تحليلات و ابحاث

منتدى دولي لترسيخ نهج المواجهة والمقاومة في مواجهة مخططات التطبيع

ضمن فعاليات المنتدى الاجتماعي الاقتصادي العالمي، قامت الحملة الأكاديمية الدولية لمناهضة الاحتلال الصهيوني والضم بالشراكة مع المنتدى الاجتماعي الفلسطيني والمنتدي الاجتماعي مشرق المغرب ومنتدى بدائل الدولي بتنظيم ندوة رقمية هدفها المساهمة في تحديد الدرجة التي تساهم فيها الحركات السياسية والاجتماعية الاكاديمية العربية في مقاطعة الاحتلال الاسرائيلي ومقاومة موجة التطبيع التي انتشرت مؤخراً في العالم العربي والاسلامي، ومن ثم استعراض النماذج الناجحة والقابلة للتعلم من التجارب العربية في مناهضة الاحتلال والتطبيع.

هذه الحملة الأكاديمية كان قد أطلقها أكاديميون من فلسطين وخارجها ضمن فعاليات إحياء يوم التضامن مع الشعب الفلسطيني في ال 29 من تشرين الثاني وذلك من أجل نصرة القضية الفلسطينية من قبل النخب الأكاديمية والخبراء والمثقفين من مختلف دول العالم، ومواجهة الاحتلال وخططه التوسعية في الأراضي الفلسطينية ومناهضة التطبيع.

وكانت كلمة الافتتاح في هذه الندوة للدكتور رمزي عودة منسق الحملة الأكاديمية الدولية لمناهضة الاحتلال ومخطط الضم حيث قال فيها إنه من حق الشعوب العربية والانسانية جمعاء مقاومة الاحتلال والتطبيع بإعتبار أن الاحتلال يخالف فطرة الانسان وطبيعته المفضية للتحرر والانعتاق.

من جهتها نوهت الاستاذة ماجدة المصري عضو اللجنة الوطنية الفلسطينية للمقاطعة بأهمية تشكيل إئتلافات عربية وعالمية تضم مؤسسات المجتمع المدني والأحزاب العربية والقوى الاجتماعية والنسوية المناهضة للاحتلال والتطبيع. وأضافت المصري إن هدف هذا الائتلاف يجب أن يتمحور حول عزل اسرائيل ومقاطعة هذا الكيان الغاصب.

كما بيّن الدكتور علاء حمودة نائب منسق الحملة الاكاديمية الدولية أن الهدف في الوقت الحاضر ينصب في تنظيم حملة أكاديمية تهدف الى منع قبول الطلبة مزدوجي الجنسية في الجامعات الاوروبية والذين خدموا عسكرياً في الاراضي المحتلة عام 1967 وفي المستوطنات الصهيونية في الضفة الغربية. وأشار الدكتور حمودة الى الدور المهم الذي يلعبه الاكاديميون في مقارعة الاحتلال بالقلم والعقل والبحث.

وفي كلمته عن انتشار موجة التطبيع في الوطن العربي في عهد إدارة ترامب المنتهية ولايتها، أوضح الاستاذ عريب الرنتاوي مدير مركز القدس في الاردن بأنه لا يتوقع قيام إدارة بايدن الجديدة بعكس مسار التطبيع، الا أن التقارب الايراني الأمريكي المتوقع اذا ما تم إعادة إحياء اتفاق 5+1 النووي سيؤدي حتماً الى انحسار موجة التطبيع. وأشار الرنتاوي الى أن مقاومة التطبيع من قبل الشعوب العربية ليست فقط من أجل نصرة الحق الفلسطيني، وإنما هي بالأساس لحماية الدول العربية من الأطماع الصهيونية.

وحول مناهضة التطبيع في المغرب، قال السيد سيون أسيدون من حملة المقاطعة العالمية لاسرائيل أن أجهزة الأمن الاسرائيلية تقوم بإستهداف القوى الحية المغربية المناهضة للاحتلال والتجسس عليها، مشيراً الى أن الشعب المغربي يقظ وحي ضد كل محاولات التطبيع السياحي والأمني والاقتصادي مع الكيان الصهيوني، كما أوضح الناشط المغربي الدكتور أحمد ويحمان، بأنه يلحظ في الآونة الأخيرة إعادة إنتاج روايات أسطورية صهيونية تتعلق بالمغرب، وربط الأماكن الدينية والتاريخية فيها بأساطير التوراة، محذراً في الوقت نفسه من تنامي الأطماع الصهيونية في كل الأقطار المغربية.

وفيما يتعلق بالنموذج اللبناني في مقاومة التطبيع، عرضت الدكتورة لور أبي خليل أهمية مقاومة الاحتلال والتطبيع من أجل الحفاظ على ثروة الشعوب العربية وحماية حقوقها الأساسية في الصحة والتعليم، باعتبار أن التطبيع سيكون على حساب ثروة هذه الشعوب وحظها في التنمية الاقتصادية. وأشارت أبي خليل إلى أهمية تشكيل التجمع الأكاديمي اللبناني في مناصرة الحق الفلسطيني، والذي أنشأ حديثا بهدف القيام بالأبحاث ورفع الوعي الأكاديمي حول حقوق الشعب الفلسطيني الراسخة وتعزيز المقاومة للمشروع الصهيوني. وفي آخر مداخلات المنتدى، أوضح الأستاذ عبد الرسول السطرواي رئيس الجمعية البحرينية لمقاومة التطبيع بأن كل فئات الشعب البحريني والخليجي ترفض التطبيع مع الاحتلال الصهيوني، وتجمع على حق الشعب الفلسطيني في استرداد حقوقه الثابتة وفقاً للقانون الدولي.

الخيارات المتاحة للشعب الفلسطيني والتجارب السابقة

الشعب الفلسطيني والشعوب في المنطقة عليها أن تختار بين حلين لمواجهة الكيان الصهيوني: الحل الأول وهو ترك الصفوف والتخلي عن المواجهة، وهذا يعني الدخول في نفق المفاوضات لتوقيع اتفاقيات مع العدو واللحاق بالدول المطبعة، والحل الثاني هو المواجهة والمقاومة أيا كانت المترتبات والتضحيات.

من المؤكد أن الشعب الفلسطيني هو شعب حي و مقاوم ولا توجد في قاموسه كلمة استسلام او خضوع وهذا هو حال شعوب الأمة الحية بعض النظر عن انظمتها المتخاذلة والخاضعة لسلطة أسيادها الأمريكان، فالشعب الفلسطيني يناضل منذ عشرات السنين من أجل انتزاع حقوقه الطبيعية في القدس والعودة إلى أراضيه، وهذه الحقوق هي جوهر الصراع مع العدو الاسرائيلي ومن خلفه كل الداعمين له وعلى رأسهم الادارة الاميركية وكل الادوات الاقليمية، كل هؤلاء يعملون على شطب القدس وحق العودة من المعادلة ودفع الفلسطينيين لنسيانهما والتخلي عنهما عبر الكثير من وسائل الترهيب والترغيب، ولعل أبرز مثال على هذه الوسائل هو ركوب قطار التطبيع الذي كانت إدارة الرئيس الاميركي الحالي دونالد ترامب تروج له وعملت على تسويقه بالتعاون مع الادوات الاقليمية كمحمد بن سلمان وبن زايد ولكن نتيجة مخططهم واضحة وهي الفشل الحتمي لان لا أحد من الفلسطينيين يريد كما لا احد يستطيع تحمل مسؤولية التفريط بحق العودة وبالقدس كعاصمة ابدية ونهائية لفلسطين.

لذلك نرى أن نهج المواجهة والمقاومة، أثبت عبر التاريخ سواء في فلسطين أم المنطقة ولا سيما في لبنان، أنه الخيار والنهج الأكثر فائدة والأربح لكل من يعتنق هذا الخيار والمبدأ، فالشعب الفلسطيني نفسه رغم كل الحصار والاحتلال والتضييق والظلم استطاع أن يؤكد أنه قادر على هز كيان الاحتلال وعلى رسم قواعد ومعادلات ردع مع العدو، فمن يستطيع أن يردع عدوه إلا من يواجه ويقاوم؟ فمبدأ المقاومة هو الأساس وبعد ذلك نبحث بالتفاصيل حول الشكل والكيفية والتوقيت وغيرها من الأمور التكتيكية، إن خيار المواجهة والمقاومة وعدم الرضوخ هو مبدأ يربح ولا يؤدي إلى الخسارة أو بمعنى آخر فإن نتائج المواجهة والمقاومة تبقى أفضل بكثير من نتائج الرضوخ والخنوع والقعود بمواجهة الاحتلال والظلم. و مخطئ من يعتقد أن التطبيع مع العدو، سهلاً او مفيداً ويحقق نتائج بأقل الخسائر الممكنة، لأن الإمعان في هذه الفرضية ودراسة الحالات التاريخية التي حصلت في هذا المجال مع العدو الاسرائيلي كما حدث مع مصر والأردن تثبت الفشل الذريع والنتائج العكسية.

في النتيجة نجد أن المواجهة والمقاومة ومقارعة المحتل هي السبيل الأنسب والأفضل من بين كل الخيارات المطروحة وهذا ما أثبتت صحته كل التجارب عبر التاريخ ولا سيما في تاريخ الصراع مع العدو الاسرائيلي وراعيه الأمريكي، فهؤلاء لا يعترفون ولا يخشون من يهادنهم ويلهث خلف سياساتهم وينفذ مخططاتهم بل يحسبون ألف حساب لمن يقف بوجههم ويملك القوة المناسبة لإعاقة مشاريعهم الشيطانية، وأيضاً هذا ما أثبتته التجربة الفلسطينية ذاتها، فعندما نقارن النهج الفلسطيني الذي كان يدعو إلى التفاوض مع المحتل وبين التجربة الفلسطينية المقاومة وماذا حققت، نعرف أهمية عدم التنازل عن أي حق من الحقوق أمام محتل غاصب يمعن في انتهاك كل الاعراف والقوانين ولا يتوانى عن التمدد والسيطرة وقضم الحقوق.Type a message

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى