عمر معربوني | باحث في الشؤون السياسية والعسكرية .
من المفترض ان تشكِّل دعوة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون للرئيس المكلّف سعد الحريري في هذا الوقت العصيب الذي تمّر به البلاد حافزاً يسرّع في تذليل العقبات والعمل سريعاً على الوصول الى حكومة تبدأ مسيرة الإنقاذ .
الاّ انّ هذا الكلام يبقى افتراضياً غير قابل للتطبيق لغياب النصوص الدستورية التي تُلزِم الرئيس المكلّف بالإستجابة الى دعوة رئيس الجمهورية سواء بالذهاب فوراً الى تشكيل الحكومة او الإعتذار لتكليف بديل عنه .
إضافة الى غياب النصوص الدستورية المُلزمة للرئيس المكلّف يحضر عاملين أساسيين لا يمكن لأحد تجاهلهما وهما :
– العامل الداخلي حيث وصول الإنقسام السياسي الى حدود غير مسبوقة باتخاذه منحىً عامودياً وتحكُّم البعد المذهبي في هذا الإنقسام ، وهو العامل الذي بات اكثر خطورةً من أي وقت مضى لجهة التحشيد الذي يسلكه طريقه كالنار في الهشيم في نفوس رعايا الطوائف وهو المُستند الذي يستند اليه زعيم كل طائفة ومذهب في التمترس وراء مواقفه حتى لو كانت ضد مصلحة البلد .
– العامل الخارجي والذي لم نلحظ في علنه وخباياه اية مسارات مشجعة ولا حتى اعلان نوايا باستثناء المبادرة الفرنسية الموضوعة في الثلاجة والتي ادخل بعض الحرارة اليها الموقف الروسي الداعم لهذه المبادرة .
فالأميركي لا يزال عند مطالبه لجهة تنفيذ مطالبه وهي عند نصف اللبنانيين محرّمات لا يمكن الاستجابة لتلبيتها وهنا لا بأس بالتذكير بها سريعاً لمعرفة ما ينتظر لبنان من جمود بات يحتاج معجزة الهية لإذابة جليده .
1- استجابة لبنان لكامل شروط صندوق النقد الدولي وخصخصة القطاع العام عبر بيع اصوله كاملة واستخدامها في دفع مستحقات الدين .
2- تقديم لبنان تنازلات في موضوع ترسيم الحدود البحرية .
3- دمج النازحين السوريين في المجتمع اللبناني .
4- توطين اللاجئين الفلسطينيين في لبنان بشكل نهائي .
5- عزل حزب الله سياسياً .
6- ضبط الحدود اللبنانية السورية بنشر قوات دولية او عربية لقطع طريق المقاومة وخط امدادها .
امام هذين التعقيدين الداخلي والخارجي لا تبدو الأمور سائرة نحو الحلحلة لا بل ان كلمة رئيس الجمهورية برأيي اضافت عقدة ستعطي الرئيس المكلف مساحة اكبر في طائفته لجهة الالتفاف حوله مهما كانت النتائج ، فالجو العام الذي يتجه اكثر فاكثر نحو تحميل رئيس الجمهورية والوزير جبران باسيل المسؤولية الأكبر بما يحصل سيتم مضاعفة الجهود حوله اعلامياً وعبر تصريحات مختلفة .
امر آخر لايمكن تجاوزه وهو ان الرئيس الحريري يريد من تأخير التشكيلة أمرين مهمين بالنسبة له :
– انتظار موقف إيجابي من المملكة السعودية نحوه وهو ما لم يحصل حتى اللحظة .
– رغبته بعدم تحمل تبعات رفع الدعم وترك الأمر لحكومة الرئيس حسان دياب ليحملها هو كإرث وليس قراراً من فعل حكومته اذا ابصرت النور .
في الخاتمة يمكن اعتبار ما تقدم في المقال كانه لم يُكتب اذا وفقّ الله لبنان واللبنانيين بحصول معجزة تحتاج ربما الى سنوات من الدعاء .
والله على كل شيء قدير .