كمال ذبيان | كاتب وباحث لبناني
تحدث رئيس الحكومة نجيب ميقاتي عن ان كلفة الدعم للمحروقات والدواء والطحين ومواد غذائية بلغت خلال عام نحو 16 مليار دولار، متسائلا كيف صرف هذا المبلغ الذي كان يمكن استخدامه في بناء وتجهيز معامل انتاج كهرباء او في قطاعات اخرى تخفف العجز في الموازنة.
ما كشفه الرئيس ميقاتي يجب ألا يقف عند حدود تسجيل موقف او ابراز معلومة من اجل المعلومة فقط وان رئيس الحكومة مطلع بل عليه ان يكون شفافا ويذهب الى الهيئات الرقابية في الدولة من ديوان المحاسبة والتفتيش المركزي وما يتفرع عنه بطلب التدقيق والتحقيق لاطلاع اللبنانيين على ماذا صرف هذا المبلغ، وكيف ولمن وهل ان الارقام مطابقة لجهة الصرف في المكان الصحيح وماذا استفاد اللبنانيون؟
هذه اسئلة مطروحة على الحكومة الجديدة ورئيسها كما كان على رئيس الجمهورية ميشال عون الذي هو صاحب مشروع التدقيق المالي الجنائي ويصرّ عليه لمعرفة اين صرفت الاموال المقدرة بـ 85 مليار دولار هي خسائر تكبدها اللبنانيون وتوزعت على مصرف لبنان والمصارف والدولة اللبنانية الممثلة بمؤسساتها والحكومات المتعاقبة ومجالس النواب. اذ يقول خبير مالي بأن المبلغ المصروف على الدعم يجب ان يظهر بالتفصيل وان تضعه الحكومة الجديدة في اولوياتها وتقدم كشف حساب للمواطنين، وهذه مسؤولية الحكومة السابقة برئاسة حسان دياب ايضا التي يقع عليها اولا ان تقوم بهذه المهمة كما على مجلس النواب، وتحديدا لجنة المال والموازنة ان تساهم في تبيان صرف هذا المبلغ حيث الفترة قريبة جدا للطلب من شركات النفط تقديم كشوفات بالكميات والدعم الذي تلقوه من مصرف لبنان وما الكمية التي استهلكتها السوق اللبنانية من المحروقات فتظهر من خلال ذلك الكميات المهربة التي يجب الكشف عن من يقوم بها ويقف وراءها، اذ ومنذ نحو عامين والحديث يدور حول التهريب للمحروقات كما للدواء فهل توصلت الاجهزة الامنية والرقابية الى معرفة من يهرّب هذه المواد لا سيما المدعومة من لبنان؟
وما ينطبق على المحروقات يطال الادوية والطحين، اذ لا يمكن ان يمرّ مبلغ 16 مليار دولار دون ان تقدم وزارة المال كشفا بالمدفوعات ومعها مصرف لبنان، لان هذا الرقم يستلزم انعقاد لجنة المال والموازنة، للتدقيق بالارقام، لان من مهامها وصلاحياتها اي المساءلة والمحاسبة. اذ يشير الخبير الى ان المقارنة في ارقام الاستيراد، هي التي تعطي ثقة بادارة اموال الدعم، التي كان المواطن خلال هذه الفترة يعاني من الاذلال امام محطات المحروقات، وفقدان الدواء، والارتفاع الخيالي للاسعار، وعليه يجب معرفة مدى الجدوى الاقتصادية من الدعم الذي توقف عن المازوت، وسيطال البنزين الذي ما زال يسعّر على 14 الف ليرة للدولار حاليا، كما ان سعر ربطة الخبز ارتفع خمسة اضعاف واكثر على ما كان عليه، منذ بداية الازمة المالية، وهنا يؤكد الخبير المالي على ضرورة ان يصدر جدول مالي، يبين الافادة من الدعم، وهل الارقام حقيقية، اذ ان المعلومات تشير الى استعادة التجار والشركات و «كارتيلات» الاحتكار من الدعم اكثر منه المواطن الذي فقد القدرة الشرائية بالكامل، في ظل الدعم المزعوم.
ان التدقيق المالي الجنائي يجب ان يبدأ مما حدث خلال عام، لصرف مبلغ 16 مليار دولار على الدعم، وهذا ما يجب على الرئيس عون ان يطلبه، لان الانفاق حصل في عهده وتحت اشرافه، ولا يمكن تحميله لجهات سياسية اخرى، بانها هي من ارتكب ذلك، وقد يكون المبلغ المذكور قد صرف في مكانه، ولكن الثقة مفقودة، لا بل معدومة بالمسؤولين، في اي مركز كانوا من الاعلى الى الادنى، وهذا ما يجب على رئيس الجمهورية ان يفعله، في اظهار حقيقة صرف المبلغ في مكانه وزمانه وللاهداف التي وضع من اجلها.