود أوكرانيا بـ”ناسماس”.. هل يتغيّر مسار الحرب؟

فيكتور بارانيتس

تواصل الولايات المتحدة ضخ الأسلحة إلى أوكرانيا. من الواضح أنّ كل دفعة جديدة من المعدات العسكرية أقوى من سابقتها. في البداية، زودتها بصواريخ محمولة مضادة للدبابات وصواريخ “ستينغر” المضادة للطائرات، ثم بمدافع “هاوتزر” بعيدة المدى “أم 777″، وأتبعتها بأنظمة إطلاق الصواريخ المتعددة “هيرماس”، التي يصل مداها إلى 3 أو 4 أضعاف عن سابقاتها، لكن كل ذلك لا يبدو كافياً.

لذلك، تتوسل كييف واشنطن للحصول على أسلحة من فئة أعلى بكثير، وهي منظومة “ناسماس”. ومن المتوقع الإعلان عن تسليمها إلى أوكرانيا خلال أيام. أيّ نوع من الأسلحة المدمرة هذه؟ كيف سترد روسيا؟ وهل يمكن لأسلحة كهذه أن تؤثر في مسار العملية العسكرية الخاصة؟

ما هو “ناسماس”؟

“ناسماس” منظومة صاروخية متوسطة ​​المدى مضادة للطائرات (نرويجية – أميركية)، مصممة للاشتباك مع الأهداف الجوية على ارتفاعات منخفضة ومتوسطة في جميع الظروف الجوية. يتراوح مداها المجدي بين 55 و180 كيلومتراً، وتعمل على ارتفاع يتراوح بين 30 متراً و16 كيلومتراً. تحتوي البطارية الواحدة من هذه المنظومة على 12 قاذفة، في كل واحدة منها 6 صواريخ مضادة للطائرات، وهي مزودة بثلاث محطات رادار ونظام للتوجيه الإلكتروني البصري.

وهنا، يطرح السؤال الأول: لماذا وافق الأميركيون على تزويد الأوكرانيين بنظام “ناسماس” في الوقت الحالي؟ لماذا الآن؟ هناك عدة أسباب.

يهيمن الطيران الحربي الروسي على السماء فوق ساحة المعركة تقريباً، فحتى الطائرات المقاتلة والمروحيات النادرة التابعة للقوات الجوية الأوكرانية التي تجرؤ على التحليق في الجو، كقاعدة عامة، تسقطها المقاتلات الروسية أو أنظمة الدفاع الجوي. لكن الأهم من ذلك كله أن الوحدات العسكرية، ومعامل الدفاع، ومستودعات الذخيرة، ومستودعات الوقود، وطرق نقل الأسلحة من الغرب إلى أوكرانيا، “تعاني” ضربات صواريخ “كاليبر” الروسية.

هذا يقودنا إلى سؤال آخر معقول: هل يمكن أن تؤثر منظومة “ناسماس” في منظومات “كاليبر” التابعة لنا؟

فلنحسب بالأرقام، تبلغ أقصى سرعة طيران لصاروخ “ناسماس” 1020 متراً في الثانية. أما سرعة صاروخ “كينجال” التي تفوق سرعة الصوت، فتصل إلى 4080 متراً في الثانية، وسرعة “كاليبر” تتراوح بين 2100 و2600 متر في الثانية. نخرج من هذه الأرقام بجواب واضح على السؤال.

لكن بالنسبة إلى المقاتلات الروسية والطائرات الهجومية، هل يمكن أن تشكل “ناسماس” الأميركية – النرويجية تهديداً خطراً؟

فلنحسب بالأرقام مرة أخرى، تصل السرعة القصوى لمقاتلة “سو 27” إلى 2430 كيلومتراً في الساعة أو 675 متراً في الثانية، أي أن طائراتنا من طراز “سوخوي” تطير أبطأ مرتين تقريباً من صاروخ العدو. وقد تصبح فريسته (إذا لم تقم بمناورة مضادة للصواريخ في الوقت المناسب).

حسناً، سيتعين كذلك على طائرات الهليكوبتر القتالية الخاصة بنا أن تبقي أعينها مفتوحة، إذ تبلغ أقصى سرعة للطائرة “مي 28- إن” نحو 400 كم/ ساعة، وتصل سرعة المروحية من طراز “كا-52” إلى 350 كم/ ساعة، أي نحو 111 متراً في الثانية.

الاستنتاج هنا واضح: صاروخ الناتو يشكل تهديداً خطراً لطيراننا، ويمكنه أن يهدد المروحيات المحلقة على بعد 180 كيلومتراً، وهي مسافة ملائمة جداً للأهداف القتالية، وهي أبعد من المسافة بين أوديسا وكيشيناو.

هل لدينا ما نواجه به؟

وفقاً للخبراء الروس، تعد أنظمة الحرب الإلكترونية الخاصة بنا مثالية لمواجهة منظومات “ناسماس”، فهذه الأنظمة كفيلة بإتلاف “عقول” الصواريخ الأميركية النرويجية وإخراجها من مسارها. ونقطة الضعف الأهم في منظومة الناتو هذه هي أن الحد الأدنى لإمكانية إصابة الهدف لديها هي 30 متراً، كما ذكرنا، ويعتقد مصممو أنظمتنا للدفاع الجوي أنه في ظروف مسرح العمليات الحديث، حيث الطائرات من دون طيار الهجومية والاستطلاعية، وكذلك الصواريخ التكتيكية، قادرة على الالتفاف حول التضاريس على ارتفاعات من 15 إلى 25 متراً، يمكن وفق هذه المعايير دفن منظومة “ناسماس” حرفياً.

كما أن نظام الدفاع الجوي المحلي القديم “إس 300″ قادر على إسقاط العدو على ارتفاع لا يزيد على 10 أمتار، ناهيك بـ”إس 400″ الحديث و”إس 500” الأحدث.

هل يمكن أن يؤثر “ناسماس” في العملية العسكرية الخاصة؟

لا بدّ من أن أي سلاح للعدو في ساحة المعركة يتطلب منا موقفاً جاداً، وخصوصاً الأسلحة التي تنتمي إلى منظومة التكنولوجيا الفائقة مثل “ناسماس”. من الواضح أنه من أجل تغطية سماء أوكرانيا بالكامل، ستكون هناك حاجة إلى عدة عشرات من منظومات كهذه.. والولايات المتحدة لا تعد كييف بمثل هذه الكمية من المعدات العسكرية.

يمكن أن تعتمد كييف على الأرجح على 5 أو 6 بطاريات. وبالتالي، ستتمكن من تغطية مناطق جوية منفصلة فوق أوكرانيا. بطبيعة الحال، ستعلم قيادتنا بمواقع نصب هذه المنظومات، وستحاول أن تدمرها بواسطة “كاليبر” وهي على الأرض. هذا إذا ما وصلت ونصبت، إذ لا يمكننا استبعاد أنَّ أنظمة الدفاع الجوي التابعة لحلف الناتو سيتم تدميرها حتى في وقت التسليم لأوكرانيا (على سبيل المثال من أراضي بولندا أو رومانيا).

على أي حال، لن يكون “ناسماس” قادراً على التأثير جذرياً في مسار العملية العسكرية الخاصة.

 

نقله إلى العربية: عماد الدين رائف

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى