كمال ذبيان | كاتب وباحث لبناني
لم يتمكن الرئيس سعد الحريري من تشكيل الحكومة، لان السعودية لم تفتح له الابواب، فاعتذر بعد نحو اكثر من عام، ليسمى الرئيس نجيب ميقاتي بديلا عنه، وتعاطت معه المملكة على انه والحريري «وجها لعملة واحدة» وانتظرته لتأليف الحكومة حتى تقول رأيها، وعندما صدرت مراسيم التشكيل امتنعت عن التعليق، وغادر سفيرها وليد البخاري الى الرياض، بطلب من حكومته بعدم رضى، فلم يتلق ميقاتي التهنئة بولادة الحكومة من دول مجلس التعاون الخليجي سوى من الكويت وترحيب ايجابي من قطر.
فالموقف السعودي من حكومة ميقاتي سابق لاستعادة بث مقاطع من مقابلة تلفزيونية لوزير الاعلام جورج قرداحي، عبّر فيها عن رأيه في ما يحدث في اليمن من حرب عبثية كما قال، ودافع عما يتعرض له الشعب من قتل ودمار ومآس انسانية، حيث استغل هذا الحديث الذي جرى مع قرداحي في مطلع آب من العام الحالي وقبل ان يعين وزيرا، وهو المعروف بمواقفه المؤيدة للمقاومة ولسوريا ورئيسها بشار الاسد الذي وصفه قبل سنوات «برجل العام»، الا ان تظهير موقف وزير الاعلام، الهدف منه ليس شخصه بل الحكومة التي تشكلت بتوافق فرنسي – ايراني، من خلال صفقة النفط التي حصلت عليها باريس في العراق بقيمة 27 مليار دولار، فاعتبرتها السعودية، انها حكومة «حزب الله» ولا يمكن ان تؤيدها وتعطيها التسهيلات، وان الموقف السعودي من الحريري كان على خلفية انه تنازل امام «حزب الله» ومكنّه من السيطرة على لبنان وقراره السياسي، وفق مصادر سياسية ، تنقل عن مسؤولين سعوديين استياءهم مما يجري في لبنان الذي بات تحت النفوذ الايراني باعتراف مسؤولين في طهران يتقدمهم قائد «فيلق القدس في الحرس الثوري الايراني» قاسم سليماني قبل اغتياله، وبان الاكثرية النيابية فيه هي «لحزب الله» وحلفائه، واعلن علي اكبر ولايتي قبل اربع سنوات، واثر لقائه رئيس الحكومة سعد الحريري في السراي، بان بيروت هي من العواصم الاربع التي لايران نفوذ فيها، فكان ان دفع الحريري الثمن باستدعائه الى الرياض في 4 تشرين الثاني 2017، والطلب اليه تقديم استقالته، وهذا ما فعله، وبقي في المملكة الى ان اخرجه منها الرئيس الفرنسي مانويل ماكرون.
فالازمة الدبلوماسية التي ظهرت مع لبنان، اثر الاجراءات السعودية، بعودة السفير اللبناني الى بيروت، ووقف الاستيراد من لبنان، دون المس باللبنانيين العاملين في المملكة او دول خليجية اخرى، وهو قرار ايجابي، لا بدّ من ان تنشط الاتصالات بين بيروت والرياض لمعالجة الازمة، وهو ما اعلن عنه الرئيس ميقاتي، اذ تكشف المصادر عن ان وسيطا او اكثر قد يدخل على خط العلاقة اللبنانية – السعودية، لاعادة وصل ما انقطع، وقد تكون الكويت احدى الدول التي ستتقدم نحو الوساطة، التي نجحت فيها بين قطر والسعودية والامارات والبحرين.
وقد يساعد الحوار السعودي – الايراني الذي يرعاه العراق منذ اشهر، في ان يكون لبنان والعلاقة معه، احد المواضيع المطروحة على طاولة البحث لان «حزب الله» الذي تشكو الرياض منه، يقف عند حدودها مع الحوثيين، فلا يمكن ان تعطيه في لبنان، تقول المصادر، التي ترى ان الحكومة التي علقت جلساتها بسبب المحقق العدلي في انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار، فانها لن تقدم استقالتها كما ظهر من موقف رئيسها، الذي يترك للوساطات ان تخفف من التوتر مع المملكة.