*توجه المرجع الروحي الاول لطائفة الموحدين الدروز الشيخ ابو يوسف امين الصايغ بنداء الى طائفة الموحدين الدروز في جبل العرب جاء فيه* :
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ
نِدَاء الْمَرْجَعِ الرُّوحِيِّ الشَّيْخ أَبُو يُوسُف أَمين الصَّايِغ إلى الموحدين الدروز من أبناء جبل العرب
إيهِ يا سُويداءَ الموحدين!
كأنّي بالياءِ من بِيْضِ العمائمِ مضفورةً بعونِهِ تعالى على سوادِ المتربصينَ!
يا لليقينِ!
المتجذِّرِ في نفوسِ الصالحينَ.
جوهرٌ تصقلُهُ الشدائدُ.. فيردّدونَ:
الحمدُ لله الذي لا ينسى من ذكرَهُ، ولا يخيِّبُ من رجاه. الحمدُ لله الذي هو ثقتُنا حينَ تنقطعُ عنا الحِيَلُ. والحمدُ لله الّذي يُجزي بالإحسانِ إحسانًا، ويُجزي بالصبرِ نجاةً..
يا للوطنيةِ أبناءُ جبلَ العربِ!
الخطُ خطُ الوطنيةِ ما ملأَ الأرضَ إلا خفَّفَ إرهاقَها، ولا عانقَ الأجيالَ إلَّا لوَّنَ آفاقَها.
يا لتاريخِكُم!
حَمَلْتُم شُعلةَ الاستقلالِ ومدَدْتُم يدَكُم مع سلطان باشا إلى أبناءِ قومِكُم تجتذبوهُم إلى سماءِ البطولاتِ، إلى آفاقِ الوطنيةِ حيثُ لا طائفية ولا تقسيم.
يا مَنْ أُعطيتُم منَ العقلِ والحكمةِ والشجاعةِ والأخلاقِ والرجولةِ والشهامةِ ما لم يُعطى لغيرِكُم.
يا للسّلفِ الصّالحِ القدوة!
سيّدُنا الشّيخ أبو حسين ابراهيم الهجري، وسيّدُنا الشّيخ أبو علي قسّام الحناوي وسيّدُنا الشّيخ أبو يوسف حسن جربوع. والحديثُ عن سيرتِهِم البطولية في الذّودِ عن الوطنِ، وصدِّ المتآمرينَ عليهِ، ليسَ أقلُ حرمةً من الولوجِ إلى المحرابِ.. والعاقلُ منْ يدخل محرابَ السّلفِ الصّالحِ بإطراقةِ المبجِّلِ وبصيرةِ المتأملِ وإصغاءةِ المُسترشدِ ولإضاءةِ المستقبل.
أيُّها الأخوةُ الموحدون في الجبلِ الأشمِّ
لقد وصلتْنا صرخَتُكم الانسانيةُ من أجلِ العيشِ الكريمِ، وهي مباركةٌ وأمانةٌ في أعناقِنا نحملُها، وليسَ صغيرُنا بأخفِ حِملًا من كبيرِنا.. ونحنُ في مناصرةِ هذه الصرخةِ نؤدي فريضةَ حفظِ الأماناتِ أمامَ ربٍّ يعلمُ ما يُخفى من نيّاتٍ وما يُعلنُ من أفعالٍ. وأمامَ تاريخٍ لا يغادِرُ موقِفًا إلّا وأحصاهُ صوابًا كانَ أم خطأ. فلنجعلْ من ضمائرِنا علينا رقيبًا وحسيب!
{إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرضِ إِلَّأ آتِيَ الرَّحْمَنِ عَبْدًا * لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدَّا * وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا} صدق الله العظيم
أمّا بعدُ، أيُّها الإخوةُ المعروفيونَ،
على أثرِ الصّرخةِ التي يشهدُها جبلُ العربِ، لا بدَّ منْ وقفةٍ نسألُ فيها: إلى أينَ تسيرُ بنا الأحداثُ، وإلى أينَ تسيرُ بها أفعالُنا، وإلى أينَ تسيرُ بنا وبها التطوراتِ المتسارعةِ في الإقليمِ.
وهنا أناشدُكُم حكماءَ الجبلِ وعقلائَهُ،
أولًا، أنْ تكونوا، كما كنْتُم على مرِ التاريخِ، حرَّاسَ وحدةِ الوطنِ والقوامين مع الوطنيين على بنائِهِ على أسسِ العدالةِ. وعليه تجنُّب إقحامِ جبلَ العربِ في لعبةِ الأممِ وموازينِ قِواها المتصارعةِ، لأنَّ ذلكَ لنْ يعودَ على دينِكُم بفائدةٍ ولا على وطنِكُم ودنياكُم بخيرٍ.
ثانيًا، الحفاظُ على وحدةِ أبناءِ جبلِ العربِ مهما كانتِ التضحياتُ، وهذا دورُ النفوسِ الأبيةِ المترفّعةِ عن الأنانيّاتِ.
ثالثًا، إنَّ العمامةَ رمزٌ للدّينِ والتّقوى والألفةِ والرّحمةِ والنّبلِ والوفاءِ وعبرَ التاريخِ لعبَتْ دورًا مهمًا في تحريمِ التّعدي منّا أولًا ثمَّ تحريمِ الاعتداءَ علينا. حذاري أنْ تلعبَ دورًا لا يليقُ ومقاصدِها ومواطنِ جوهرِها الرّوحيّ والأخلاقيّ السّليم وأنْ لا ندنسَ هيبةَ التّاريخِ والدّينِ بالسّلوكِ الدّنيويِّ المتعثِّرِ، المشبَعِ بنهجِ النّفوسِ الأمّارةِ بما تشتهي. أناشدُكُم إعادةَ النّظرِ بدورِ العمامة وقيمِها ومراميها.
رابعًا، التّفكُّر في عواقبِ الأمورِ والتّبصّر بما حصلَ في الدّولِ التي عَبَثَتْ فيها الفوضى بغيابِ الدّولةِ.
خامسًا، ناشدتُكُم العامَ الماضي وأكرِّرُها اليومَ:
ليتقدَّمِ انتسابُكُمُ الوطنيُّ بحقٍّ على الانتسابِ إلى ما يتجاوزُ الأوطانَ، ويكونُ مَدعاةً للتقسيمِ والانفصالِ. ولا يخالَنَّ خائلٌ، إذا سقطَتْ مؤسسات الدولةِ، أنَّ يدًا عُليا تحمي الجبلَ أو سياجًا من الغيبِ يقيه العصف. كما لابدَّ من قيام مؤسساتِ الدولةِ بواجباتِها تِجاهِ أبناءِ الجبل. فالدولةُ السوريَّةُ أمينةٌ والموحِّدونَ الدُّروزُ أمانةٌ، يَجدُرُ بالكبارِ الحفاظُ عليها. والأملُ أن تضعَ الدولةُ يدَها بيدِ أبناءِ جبلِ الكرامةِ… فالأزماتُ والمحنُ والمؤامراتُ تَعبُرُ مهما تعاظَمَت، ووحدَهُ الوطنُ يبقى حاضنًا للجميعِ عاجلًا كان أم آجلًا.
إخواني أبناءَ جبلِ العربِ
راجيًا أن تتقبلوا من العبدِ الفقيرِ مناشدَتي هذه بقلوبٍ مفتوحةٍ وعقولٍ مستنيرةٍ، كما عَهَدناكم.. أستودعُكم الله على أملِ لُقياكم قريبًا وأنتم وجبل الريان في تمام الخير والعافية..
الجمعة 23 صَفَر 1444 هـ
الموافق في 08 أيلول 2023