ناقلة النفط الإيرانية «هزت العالم»… وفد الكونغرس للمسؤولين : «روحوا جيبوا الغاز عبر سوريا»
رضوان الذيب | كاتب وباحث لبناني
سمع المسؤولون اللبنانيون من وفد الكونغرس الأميركي كلاما واضحا وصريحا «روحوا جيبوا الغاز من سوريا»، وهذا الكلام كشف عنه نواب في «تيار المستقبل» بوضوح وقالوا ان الوفد الأميركي أعلن هذه المواقف صراحة وفي هذا الوضوح ، من هنا ايّد النائب هادي حبيش زيارة الوزراء الى سوريا اذا أمنت الغاز، لان الزيارة مغطاة من وفد الكونغرس.
فالكلام الأميركي ترك ارتياحا عند البعض، وازعج في المقابل البعض الآخر الذي لم يتعلم من دروس التاريخ وكيف تركت أميركا حلفاءها في فيتنام وافغانستان والعراق ولبنان بعد حرب تموز، وكيف تتراجع الآن عن دعم حلفائها الخليجيين، وتستعد للانسحاب من سوريا بعد ان اخلت الاسبوع الماضي اهم ٣ قواعد عسكرية، وسيدفع الأكراد ثمن رهانهم على الأميركيينن وسيتحولون الى» خروف العيد» رغم دعوات المسؤولين الاميركيين وتشجيعهم في الاجتماع الأخير مع» قسد» بالانفتاح على الدولة السورية، وهذا ما دفعهم الى استئناف المفاوضات مع دمشق بغطاء اميركي ، فيما المسلحون في درعا البلد يدفعون ثمن انخراطهم في المشروع الأميركي وهم أمام خيار واحد، المغادرة او الاستسلام ، ويماطلون بانتظار «الترياق الأميركي «من القواعد في العراق ولن يأتي ابدا.
وفي المعلومات المؤكدة، ان تزويد لبنان بالغاز المصري كان على طاولة الاجتماع بين ملك الاردن والرئيس الأميركي في واشنطن وبين عبدالله والسيسي، الذين اخذوا قرارا واضحا في تسريع وصول الغاز المصري لتجنب سقوط الدولة كليا بيد حزب الله بعد قرار السيد حسن نصرالله باستيراد النفط الإيراني الذي «هز العالم» وبدّل المعادلات وجعل الدول الكبرى عاجزة عن اتخاذ اي قرار قد يدحرج الأمور الى حرب شاملة لاتريدها واشنطن و»اسرائيل» في هذا الظرف ، بل على العكس، فإن الاردن ومصر قاما باتصالات مع الجانب السوري الذي أبدى موافقته، وسيعقد غدا اجتماع مصري – اردني – سوري لبناني في عمان لبحث ملف الغاز المصري ووصوله الى لبنان بسرعة قياسية، علما ان هذا المشروع يبحث منذ سنوات ومعطل بقرار اميركي، كما سيتم البحث بملف استجرار الكهرباء من الاردن في ظل الفائض في قطاع الكهرباء، وهذه التحولات ليست «منة» بل فرضتها ناقلة النفط الإيرانية التي وصلت اولا و»شمت الحبق» والثانية والثالثة والرابعة على الطريق، وتلقى الأميركيون اول صفعة حقيقية في لبنان بعد تحرير الجنوب وانتصار تموز، ستدفعهم الى المزيد من التنازلات.
وحسب مصادر متابعة، ان الرئيس المكلف أبلغ المحيطين به، ان الأميركيين والاوروبيين وعدوه بتقديم ٣ مليارات دولار فور تأليف الحكومة، وهذا ما ابلغوه الى الرئيس عون، كما أبلغ وفد الكونغرس ان عمليات الدعم ستشمل الجيش اللبناني وامكانية تغطية البدل المالي، مع دعم شامل لكل القطاعات المتعثرة من أجل دفع الدولة للاستغناء عن النفط الإيراني الذي ساهم وصوله الى بانياس بتبدل جذري في الحصار الأميركي وتخفيقه، علما ان هذه البواخر ستشكل دعما للسوق السوري أيضا، في حين أعلن ممثلين عن الامم المتحدة في لبنان دراسة فكرة دعم بواخر المحروقات، لكن المشكلة ان الدولة لم تستغل الفرصة ومتمسكة بسياسة الاحتكارات التي تدار من الفريق السياسي الحاكم في البلد بكل تلاوينه، وهو السبب وراء كل الأزمات.
وتبين حسب المصادر، ان الطبقة السياسية تحاصر اللبنانيين جميعا بسياسة الوكالات الحصرية، و كشفت المعلومات الأخيرة ان نصف اللبنانيين باتوا يحصلون على دوائهم من سوريا وتركيا ودول الخليج وفرنسا واوروبا، وان كل لبناني يأتي الى البلد في حقيبته صيدلية دواء وكلها بأسعار ارخص من السوق اللبناني، فيما السوق السوري يؤمّن الدواء لكل عائلات ٨ آذار تقريبا، وتمدد الآن ليشمل مناطق محسوبة على ١٤ آذار بأسعار لاتقارن بالسوق اللبناني، واعترف رئيس تيار التوحيد العربي وئام وهاب انه يؤمّن الدواء السوري لأكثر من ٤ آلاف عائلة لبنانية، ولم تسجل شكوى واحدة من فاعلية الدواء السوري او الإيراني.
ومن المعلوم ان منتج الدواء السوري مصدره ألمانيا وتحديدا للأمراض المزمنة وفرق الأسعار يصل الى ٨٠ بالماية، وهذا الأمر يسري على المواد الغذائية، وتبقى المشكلة بان الاستيراد محصور بيد عدد من التجار يتحكمون بالسوق دون حسيب او رقيب، و يمنعون استفادة اللبنانيين من تنوع الاستيراد، وتقول المصادر ان الخشية من الدواء السوري وراءها مافيات محلية لاتفهم الا سياسة الربح والجشع ولو مات كل اللبنانيين، والغاء الوكالات وحده فقط المدخل الى احداث ثورة حقيقية في إدارة البلد والبدء بمسار واضح لتخفيف الحصار والأسعار، وكل المعالجات الأخرى ترقيعية ، بالإضافة لى ضرورة توحيد الفاتورة الصحية.
وتضيف المصادر، النفط الإيراني في السوق اللبناني «شاء من شاء وابى من ابى» وسيساهم في التخفيف من معاناة اللبنانيين اذا أحسنت الدولة إدارة الملف الاقتصادي عبر سياسات جديدة تدفن كل السيئات الاقتصادية منذ التسعينات، ولو اعتمدت الدولة خيار حزب الله والاستيراد من إيران وغيرها حسب العرض والطلب لكان لبنان صفر أزمات ولم يخسر اكثر من ٦٠ الى ٧٠ مليار دولار على الكهرباء ومليارات أخرى على دعم الفيول، وها هي الشركات الصينية توسّع ميناء حيفا في الكيان الغاصب و الشركات الصينية والروسية تغزو الخليج ومصر، فيما لبنان يدار بعقلية «الخزمتشية» و «عنزة ولو طارت « وعقلية التعالي «والشحاذة « بشرف، ولاحل الا اذا احسن لبنان إدارة الملفات كدولة قوية وباستقلالية كاملة تحفظ مصالحه وثرواته، لكن المشكلة في البلد ان البعض ما زالوا يعتبرون «ان العالم ورقة بأيديهم وبايدن لايتحرك الا على التوقيت اللبناني»، ونسي هؤلاء انه لولا ناقلة النفط الإيرانية فلا احد مستعد للتحرك نحو لبنان في ظل قناعة الديبلوماسيين المتواجدين في بيروت «استحالة الإصلاح والانقاذ مع الطقم السياسي الحالي»…