ناجي أمهز | كاتب وباحث لبناني
المشهد معقد للغاية وتاريخ 2005 يعيد نفسه، والمستهدف واحد، وهو المقاومة التي تقف عثرة بوجه التمدد الاسرائيلي بالمنطقة، على حساب لبنان…
واللبنانيين الذين يعتقدون بان السلام مع اسرائيل سيأتي بالبحبوحة والرخاء هم واهمون، فالمزارع سيجد نفسه مضطرا لحمل السلاح ومقاتلة اسرائيل، بسبب عجزه عن تصدير منتوجاته الزراعية الى دول المنطقة، التي بدأت تغزوها المنتوجات الزراعية التي يصدرها الكيان الغاصب الى دول مجلس التعاون الخليجي مع بداية التطبيع، اضافة ان الخدمات التي كان يقدمها لبنان من مالية وترانزيت بحري، ستتحول كلها الى الكيان الغاصب، لذلك ان بحثت عن المستفيد من تفجير المرفأ ستجد انها اسرائيل.
وايضا من السخافة اتهام الحزب بقتل لقمان سليم، ان كان بالمكان او الزمان، فالمنطق العقلي يرفض فكرة ان حزب الله الذي هزم الجيش الاسرائيلي ومرتزقة التكفيريين، ودوخ الاستخبارات الدولية، بعد قيامه بعلميات كوماندوس وصل خلالها الى اعماق مراكزهم، انه بحاجة ان ينتظر شخصا على قارعة الطريق ليقتله بمنطقة هو يسيطر عليها.
كما ان الحزب المكون من نسيج العائلات الشيعية، هو بعيد كل البعد عن استخدام لغة القتل لاي معارض له، لانه بذلك يقلب عليه هذه العائلات، بل تجد الحزب هو الذي يحمي معارضيه ويحاورهم، لانه يعلم بأن طابورا خامسا سيتدخل ويصطاد بالمأء العكر، وحتى ان قتل احدهم بحادث سير سيتحمل نتائجه، فالاستغلال والتهم جاهزة، لذلك الحزب هو الخاسر الاكبر من اغتيال اي شخصية معارضة له ان كانت شيعية او غير شيعية…
ولماذا دائما نستبعد فرضية ان العدو الاسرائيلي هو من يغتال، خاصة انه منذ اشهر نشرت احد الصحف عن انزال كوماندوس اسرائيلي عند شاطئ الجية…
وان تابعنا ما يتناقله الاعلام الغربي بكثافة، قبل الاعلام العربي، ان اغتيال لقمان سليم جاء بعد حديث له عن تفجير المرفأ، تدرك ان هناك من ينتظر اي فعل ليحرك موضوع تفجير المرفأ باتجاه الحزب.
والجميع يعلم ان كارثة تفجير المرفأ، لا تقل حجما وتداعيات عن التفجير الذي ادى الى استشهاد الرئيس رفيق الحريري، الذي بسببه خرج السوريين من لبنان، وتم اتهام احد عناصر حزب الله بالاغتيال، علما ان القيادات الدولية واللبنانية القريبة من الشهيد الرئيس الحريري كانت تقول وتجزم انه لا يعقل ان يكون للحزب اي تدخل بهذا الاغتيال لان الرئيس الشهيد كان حاميا وداعما للمقاومة، واتفاق نيسان 1996 يشهد، على مقدار محاولة الرئيس الشهيد حماية المقاومة، وبالرغم ان الوجدان والشعور الكبير عند كافة اللبنانين بان لا علاقة للحزب باغتيال الرئيس الشهيد، الا انه حدث ما حدث ونتج عن اغتيال الرئيس الشهيد تصدعا بالمشهد اللبناني وخلق انقساما كبيرا بين المسلمين بمذهبيهما السني والشيعي.
ماذا يمنع اليوم ان يعاود تاريخ 2005 المشهد نفسه، وخاصة ان الظروف مؤاتية اكثر من عام 2005التي حدث فيها الاغتيال، حيث نزل الشعب الى الشارع اجتمع مجلس الامن اصدر قرار بخروج السوريين وانشأ محكمة دولية، ولا ننسى ان القرار اتخذ وسوريا كانت بقوتها ومكانتها وحاجة الدول اليها، كما كان حزب الله باوج حضوره العربي والاسلامي بعد التحرير عام 2000، وايضا كان الشعب اللبناني يعيش البحبوحة وحصل ما حصل.
اذا اليوم من السهل جدا اعادة هذا السيناريو، من خلال ذريعة اغتيال لقمان سليم وانفجار المرفأ، ودعوة الشعب اللبناني الى التظاهر والذي سيلبي هذه الدعوة بسبب البطالة والانهيار الاقتصادي والمالي، حينها يجتمع مجلس الامن ويصدر قرارا بسحب سلاح الحزب، وخاصة ان الظروف مهيئة، فسوريا اليوم مشغولة بحرب مدمرة، والحزب محاصر اقليميا ودوليا، وهناك كثيرين ناقمين عليه بسبب تدخله بمحاربة التكفيريين بسوريا، وداخليا نجح الاعلام بتصويره على انه حامي منظومة الفساد، حتى بعض حلفاء الحزب اخذوا يرددون ان الحزب لم يكن معهم بمكافحة الفساد، بالاضافة الى انقسام اسلامي حاد، يضاف اليه اليوم، المسيحيين وهم الفئة الكبرى المتضررة من تفجير المرفأ والتي تطالبه بالحياد، والخروج من المحور الايراني…
بالختام المطلوب ان نتفهم ان الوضع صعب جدا، والكيان اللبناني بخطر على كافة المستويات، فان نجاة لبنان من زالزال 2005 ، كان بسبب بعض المقومات التي كان يملكها لبنان، اما اليوم فان اي هزة ستدمر لبنان المتصدع اصلا.