فاطمة شكر | كاتبة واعلامية .
لم يكن مستغربًا ما قام به رئيس وزراء العدو نتنياهو عندما شن حرباً على قطاع غزة . فشله الذريع في الحياة السياسية ، وملفات الفساد المتراكمة التي أدانته ولا زالت تنهي حياته السياسية .كل هذا دفع به الى ان يشن حرباً على قطاع غزة غايته تعديل موقفه الذي بات ضعيفاً.
فبعد فشله في تشكيل حكومته ، قام بالتوجه نحو المستوطنين والمتطرفين من أجل أن يستميل هذه الفئة العنصرية التي تعدت على المصلين في المسجد الأقصى ، إضافة الى أن هذه الفئة العنصرية المتطرفة تصر على إبادة الفلسطينيين . هذا التقارب بين نتنياهو والمتطرفين الصهاينة زاد من عزل القادة والأحزاب اليسارية والوسطية .
على مقلبٍ آخر يستمر نتنياهو في التوجه نحو إجراء انتخابات خامسة بعد فشله في الرابعة من أجل أن يشكل حكومة بقيادته تمكنه من البقاء لعامين ،مما يتثنى له أن يكون مراقبًا على الملف النووي و المفاوضات الأمريكية الإيرانية ، والأزمة السورية ، إضافةً الى موجة التطبيع مع إسرائيل التي بدأت بها بعض الدول الخليجية والتي باتت علنية .
على مقلب آخر تغيرت قواعد الحرب في فلسطين ، وبحسب مراقبين ومحللين فإن الإنتصار الذي حققته المقاومة في غزة يعود للتضامن والتكاتف بين فلسطينيي ال ٤٨ مع سكان قطاع غزة ، إضافة الى الوعي والجرأة عند الشباب الفلسطينيين ، والتضامن الشعبي مع هذه القضية كما أن المواكبة الإعلامية أظهرت مدى الوعي عند الشباب في المواجهات من وعي وحيوية وجرأة واقدام . كل هذا وضع فصائل المقاومة الفلسطينية ومحور المقاومة امام تحدٍ كبير وهو أن القدس يتعرض لعملية تهويد منظمة ، إضافةً الى اعتداءات الجنود والمستوطنين على المصلين في القدس ، ومنعهم من الصلاة .
اندلعت الحرب ١١ يوماً من الاعتداءات على قطاع غزة المحاصر ، لكن المقاومة الفلسطينية قصفت إسرائيل ، قاتلت المقاومة بكل دقة وروية ، أوقعت الكثير من الخسائر ، قتلت دمرت وعطلت الحياة في كل اسرائيل ، وكشفت عن عجز القبة الحديدية ، وهذا ما دفع العدو لقصف المنشآت المدنية والأبراج في القطاع .
التضامن القطري والتركي والايراني ودول محور المقاومة مع ما جرى في فلسطين المحتلة والدعم المصري للقطاع ، دفع بإسرائيل الى التراجع عن استمرارها في حربها .قدمت فلسطين عشرات الشهداء وعادت الاشتباكات المسلحة في الضفة” ٤٨ اشتباك وعملية” وقطع المنتفضون طرق وحاصروا المستوطنين واربكوا حواجز تقطيع اوصال الضفة الغربية . أما في فلسطين ال٤٨ انتفضت اللد وام الفحم وسيطر العرب فيها على المدن واحرقت سيارات للشرطة و نفذوا عمليات دهس على الحواجز أوقت العديد من الاسرائيليين بين جريح وقتيل .
طالبت إسرائيل بوقف اطلاق النار ،والتزم الطرفان بذلك ، لكن ما بعد هذه الحرب ليس كما قبلها ، كل شيء تغير ، محور المقاومة صار أقوى ، كل الدول العربية التي طبعت مع العدو أصيبت في الصميم ، إيران صارت أقوى والمفاوضات مع ادارة بايدن مستمرة ، تكاتفُ وتضامن في فلسطين ووعي شعبي بأن الأرض ستتحرر ولا مكان للإسرائيليين .
بهذا يكون نتنياهو قد خسر الرهان عَلى المستوطنين العنصريين ، لا بل ودفع البعض من الإسرائيليين الى مغادرة الأراضي المحتلة ، وزاد من خسائره السياسية والعسكرية ، ورسم بغبائه خارطة جديدة للحرب مع فلسطين ومحور المقاومة .
مركز بيروت للأخبار