عمر معربوني – باحث في الشؤون السياسية والعسكرية
يستطيع الأمريكي أن يقول ما يريد، لكن السؤال المنطقي المطروح بقوة : ” هل لا تزال أميركا قادرة على فرض مشروعها ؟ ” .- إذا ما قاربنا مسار المواجهة في المنطقة لوجدنا إخفاقات متتالية في هذا المشروع ودخول المنطقة في مرحلة تحولات كبرى باتت فيها موازين القوى مختلفة ومغايرة لما يريده الأميركي .- من أهم التحولات أن الأوروبيين في مرحلة ضياع بين البقاء تحت المظلة الأميركية والإلتحاق بمشروعي :-
1- خط الشمال الجنوب الذي يبدأ ب بيلوروسيا ويمر بروسيا وأذربيجان – بحر قزوين وصولاً الى السواحل الإيرانية الجنوبية حيث تم مؤخراً افتتاح مرفأ جاباهار ( شابهار ) الذي يسمح بربط السواحل الافريقية والاسيوية بآسيا الوسطى عبر طريق البر والسكك الحديدية بين الشمال والجنوب الذي تقوم إيران بتطويره في محاذاة حدودها الشرقية مع باكستان وأفغانستان .
2- مشروع الحزام والطريق ( طريق الحرير ) والحزام مرتبط بالطريق البري في حين أن الطريق مرتبط بالطريق البحري ، في حين أن إيران تشكل بالنسبة لخط الشمال والجنوب وخط الحزام والطريق الذي يتجه من الشرق إلى الغرب نقطة التقاطع والتوزيع في الاتجاهين ولهذا تكتسب إيران أهمية لدى الأوروبيين وهو ما دعاهم إلى عدم التصويت إلى جانب أميركا في تجديد عقوبات استيراد ايران للأسلحة .
– ورغم أن الموقف الأوروبي لم يتبلور بشكل نهائي حول مشروع الحزام والطريق إلا أن الموقف الفرنسي الذي عبّر عنه وزير الخارجية لو دريان بالقول : إنّ هدف فرنسا ليس قطع الطّريق على الصّين، ولكن يجب إقامة شراكة تستند إلى المعاملة بالمثل في فتح الأسواق ، وهو ما تؤكده إليس إيكمان مسؤولة نشاطات الصّين في المعهد الفرنسي للعلاقات الدوليّة بالنّسبة للحكومة الصّينيّة فإنّه مشروع للدبلوماسيّة الاقتصاديّة والاتصال .
– في المقابل يتم العمل على ما يسمى ” سكة حديد السلام ” الذي أعلنه وزير النقل ” الإسرائيلي ” يسرائيل كاتس خلال زيارته لمسقط في سنة 2018 واختصر الشرح عن المشروع بأنه عملية ربط بين الكيان والأردن والخليج .- حديثاُ تم الإعلان عن مشروع ” الشام الجديدة ” بين العراق والأردن ومصر بتجاهل كامل لأساس بلاد الشام ( سورية ولبنان ) .
– من هنا يجب فهم المبادرة الفرنسية المدعومة ضمناً من ألمانيا وبريطانيا تجاه لبنان على أنها انخراط في حركة المواصلات الجديدة والرغبة في حجز موقع اقتصادي للشراكة في خطوط التجارة ومصادر الطاقة مع ضرورة فهم الموقف الفرنسي بمواجهة تركيا وروسيا للتحكم بأحد مفاتيح خط الحزام والطريق على شواطيء المتوسط .- حتى اللحظة لا رسم نهائي للخرائط وما يحصل هو شكل من أشكال التموضع للبدء بمفاوضات تتقاسم فيها أطراف الصراع خرائط السيطرة التي تبدو متجانسة في أماكن ومتناقضة في أماكن أخرى ما يعني دخول المنطقة مرحلة الإستثمار في التحولات الحاصلة بنتيجة الصراع حتى اللحظة .- الثابت حتى اللحظة أن الشرق الأوسط الجديد ليس شرق غونداليزا رايس ولكنه لم ينتقل بعد إلى المرحلة الجديدة والتي من المؤكد أن إيران فيها إلى جانب روسيا طرفي شراكة أساسية .
– بالنسبة لسورية ستكون محور عملية الربط الاقتصادي للمرحلة القادمة مع التأكيد ان مشروع ” الشام الجديدة ” لن يُكتب له النجاح نظراً للإنقسام الحاد في العراق وهو ما يعني انتقال العراق حكماً كجغرافيا حيوية الى التموضع في مشروع الحزام والطريق .
– لبنان قادم على تحولات كبيرة ستحددها طبيعة العلاقة بين الأوروبيين وايران سيحدد حجمه ودوره عامل قوة الردع الذي بات راجحاً لمصلحة قوى محور المقاومة .