من وراء تدمير “كاخوفسكايا”.. تسع حقائق لا تقبل الجدل ضد كييف

تحت هذا العنوان نشر المراسل العسكري لجريدة “كومسومولسكايا برافدا” ألكسندر كوتس، مقالا تناول فيه الأسباب التي تشير بأصابع الاتهام إلى ضلوع نظام كييف في تدمير محطة كاخوفسكايا.

جاء في المقال:

من هاجم السد؟

من المثير للدهشة ألا تتوحد وسائل الإعلام الغربية، الموالية تقليديا لأوكرانيا، على موقف واحد. حيث تم تقسيم هؤلاء إلى أولئك الذين اعتادوا إلقاء اللوم على روسيا في كل شيء، وأولئك الذين يتظاهرون بعدم فهم من ارتكب هذا العمل الإرهابي الذي تسبب في عواقب وخيمة. حتى البيت الأبيض كان محايدا على نحو غير معهود، بتعليقه أن ليس لديهم دليل على أن روسيا كان بإمكانها فعل ذلك. فماذا عن أوكرانيا إذن؟ يبقى السؤال معلقا في الهواء، تماما كما ظلت صور الأقمار الصناعية لإطلاق صاروخ بوك على طائرة بوينغ الماليزية في دونباس، والتي تمتلكها الولايات المتحدة الأمريكية، ويزعم أنها نقلت إلى فريق التحقيق الدولي، إلا أن أحدا لم يعرضها علنا.

لنطرح السؤال التالي أولا:

من يتضرر مما حدث؟

1- إن الضفة اليسرى لنهر الدنيبر في منطقة خيرسون، والتي تخضع للسيطرة الروسية، أدنى كثيرا من الضفة اليمنى التي تسيطر عليها أوكرانيا. وقد بنينا خط الدفاع بطول الساحل، والذي يتضمن حقول ألغام. وكانت وحداتنا العسكرية تعمل باستمرار في الجزر (حيث يوجد الكثير منها في الروافد الدنيا من نهر الدنيبر)، وتلك الوحدات كانت تتصدى لمجموعات التخريب المعادية، وكانت تتيح لنا الفرصة لمراقبة محاولات إنزال القوات المسلحة الأوكرانية على شواطئنا عن بعد، والإبلاغ مقدما عن تحركات مجموعات الاستطلاع والتخريب على متن القوارب. اليوم غمرت المياه الجزر، وجرف تيار قوي حقول الألغام.

2- تتفرع من خزان كاخوفكا أعلى السد قناة تزود شبه جزيرة القرم بالمياه، وقد عملنا جاهدين لإعادة إمدادات المياه لشبه جزيرة القرم التي كانت تعاني من نقص المياه (بسبب غلق أوكرانيا لتلك القناة بعد 2014)، فكيف يمكننا تعريض شبه الجزيرة للخطر مرة أخرى؟

3- يتم توفير المياه لمدينة إنيرغودار، وتبريد المفاعلات النووية في محطة زابوروجيه للطاقة النووية بواسطة خزان كاخوفكا، وانخفاض منسوب المياه في الخزان جراء تسرب المياه يعرض تشغيل محطة الطاقة النووية للخطر. ومع ذلك، فلا زالت العواقب صعبة على التقييم، لأن الوضع في مرحلة التدهور. ولا يزال من غير المعروف ما إذا كان الجزء الباقي من سد كاخوفكا سيصمد أم لا.

4- إن تدمير البوابات سيؤثر حتما على الأراضي الزراعية في مناطق خيرسون وزابوروجيه التي نسيطر عليها نحن. وبدون نظام الري الحقلي، الذي من المرجح أنه سيتضرر بشكل خطير، ستتحول الأراضي الخصبة إلى سهوب جافة، كما حدث في شبه جزيرة القرم، بعد أن أغلقت أوكرانيا الصنبور على شبه الجزيرة في عام 2014، وتلك الأراضي لم تنتعش بالكامل بعد.

5- اليوم، سوف يتعين على السلطات الروسية المحلية القيام بعمل غير مسبوق في إجلاء السكان من المناطق المتضررة، وتحويل القوات والوسائل التي يمكن استخدامها للدفاع للتعامل مع تداعيات الحادث. فقد تم تدمير قرى بأكملها جراء الفيضانات، والتي سيتعين بعد ذلك إعادة بنائها. في نهاية المطاف، وإذا كان ذلك قرارنا نحن بإغراق الجزر، كان من الممكن تحقيق ذلك ببساطة من خلال فتح بوابات محطات الطاقة الكهرومائية الخاضعة لسيطرتنا، وفعل ذلك دون الحاجة إلى الإضرار بالقرى الساحلية.

والآن من يستفيد مما حدث؟

منطق كييف:

1- السؤال المطروح على الفور: لماذا بدأت أوكرانيا، قبل أيام قليلة من الهجوم على محطة كاخوفسكايا، في رفع مستوى تصريف المياه عبر محطة “دنيبرو” الكهرومائية الأعلى على مجرى النهر؟ هل هناك منطق هندسي وراء ذلك؟ لم تكن هناك أمطار غزيرة، ولا فيضانات الربيع. في الوقت نفسه، فإن تلك البوابات، وحتى بعد وقوع الحادث، لم تغلق حتى الآن!

لماذا؟

إن أحدا لم يدرس بعد، في نهاية المطاف، درجة الضرر التي لحقت بسد كاخوفكا، وهناك احتمال لمزيد من الدمار مع المزيد من العواقب الكارثية، ولم يعد من الممكن تجنب الكوارث البيئية، حيث بدأ وباء الأسماك، وجرفت المقابر، ومدافن القمامة بالمياه المنسكبة، والماشية تموت..

ولكن، في حالة الانهيار الكامل لمحطة الكهرومائية في كاخوفسكايا بإن كل شيء في اتجاه مجرى النهر، حالة انهيار السد سيموت. إلا أن كييف، في هذه الحالة، ستكون قادرة على أن تؤجل استمرار هجومها الذي وعدت الغرب به، لكنه تأخر طويلا. وسيكون بإمكانها صرف انتباه الغرب عن طريق الشروع، على سبيل المثال، في تحقيق دولي، كما كان الحال في عام 2014، عندما أسقطت أوكرانيا طائرة البوينغ في سماء دونباس، حينما كانت جبهتها تتصدع هناك، وكانت بحاجة إلى استفزاز غير مسبوق لوقف تقدم قوات المقاومة في دونباس، وبحاجة لإعادة تجميع صفوفها.

نعم، نحن في روسيا لسنا في دور المهاجمين، إلا أن ما يحدث بشأن “الهجوم المضاد” من قبل القوات المسلحة الأوكرانية، لا يسير على مايرام، ومن الواضح أنه لم ينجح “سيناريو خاركوف” العام الماضي. وعند أول ضغط هائل، لم تنهار تشكيلاتنا الدفاعية، ولم يكن هناك فقدان للسيطرة كما توقعوا، بل على العكس، قبلنا المعركة، وخرجنا منتصرين، فيما تستمر مطالبات “الشركاء الغربيين”، ممن راهنوا بمليارات الدولارات على كييف، بشرح للأسباب، وها هي “العقبة” المناسبة.

2- ليست تلك هي المرة الأولى التي تلجأ فيها أوكرانيا إلى مثل هذه الحيلة التكتيكية. أذكر في بداية العملية العسكرية الروسية الخاصة، وكنت أعمل في وقتها بمنطقة كييف. وفي مرحلة ما، اصطدمت وحداتنا بحاجز طبيعي هو نهر إربين، فبنت الوحدات طوافات من خلاله، وتم نقل المظليين إلى الجانب الآخر لتشكيل رأس جسر. قام نظام كييف حينها بتفجير السد الذي جرف معابرنا، وكان العبور وقتها صعبا للغاية.

كذلك فعل العدو في السدود الموجودة بالقرب من أرتيوموفسك، من أجل إعاقة تقدم قواتنا الهجومية على الأجنحة من خلال الفيضانات.

في النهاية، فقد اعترف أحد القادة الأوكرانيين لوسائل الإعلام الغربية، لوسائل الإعلام الغربية ديسمبر الماضي بالهجمات على سد كاخوفسكايا في مقابلة مع “واشنطن بوست”، حيث فكر اللواء أندريه كوفالتشوك في إغراق النهر، وقال إن الأوكرانيين نفذوا قصفا اختباريا بواسطة قذائف “هيمارس” على أحد بوابات سد كاخوفسكايا، حيث أحدثوا 3 ثقوب في الجسم المعدني للسد لمعرفة ما إذا كانت مياه نهر دنيبر يمكن أن ترتفع بما فيه الكفاية لمنع المعابر الروسية، ولكن ليس لإغراق المناطق المجاورة للقرى. وقال كوفالتشوك إن “الاختبار كان ناجحا”.

لكن طوال هذه الأشهر، كان العدو يقصف باستمرار محطة الطاقة الكهرومائية، وهناك الكثير من الأدلة بالفيديو. ربما لم يتوقعوا تأثير الضرر المتراكم.

3- نعم، من غير المحتمل أننا كنا نخطط لعبور نهر الدنيبر في المستقبل القريب، إلا أن القيادة الأوكرانية لم تستطع إلا أن تأخذ خطوة كهذه في الحسبان. لهذا، شئنا أم أبينا، كان من الضروري وضع عدد مناسب من القوات على الضفة اليمنى من النهر تحسبا. اليوم، انخفض احتمال العبور إلى الصفر، وأصبح بإمكان كييف أن تنقل وحداتها الموجودة في خيرسون إلى قطاعات أخرى من الجبهة تحتاجها على نحو أكثر إلحاحا من وجهة نظرها. وقد حصلوا بذلك على الهدنة المطلوبة لذلك.

بماذا تم قصف محطة كاخوفسكايا لتوليد الطاقة الكهرومائية؟

في واقع الأمر، ليس هذا الأمر بتلك الأهمية، إلا أن هناك عدد من الخيارات الممكنة:

  1. ذخائر “هيمارس” دقيقة التوجيه، كما قال الجنرال أندريه كوفالتشوك من القوات المسلحة الأوكرانية.
  2. المدفعية الثقيلة، إلا أن هذه أقل احتمالا لأنها ليست بنفس الدقة، وسيتم رصد عملها من جانبنا.
  3. هناك رواية يتم عرضها في وسائل الإعلام الغربية بالقصف من مركبة بحرية مسيرة على الماء، أو تحت الماء، نحو متفجرات موضوعة سلفا على جسم السد. وقد تم تدريب المتخصصين الذين يمكنهم القيام بذلك من قبل البريطانيين لسنوات عديدة في مركز Ochakov البحري. ربما لم يتمكنوا من تفجير المتفجرات الموضوعة سلفا عن بعد، وقرروا الشروع في التفجير بواسطة قارب مسير، مثل تلك القوارب التي هاجمت مؤخرا سفينتنا “إيفان خورس” دون جدوى في البحر الأسود.
  4. انهيار بوابة السد من تلقاء نفسها بسبب القصف المستمر سيناريو ضعيف الاحتمال، حيث تم اختيار التوقيت بشكل مناسب للغاية، وكذلك المكان الأكثر ضعفا وهشاشة وأهمية في هيكل السد.

 

Exit mobile version