ألوف بن | هأرتس
في اليوم التاسع عليها فان عملية “حارس الاسوار” في غزة تظهر مثل الحرب الحدودية الاكثر فشلا والاقل ضرورة بالنسبة لاسرائيل، حتى في المنافسة الصعبة في دوري الحروب الهامة التي تشارك فيها حرب لبنان الثانية وعملية “الرصاص المصبوب” و”عمود الدخان” و”الجرف الصامد” في غزة. نحن شهود على فشل عسكري وسياسي خطير كشف عيوب في استعداد الجيش وأدائه، وفي قيادة حكومة مشوشة وعاجزة. وبدلا من تبديد الوقت على مطاردة لا جدوى منها خلف “صورة انتصار” مع التسبب بقتل ودمار في غزة وتشويش الحياة في اسرائيل، يجب على رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، أن يتوقف ويوافق على وقف اطلاق النار والأمل بأن يتم استيعاب الفشل بسرعة داخل الرأي العام مثل كارثة ميرون. في عالم سليم كان يجب هنا اضافة “أن يأمر بفحص اساسي داخلي في الجيش الاسرائيلي”، لكن المتهم بمخالفات جنائية، نتنياهو، والذي يحارب على بيته في شارع بلفور لا توجد له أي صلاحية أو أي قوة سياسية لقيادة تغيير ضروري كهذا.
هاكم المشكلات الرئيسية التي تبينت في الاستعداد للحرب وادارتها:
• اسرائيل تفاجأت تماما من أخذ المبادرة في أيدي حماس ومن جرأتها ومن القدرة القتالية التي اظهرتها باطلاق آلاف الصواريخ على الجبهة الداخلية في اسرائيل.
• اهتمام اسرائيل الامني تركز في العقد الاخير على “المعركة بين حربين” في الشمال وفي الصراع ضد ايران. غزة تم اعتبارها ساحة ثانوية يجب استيعابها من خلال دمج الوسائل الاقتصادية مثل تمويل حماس من قبل قطر بدعم من اسرائيل وتقديم تسهيلات معينة في الحصار مثل ادخال مواد البناء؛ واستثمارات كبيرة (مبررة) في وسائل الحماية وعلى رأسها القبة الحديدية والعائق التحت ارضي على الحدود مع غزة، التي اثبتت نفسها في احباط اقتحامات ارضية وتقليص الاضرار في الجبهة الداخلية.
حماس تظهر مثل جار سيء، لكنه معزول وضعيف. والامر الوحيد الذي أثاره في الرأي العام الاسرائيلي كان يتعلق بالنقاش الموسمي حول اعادة المدنيين الأسرى وجثث الجنود. وحسب معرفتنا، لا أحد من “جهات التقدير” حذر من أن حماس تستطيع بجهود قليلة التخلص من القفص الذي دفعتها الى داخله اسرائيل، والوقوف على رأس النضال الفلسطيني كحامية للمسجد الاقصى، وتضخيم الشرخ بين حكومة نتنياهو والادارة الامريكية الجديدة برئاسة جو بايدن.
• في ظل فشل الاستخبارات الاستراتيجي من خلال الاستخفاف بنوايا حماس وقدرتها، تطور ايضا الفشل الاستخباري التكتيكي. فالجيش الاسرائيلي لم يجمع ما يكفي من الاهداف النوعية في غزة التي سيدمر المس بها الدافعية والقدرة لدى حماس على مهاجمة الجبهة الداخلية الاسرائيلية. سلاح الجو اصاب فعليا اهداف كثيرة بحيث أن حماس ستحتاج الى العمل بشكل حثيث من اجل اعادة تأهيلها، لكن هذا غير كاف. ايضا ساعات الطيران والتسليح للجيش الاسرائيلي يوجد لها ثمن اقتصادي مثلما يوجد ثمن لحفريات وصواريخ حماس. ومثلما كتب ذات يوم الجنرال يسرائيل طال: “عندما يتم اشتقاق الاستراتيجية من التكتيك فنحن ننتصر في معارك ونهزم في حروب”.
يمكننا أن نطعم الجمهور في جميع نشرات الاخبار احاديث متغطرسة عن “الضربات المؤلمة التي تسببنا بها لحماس” وأن نعرض بتفاخر الطيار الذي قتل قائد الجهاد الاسلامي، يجب أن لا ننسى علاقات القوة بين طائرة قتالية متقدمة مع تسليح دقيق وبين مبنى لشقق مدنية، مثل نسخة جديدة ليهودا المكابي ومئير هرتسيون. كل طبقات التجميل هذه لا يمكنها اخفاء الحقيقة وهي أنه لا يوجد للجيش الاسرائيلي أي فكرة عن كيفية التسبب بشلل جيش حماس واخراجه عن توازنه. وتدمير الانفاق من خلال القصف الثقيل كشف عن قدرة تنفيذية استراتيجية دون مس حقيقي بالقدرة القتالية للعدو. لنفترض أنه كان يوجد قتلى في الانفاق، 100 أو 200 وحتى 300 مقاتل من حماس، فهل هذا كان سيقوض حكمها؟ وهل كان سيقوض نظام سيطرتها وقيادتها؟ أو قدرتها على اطلاق الصواريخ على اسرائيل؟. العجز العسكري ظهر في المعدل المرتفع للمدنيين القتلى مقارنة مع المقاتلين في الجانب الفلسطيني كلما استمرت العملية، وهي علامة واضحة ومؤكدة للاطلاق على اهداف عارضة وقليلة الاهمية.
• بعد سنة الكورونا الجمهور في اسرائيل تعود على مدارس مغلقة وشوارع فارغة ومطار مشلول، وهو يظهر قدرة على الصمود حتى عندما يتم فرض القيود بسبب الصواريخ من غزة وليس بسبب فيروس من الصين. القلق العام يتركز حول انهيار الحياة المشتركة بين العرب واليهود في اسرائيل أكثر من التركيز على المواجهة الخارجية. مع ذلك، حماس تسببت بضرر كبير لنسيج الحياة السليم، من تل ابيب وحتى اقصى الجنوب. ولا يبدو أن الجيش الاسرائيلي قادر على أن يمنع أو يوقف ذلك حتى بعد مرور اسبوع ونصف على تبادل اطلاق النار.
• القوات البرية للجيش الاسرائيلي تدهورت الى دور هامشي يتمثل بكونها قوة تضليل، مهمتها التشويش على العدو واغر
ائه بالدخول الى شرك الهجوم الجوي. حتى بهذا يبدو أننا لم ننجح ايضا، ومقاتلي حماس لم يتم اصطيادهم بصورة جماعية في الانفاق التي تم قصفها. من الجيد أن لا أحد فكر حتى بعملية برية كثيرة الخسائر في قطاع غزة. لا يوجد لاسرائيل أي هدف يبرر عملية كهذه، وهذه المرة لا توجد دعوات الى “الدخول”، والتدمير واقتحام غزة، حتى في اقصى اليمين في الخارطة السياسية. مع ذلك، يتسرب الى القلب الخوف من أن الجيش البري غير قادر حتى على الصعود الى الحلبة وهو غير مستعد للقتال.
• من الجدير العودة الى نبوءات الغضب للجنرال (احتياط) اسحق بريك، الناقد الاكثر حدة لقيادة الجيش في السنوات الاخيرة، الذي عاد وحذر من أن الحرب القادمة ستكون في الجبهة الداخلية حيث لا يوجد لاسرائيل أي رد على هجمات آلاف الصواريخ وأن القوات البرية غير قادرة على القتال. بريك تطرق لحرب مستقبلية مع حزب الله التي قوة نيرانها أقوى بكثير من قوة نيران حماس، لكن المواجهة الحالية يجب النظر اليها كمناورة طرية قبل الامتحان الحقيقي، والنتيجة غير جيدة. القبة الحديدية اعترضت اغلبية الصواريخ وأنقذت حياة الكثيرين، لكنها وجدت صعوبة في الصمود امام صليات مركزة اغرقت نظام الدفاع الاسرائيلي. الجبهة الداخلية في اسرائيل لم تتضرر في أي يوم بسبب كمية كهذه من التسلح. عسقلان تحولت الى مدينة اشباح والمنازل التي لا توجد لها حماية تمت مغادرتها. وكل ذلك يتقزم امام قدرات الحاق الضرر من قبل حزب الله.
ازاء انجازات ضئيلة كهذه، فان نتنياهو يحسن صنعا اذا توقف الآن، وعلى الاقل منح انجاز صغير لبايدن الذي يطلب منه وقف فوري لاطلاق النار. لا يوجد أي سبب لمواصلة ضرب كيس الرمل المتمثل بغزة، مع شل الحياة في جنوب ووسط البلاد. واصلاح الجيش سينتظر كما يبدو الى حين صعود قيادة جديدة في اسرائيل.