مناورة عسكرية لحزب الله جنوب لبنان.. رسائل متعددة لردع إسرائيل
نقلاً عن موقع الجزيرة
بيروت- تحت اسم “سنعبر”، نفذ حزب الله الأحد مناورة عسكرية في بلدة عرمتي على بعد 20 كيلومترا من “الخط الأزرق” الفاصل بين لبنان وإسرائيل، وبحضور وسائل إعلام محلية ودولية.
جاءت المناورة العسكرية قبل أيام من الذكرى الـ23 لعيد التحرير الموافق 25 مايو/أيار، وشارك فيها 200 من عناصر الحزب الذين استخدموا الأسلحة الحية والثقيلة، واستعرضوا راجمات الصواريخ، فضلا عن محاكاة افتراضية لعملية اقتحام أراضي الاحتلال عبر تفجير الجدار الفاصل.
وعقب انتهاء المناورة، قال رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله هاشم صفي الدين: “شاهدتم اليوم جزءا رمزيا من جهوزية المقاومة”، ووجه تهديدا إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالقول: “إذا فكرتم في توسيع عدوانكم للنيل من المعادلات التي صنعناها بدمائنا وقدرتنا، فسنكون جاهزين لنمطركم بصواريخنا الدقيقة وكل أسلحتنا، وستشهدون أياما سودا لم تروا لها مثيلا”، واعتبر أن “لا ضرورة لعرض الصواريخ الدقيقة، لأن العدو سيرى فعلها في قلب كيانه إذا ارتكب أي حماقة يتجاوز فيها قواعد اللعبة”.
ظروف المناورة
عسكريا، يرى العميد الركن المتقاعد الدكتور هشام جابر أن المناورة وإن كان الهدف منها تدريب عناصر المقاومة وإظهار الأسلحة ومحاكاة عدو افتراضي، فإنها حملت أيضا رسائل متعددة للقريب وللعدو الإسرائيلي، “لإظهار نموذج من بعض إمكانيات حزب الله الهائلة، دفاعا عن لبنان أولا، وتأكيدا على سياسة وحدة الساحات مع فلسطين ثانيا”.
جابر، الذي يترأس مركز الشرق الأوسط للدراسات والعلاقات العامة، يعتقد أن إسرائيل المتهورة راهنا، ستنزعج وتقلق حتما من هكذا مناورة، لأنها تضمر سؤالا إشكاليا: “من سيبدأ الحرب أولا؟”.
وأضاف “ولأن حزب الله لن يكون هو المبادر بالحرب، لأسباب إقليمية وداخلية، فإن المناورة تندرج ضمن الرسائل الإقليمية لإيران، خصوصا أنها جاءت بعد يوم من وصول الدورية الـ86 التابعة للجيش الإيراني إلى المنطقة البحرية الأولى في ميناء بندر عباس”.
كما يعتقد جابر أن إسرائيل لا تريد أن تكون مُطلقة الرصاصة الأولى نحو لبنان، بل ترغب في استدراج حزب الله للمبادرة بالحرب، إذا لم تحظ بغطاء دولي وأميركي تحديدا.
رسائل عدة
يتفق جابر مع المحلل السياسي القريب من حزب الله وسيم بزي، الذي يعتبر أن المناورة جاءت لتكريس توازن الرعب مع إسرائيل، التي تخشى من قوة حزب الله وقدرته على تدمير منصات النفط والغاز لديها.
- تكريس سياسة الردع بوجه إسرائيل في التوقيت والشكل، بعد الهجوم العنيف على غزة.
- منع العدو من المس بقواعد الاشتباك.
- لجم إسرائيل عن الاستفراد بحركة الجهاد الإسلامي انطلاقا من وحدة الساحات وترابطها.
- قطع الطريق على أي مغامرة محتملة لإسرائيلي كما فعلت مع الجهاد في فلسطين.
- رسالة طمأنة لقاعدته الشعبية التي تفاعلت بقوة مع المناورة.
أزمة داخليا
داخليا، وعقب اجتماع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي مع المنسقة الخاصة للأمم المتحدة جوانا ورونيكا، اليوم الاثنين، قال ميقاتي: “الحكومة اللبنانية ترفض أي مظهر يشكل انتقاصا من سلطة الدولة وسيادتها، والإشكالية المتعلقة بموضوع سلاح حزب الله ترتبط بواقع يحتاج إلى وفاق وطني شامل”.
كما صدرت مواقف رافضة للمناورة من قبل خصوم حزب الله السياسيين، فاعتبر مثلا حزب القوات اللبناني عبر نائبه غياث يزبك أن المناورة تشكل استكمالا لانقلاب الحزب على الدولة، باعتباره جيشا نظاميا يملك دويلة. كما وصف زعيم حزب الكتائب سامي الجميل مناورات حزب الله بأنها رسالة تحدٍ للبنانيين أولا، والقمة العربية ثانيا.
وفي السياق ذاته، يذكّر المحلل السياسي أمين قمورية بما ورد في بيان القمة العربية في جدة بشأن لبنان، حيث جاء فيه “التأكيد على حق اللبنانيين في تحرير أو استرجاع مزارع شبعا وتلال كفرشوبا اللبنانية والجزء اللبناني من بلدة الغجر، وحقهم في مقاومة أي اعتداء بالوسائل المشروعة”.
هذا التأكيد -برأي قمورية- قد يقرؤه حزب الله إقرارا ضمنيا عربيا بحق لبنان في الدفاع عن نفسه واسترجاع أراضيه من إسرائيل عبر المقاومة، لأن الجيش اللبناني لا يمتلك قدراته.
ويعود قمورية إلى زيارة وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان الشهر الفائت إلى النقطة صفر من الحدود اللبنانية الإسرائيلية، حيث جدد موقف بلاده الداعم لحزب الله، وبدا ذلك تذكيرا لإسرائيل بأنها محاصرة من قبل حلفاء إيران في المنطقة بين فلسطين ولبنان وسوريا.
ويتوقع قمورية أن يستمر السجال داخليا كالعادة حول مشروعية حزب الله، باعتبار أن قدراته العسكرية تتفوق على لبنان نفسه، من دون أن يؤثر على ما كرسته قواعد الاشتباك.