هل ينهض السودان من سني التيه استناداً لتكريس محور المقاومة معادلات السيادة واستعادة الحقوق؟

الدتورة ميادة رزوق | باحثة واكاديمية سورية

فرضت تطورات ميدانية متسارعة  ايقاعها على منطقتي غرب آسيا وشمال افريقيا بعد حدثين مفصليين أسسا لما بعدهما، وتمخض عنهما تفاصيل عدة وفك شيفرات، وهما لقاء قمة جنيف الذي جمع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بنظيره الأمريكي جو بايدن في 16/6/2021، ومشهد الخروج الأمريكي من أفغانستان في 30/8/2021 وتداعياته على الحلفاء الأوروبيين والأنظمة الخليجية وكيان الاحتلال الصهيوني، لـ يلي ذلك زيارة الرئيس بشار الأسد إلى موسكو ولقائه الرئيس فلاديمير بوتين في 13/9/2021، وخطاب الرئيس فلاديمير بوتين في منتدى فالداي الدولي للحوار في 21/10/2021 الذي أعلن منه عن بداية رسم معالم نظام عالمي جديد متعدد الأوجه في ظل تراجع الهيمنة الغربية.

تلتها مجموعة من الأحداث الدراماتيكية على امتداد ساحات محور المقاومة ترافقت بمجموعة من المكائد والفتن وصناعة بؤر توتر مع مزيد من الضغوطات الاقتصادية لإخراج فصائل المقاومة من المشهد السياسي في دولها، وثني الدولة السورية عن تحرير باقي الجغرافية من الاحتلالين الأمريكي والتركي وأدواتهما الانفصالية والإرهابية (عصابة قسد الاجرامية، ومجاميع العصابات الإرهابية التكفيرية)، ومحاولة  قرصنة ناقلة نفط إيرانية سعيا لتغيير موقف طهران في مفاوضات الاتفاق النووي الإيراني، وبما يضمن أمن كيان الاحتلال الصهيوني، لتنقلب الموازين نحو تفريغ الضغوط الأمريكية من مضامينها، باستهداف مسيرات وصواريخ محور المقاومة لقاعدة التنف الأمريكية العسكرية غير الشرعية، والتقدم السريع للجيش اليمني الوطني واللجان الشعبية في تحرير محافظة مأرب، والتصدي من قبل القوات البحرية لحرس الثورة الايراني للانتهاكات الأمريكية في بحر عمان بقرصنة وسرقة النفط الإيراني، وما يجري في شمال سورية من تحضيرات وحشود عسكرية تنبئ باقتراب معركة ادلب، مع استمرار المقاومة الشعبية لوجود الاحتلال الأمريكي، وخروج رتل كبير من قواته باتجاه العراق، ومفاوضات تسليم “قسد” لبعض الحقول والمكامن النفطية والغازية للدولة السورية، وأحداث أخرى تحدثنا عنها بمقالات سابقة عن عودة سورية إلى المشهد الإقليمي والدولي من البوابة الأمنية والاقتصادية، وأخيراً من البوابة السياسية والدبلوماسية، بقص شريط الزيارات والعلاقات العربية الدبلوماسية مع سورية من قبل وزير خارجية الإمارات الشيخ عبدالله بن زايد، بما يشير إلى تراجع نفوذ الولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة، و خسارة تأثير أوراقها الضاغطة، وامتلاك محور حلف المقاومة القوة الرادعة التي غيرت معادلات الميدان وموازين القوى.

ترافق هذا الملخص البانورامي السريع لغرب آسيا، مع تطورات معاكسة في شمال افريقيا، شهدت عدة بؤر توتر تهدف بشكل أساسي لإقحام القارة الأفريقية بشكل عام وشمال افريقيا بشكل خاص بصراعات محلية اثنية وعرقية وقبلية تهدف إلى تفكك وتقسيم دوله لإحكام السيطرة عليها لنهب ثرواتها، وخاصة في ليبيا والسودان وكذلك اثيوبيا.

وبالتركيز في مقالنا هذا على السودان والمشهد الضبابي الذي يخيم عليه، وبالعودة قليلا إلى مجموعة من الأحداث والوثائق والتصريحات بما يخص السودان قبل تقسيمه في عام 2011 نخلص إلى التالي:

وفي الخلاصة إن سني التيه التي لازال يعيشها السودان كشفت بجلاء عن ضرورة النظر في هذا الخطأ الاستراتيجي الجسيم الذي وقع فيه السودان وسيقع فيه آخرون يخضعون للابتزاز بقبول الرضوخ للغرب اكمالا لمسيرة التفكيك التي بدأتها بريطانيا بتمزيق إمبراطورية مصر والسودان واوغندا واجزاء من إريتريا واخراجها من بوابة الماضي إلى حيز التشظي المرير، ولكن وبنظرة تفاؤلية هل يمكن التعويل على وعي الشعب  السوداني، وبالاستناد إلى انتصارات وانجازات محور المقاومة، وكسر الهيبة الأمريكية، و أزمة قلق كيان الاحتلال الصهيوني الوجودية، بممانعة مشروع التقسيم، وعودة دور السودان الريادي في المحيطين العربي والاقليمي انطلاقا من ثرواته ومقدراته وامكانياته الطبيعية والبشرية التي تعد أهم مقومات النهوض والصمود لمواجهة التكالب الدولي والاقليمي؟

 

Exit mobile version